يبدو أن الحديث هذه المرة عن إعادة تصميم وتخطيط ميدان التحرير سيأخذ طابع الجدية, لاسيما أن الميدان ارتبط منذ25 يناير2011 بواحدة من أعظم الثورات التي شهدها العالم, لذا فإنه صار من العلامات المصرية الفارقة تاريخيا. ووسط ما يثار الآن حول تعديلات جديدة سوف يشهدها الميدان فإن هناك مخاوف من تغيير كامل ربما يؤثر علي الشكل التاريخي له ولذا فإن بعض المتخصصين يطالبون بتوخي الحذر والدقة واتباع القواعد العلمية قبل اتخاذ هذه الخطوات. الدكتور سمير غريب رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري قال: إنه منذ مارس عام2011 هناك نقاش دائر مع عدد من المؤسسات والجهات الحكومية وغير الحكومية مثل جمعية المعماريين المصريين وهيئة التخطيط العمراني ونقابة المهندسين والفنانين التشكيليين ومحافظة القاهرة ومجلة مجاز المتخصصة في العمارة وعدد من الفنانين التشكيليين ومجموعة من شباب المعماريين وتجمع المعماريين المصريين المقيمين في دبي وتوصلنا إلي إعداد كراسة شروط تم فيها مراعاة أكثر من بعد مثل إعادة التصميم المعماري والتنسيق الحضاري للميدان بالكامل وتخليد الثورة كحدث تاريخي غير مسبوق مع مراعاة علاقة الجماهير بالميدان التي نشأت منذ حدوث الثورة وحتي الآن والتي أدت إلي إيجاد علاقة جديدة بين المجتمع والعمران, كما راعت كراسة الشروط ضرورة الحفاظ علي المباني التراثية الموجودة في الميدان لأن معظمها مسجل طبقا للقانون رقم144 لسنة2006 الخاص بالحفاظ علي المباني والمنشآت ذات القيمة المتميزة. وأضاف أنه تم أيضا مراعاة وضع شكل جديد للمسابقة يتمثل في معرفة اقتراحات المواطنين للشكل الذي يريدون أن يصبح عليه الميدان فضلا عن ضرورة أن يشارك ممثلون من الجماهير أيضا في لجنة التحكيم الخاصة بالمسابقة. وأوضح أن المسابقة ستتم علي مرحلتين: الأولي مسابقة مفتوحة يحق المشاركة فيها لكل المكاتب الاستشارية المصرية والعربية والأجنبية وللفنانين التشكيليين والمهندسين والمخططين والمصممين المعماريين أما المرحلة الثانية فستكون مقصورة علي الفائزين في المرحلة الأولي بحد أقصي20 فائزا سيتم عمل تصفية نهائية بينهم لاختيار الفائز الحاصل علي المركز الأول الذي سيقوم بتنفيذ المشروع وأشار إلي أنه تم وضع مجموعة من الشروط لمراعاتها عند تنفيذ المشروع منها إعادة تصميم الميدان كمساحة مفتوحة لكل الأنشطة العمرانية بما فيها هايد بارك للتعبير عن الرأي وكذلك حل المشاكل المرورية بالميدان سواء للسيارات أو المشاة وحل مشاكل انتظار السيارات مع مراعاة وجود مساحات خضراء وأوضح أن الحدود الجغرافية بالمسابقة تشمل منطقة ميدان التحرير بالكامل حتي ميدان عبدالمنعم رياض فناحية كورنيش النيل تبدأ من ماسبيرو حتي كوبري قصر النيل حتي تصل إلي ميدان سيمون بوليفار لتمر عبر مداخل الشوارع المحيطة بالميدان مثل قصر العيني ومحمد محمود وشارع التحرير وطلعت حرب وشامبليون حتي ميدان عبد المنعم رياض وأنه تم إرسال نسخة من الكراسة للاتحاد الدولي للمعماريين وكذلك وزارات الإسكان والسياحة والآثار والثقافة وهيئة التخطيط العمراني ومحافظة القاهرة, حيث اتفقنا خلال اجتماع معهم علي أن تقوم كل جهة بوضع تصوراتها حول تطوير الميدان لإضافتها لكراسة الشروط واعتمادها وتوفير التمويل اللازم لها ليتم الإعلان عن المسابقة في خلال شهر أكتوبر المقبل. أضاف د. غريب أنه إذا رست المسابقة علي مكتب استشاري عالمي فلابد أن يستعين بمكتب مصري يشاركه في الاعمال وذلك طبقا للقانون المصري ونوه إلي أنه تم عمل مرفق لكراسة الشروط يضم كل ما كتب عن الثورة والميدان وكذلك مجموعة من الصور والخرائط والمعلومات حول الثورة والميدان. من ناحية أخري شدد الدكتور أبو زيد راجح خبير التخطيط العمراني علي أن يكون التدخل في الميدان في أضيق الحدود وبحذر شديد حتي نحافظ علي الهيكل العمراني للميدان ولا نغير من معالمه التي شاهدها العالم في أثناء وبعد الثورة فالميدان أصبح تراثا حضاريا وتاريخيا كبيرا والتراث لا يتغير بل يبقي كما هو. وأشار إلي أن التدخل الوحيد لابد أن يكون لتخليد شهداء الثورة الذين سقطوا فقط داخل الميدان عن طريق كتابة أسمائهم في مكان معين بالميدان وذلك يجب أن يتم أيضا في جميع ميادين المحافظات التي راح فيها شهداء وأوضح ان فكرة عمل تماثيل وصور تقلل من قيمة الحدث التاريخي وإذا تم التطوير بشكل غير صحيح فإننا بذلك نسيء للشهداء كما حدث في تمثال نجيب محفوظ الرديء, الذي قال عنه عندما رآه قبل وفاته يبدو أن مصمم التمثال لم يراني إلا في فيلم الشحات.