إنها أطلال تبكي زمنا مضي.. تتساءل أين تلك الأيام التي كانت تقف فيها شامخة تزهو بنفسها؟..أيام كان يأتي إليها الزوار من كل أنحاء العالم.. هل مضت هذه الأيام بلا رجعة.. أم هو الحاضر الذي أفقد التاريخ جماله.. شخصيات و مشاهد تحكي تاريخ مصر.. منذ بداية العصر الفرعوني مرورا بالحضارة اليونانية والقبطية والإسلامية وصولا إلي العصر الحديث وحتي ثورة يوليو.. 1952 هذا هو متحف الشمع بحلوان..الذي كان يصنف في وقت ما رابع متحف شمعي علي مستوي العالم بعد متاحف فرنسا وإنجلترا واستراليا..والثاني من حيث الشهرة.. بناه الفنان فؤاد جورج عبد الملاك عام 1934 وكان يضم تماثيل نحتت بمنتهي الدقة و مشاهد مختلفة عبر العصور, ويعد من أشهر المتاحف التعليمية في مصر..خرج من التصنيف العالمي.. وأصبح أطلالا.. وباتت تماثيله عديمة القيمة وجدرانه تعاني من الإهمال وعدم الاهتمام مما أدي إلي صدور قرار بإغلاقه إلي اجل غير معلوم بالرغم من ترميمه قبل إغلاقه بفترة قصيرة.. ولكن ما السبيل لاستعادة هذا التاريخ؟ يقول الدكتور صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيلية: متحف الشمع أنشئ في وقت لم يكن فيه تكنولوجيا عالية فأنشئ بصورة بدائية فتماثيله جزء منها شمعي الرأس والكفان والباقي من مواد أخري وقد صدر قرار بإغلاقه في عام 2009 لعدم توافر عوامل الأمن والسلامة بالمتحف, وهو يتطلب ميزانية ضخمة حتي نتمكن من إعادة افتتاحه و نحن في طريقنا الآن لعمل دراسة من خلال وزارة الثقافة وبالتعاون مع قطاع العلاقات الثقافية الخارجية للحصول علي تمويل خارجي لإعادة بناء المتحف بتكنولوجيا عالية. ويقول الدكتور أشرف رضا الرئيس السابق لقطاع الفنون: أثناء تولي القطاع كنت بصدد دراسة لجعل متحف الشمع المصري ينافس متاحف الشمع العالمية, وتتلخص الدراسة في التعاون مع مدام توسو وهي مؤسسة متخصصة في إنشاء متاحف الشمع في العالم كله بنظام Bot وهو نظام يضمن توفير الميزانية الخاصة للإنشاء بالإضافة إلي أسلوب الإدارة المحترفة بعناصرها ألإدارية وأساليب العرض والديكور الداخلي وجميع العناصر المتحفية مع ضمان حصول الدولة التي ينشأ علي أرضها المتحف علي عائد مادي لأبأس به إلي أن تؤول ملكية المتحف بعد عدد معين من السنوات للدولة, ويضيف كنت قد بدأت بالفعل اتصالات موسعة مع إدارة تنمية الأعمال بمؤسسة توسو وعرضت عليهم الفكرة وطلبوا ملف كامل بالموقع الذي سيتم إنشاء المتحف فيه لأنه كانت هناك مشاكل في الموقع المقام عليه المتحف الحالي حيث طلبت محافظة حلوان قبل إلغائها استرداد المبني لإعادة توظيفه وقد رفضت هذه الفكرة لأهمية المبني التاريخية بالرغم من إغلاقه, وكانت دراستي تتلخص في ثلاثة محاور أولا الحفاظ علي المبني القديم لقيمته التاريخية, ثانيا إقامة ملحق له بعد ضم الأرض المحيطة بتكنولوجيا عالية مع استخدام خامات متعددة تضمن الحفاظ علي التماثيل علي المدي الطويل ضد عوامل التعرية, ثالثا إنشاء منطقة ترفيهية ملحقة به, وإذا تم تنفيذ هذا المشروع سينتج عنه منظومة تعليمية تاريخية سياحية ترفيهية لخدمة مصر. تقول أسماء إبراهيم مديرة متحف الشمع انه يجب عمل خطة للتطوير الشامل وإقامة متحف يرقي للمتاحف العالمية وتقترح فتح هذا الموضوع للمساهمة سواء من رجال أعمال مصريين أو عرب او أجانب علي أن يحتفظ المتحف الجديد بالنسق الداخلي الذي يحكي تاريخ مصر عبر العصور مع إضافة أجزاء جديدة خاصة بالأحداث العالمية والعربية وكذلك الشخصيات المهمة سواء كانت تاريخية او معاصرة كما تقترح أيضا استيراد التقنية والأجهزة العالمية المستخدمة في صنع تماثيل الشمع بدلا من استيراد التماثيل نفسها وتشير إلي أنها تقدمت من قبل للمحافظة لتخصيص قطعة ارض لإقامة مبني المتحف الجديد وقد أبدي المسئولون استعدادهم لتخصيص الأرض للمنفعة العامة. ويبقي السؤال لماذا يغلق متحف الشمع المصري أبوابه رغم المبالغ التي تم إنفاقها لترميمه ؟وإذا كانت التماثيل غير صالحة فلماذا تمت عملية الترميم من الأساس ؟ وهل هناك مقاييس و معايير عالمية أو محلية تم إتباعها أثناء الترميم؟