رغم أن الاعتصامات والاحتجاجات العمالية والنقابية كان لها في البداية اثر كبير ايجابي في نجاح ثورة 25 يناير وازاحة كابوس النظام السابق والذي انتج فجوات اجتماعية تمثلت في قاطني العشش والمقابر من ناحية وأصحاب المليارات من ناحية أخري. إلا أن تلك الاعتصامات ومع استمرارها بعد الثورة لشهور طويلة امتدت لأكثر من عام ونصف العام تحولت لكابوس يجثم علي صدر الاقتصاد المصري ويحمله الكثير كنتيجة لتوقف الإنتاج مع تزايد الاعتصامات وتحمل الاقتصاد المصري بخسائر تزيد علي 30 مليار جنيه, ومن هنا كانت مبادرة الاتحاد العام لعمال مصر بهدنة زمنية لفترة عام يتم فيها وقف تلك الاعتصامات مع البدء في اعداد وتطوير العديد من التشريعات التي تستهدف تحقيق العدالة الاجتماعية من ناحية وتقليل الفجوات بين الطبقات من ناحية أخري وحصول العاملين سواء في الحكومة أو القطاع الخاص علي حقوقهم. في هذا الإطار تم وضع برنامج لتصحيح الأوضاع يبدأ بنظام جديد للتأمين الصحي ووجود وسائل لتمويله بالإضافة إلي زيادة العلاوة الدورية التي يحصل عليها العاملون بالحكومة ل5% وتطوير تشريعات العمل والوظيفة العامة.. وإصلاح وهيكلة شركات ضخمة وعريقة كالغزل والنسيج وغيرها.. ويظل التساؤل عن محددات برنامج الهدنة الذي ناقشه اتحاد عمال مصر مع رئيس الوزراء هشام قنديل وماهي شروط نجاح تلك الهدنة وهل لدي الحكومة قدرة مالية لتمويل مستحقات يري العاملون بالدولة انها مشروعة. ثم ماهي فاتورة فشل تلك الهدنة.. كما يراها المراقبون والخبراء والمستثمرون وايضا رئيس الاتحاد العام.. يفتح الاقتصادي الملف للنقاش ويطرح وجهات النظر.. رئيس اتحاد العمال يؤكد ضرورة الاستجابة للمطالب المشروعة للعمال بالتدريج وعلي مدي فترة زمنية مع تطوير القوانين الخاصة بتقديم الخدمات الصحية وايجاد موارد مالية لتقديم تلك الخدمات بالاضافة لأهمية زيادة العلاوة الدورية للعاملين بالحكومة لكي تصل لنسبة من المرتب كما هو الأمر بالنسبة للقطاع الخاص ويؤكد ان الاستجابة المنظمة لتلك المطالب وبما لايمثل عبئا علي ميزانية الدولةكفيل بتدعيم مبادرة الهدنة التي طرحها الاتحاد وهو ماسينعكس علي زيادة الإنتاج والتي ستمكن من تمويل مطالب العاملين.. أما الخبراء والمراقبون فيطرحون افكارا جديدة لوقف الاعتصامات منها تحويل الاجراء والعاملين الي شركاء ولو بنسبة محدودة وصغيرة وبما يتم معه الحصول علي حقوق التملك وهو مامن شأنه زيادة انتمائهم للشركات وبالتالي تراجع ظواهر الاضراب والاعتصامات. وزير القوي العاملة يعرض روشتة علاج الإضرابات العمالية الأمان الوظيفي بإعادة ضبط العلاقة بين العامل وصاحب العمل وتحسين ظروف وبيئة العمل الإضرابات والاعتصامات والاحتجاجات العمالية مرت بثلاث مراحل, مرحلة ما قبل ثورة 25 يناير, وهي كانت ظاهرة إيجابيه, وكانت ذات مطالب اجتماعية, ومالية محددة, وبدأت من إضراب عمال غزل المحلة عام .2006 أما المرحلة الثانية, فهي مرحلة ما بعد ثورة يناير, وفيها شعر الشعب أن الإدارة أقل من طموحاته, وأعجز من أن تحقق أهدافه. وفي المرحلة الثالثة ما بعد نجاح الدكتور محمد مرسي وفوزه بالرئاسة, ظهرت الإضرابات والاعتصامات والاحتجاجات العمالية, في هذه المرحلة بصورة منظمة وفيها حرفية مقصودة, ولم تعد تقتصر علي المؤسسات والشركات بل تعددت إلي عدة صور بسبب المشاكل اليومية. هذا السرد لمراحل الإضرابات والاعتصامات والاحتجاجات قبل وبعد ثورة يناير: أسأل وزير القوي العاملة والهجرة خالد الأزهري ما هي روشتة العلاج التي تصفها للحد من ظاهرة الإضرابات والاعتصامات, لأننا لن نستطيع إيقافها في ليلة وضحاها؟ ** أولا لابد أن نتفق أن مصر شهدت ظروف استثنائية منذ ثورة 25 يناير, وخلال المرحلة الانتقالية, ومالها من آثار سلبية علي الحالة الاقتصادية نتيجة كثيرة المطالب الفئوية المشروعة, وبالتالي تأثرت عجلة الإنتاج, وتوقف أكثر من 1200 مصنع عن العمل. ومع بدء الاستقرار للأوضاع السياسية أقول أن هناك عاملين أساسيين للحد من الإضرابات والاعتصامات هما أن العامل يحتاج إلي جناحي الاستقرار: أمان الوظيفة والأجر العادل, فالنسبة للأمان الوظيفي فنحن نحتاج إلي إعادة ضبط العلاقة بين العامل وصاحب العمل, وتحسين ظروف وبيئة العمل, وعلي الطرف الآخر أن يكون هناك أجر عادل, بحيث يكون هناك حدا أدني وأقصي للأجور والمعاشات, مع رفع معدلات الدخل بشكل عام. ونستطيع أن نوجز ما تقدم في كلمات بسيطة, كبيرة في معناها, وهي تحقيق العدالة الاجتماعية, والكرامة الإنسانية وهما من أهداف ثورة25 يناير, ولكي نستطيع أن نصل إلي المطلبين الكبيرين لابد أن يكون هناك من يتحدث باسم العمال, بمعني أن يكون هناك تشريع بقانون جديد ينظم النقابات العمالية, وعلي التوازي نحتاج إلي تعديلات في قانون العمل رقم 12 لسنة 2003, وقوانين العاملين بالدولة وقطاع الأعمال العام, بجانب جملة من التعديلات التشريعية التي تضمن الأمان الوظيفي والأجر العادل للعامل. وعلي نفس المسار لابد من توفير فرص عمل, وذلك بضخ استثمارات تفتح مجالات فرص عمل جديدة, ونرفع من قيمة العامل بالأجر العادل حتي يمكن إغراؤه علي البقاء في عمله, عندما يجد الاستقرار الاجتماعي في العمل مع الأجر المناسب. هناك حديث يدور حاليا حول ثقافة الإضراب, وحقوق المضربين, وحقوق المجتمع, ماذا تقولون حول هذا الثالوث؟ ** أولا بالنسبة لثقافة الإضراب للآسف قوانين العمل, وضعت قيودا شديدة شبه مستحيلة لتنظيم الإضراب, فدفعت هذه القوانين العمال للإضراب بشكل غير قانوني تجاوز كل الحدود. إذن نحن نحتاج إلي إعادة تنظيم قانون الإضراب والاعتصام, بحيث ينظم ولا يمنع, لأن الإضراب في حد ذاته حق مشروع يجب أن ينظم ولا أحد يستطيع أن يمنعه ولكن لابد أن يكون منظما وله آلية قانونية. وعلي العمال واجب أن يعرفوا أولا فلسفة الإضراب والاعتصام, وطريقة التعبير عن المطالب المشروعة, وفي نفس الوقت يجب أن يعرفوا أن الإضراب والاعتصام ليس هما الطريقة الوحيدة للمطالبة بالحقوق, فهناك وسائل متعددة قبل اللجوء إلي الإضراب أو الاعتصام, لذلك يجب أن نعرف العامل ثقافة الإضراب, ويجب أن يعرف الجميع أن الإضراب والاعتصام يدفع ثمنهما الأطراف الثلاثة: صاحب العمل بتعطل إنتاجه, والعامل بحرمانه من أجره, والاقتصاد الوطني الذي يفقد جزءا من إنتاجه, ويجب أن يعلم العامل الذي يضرب أنه غير مستحق لأجرة عن مدة إضرابه أو اعتصامه. وينتقل الوزير إلي النقطة الثانية في ثقافة الإضراب, وهي كيف يضرب العامل أو يعتصم؟ فيقول الوزير: إن العامل الذي يضرب أو يمتنع عن العمل هو ومن يريد ذلك, يجب عليه إن يتحمل الانتقاص من أجره, وليس من حقه أن يمنع غيره عن العمل أو أن يغلق أبواب مصنعه أو مؤسسته أو مصنعه أو شركته.. ويؤكد الأزهري أن الحكومة تحاول جاهدة أن تحل المشكلات بشكل سريع, وأن هناك تنسيق بين وزارة القوي العاملة والهجرة والوزارات الأخري لمنع وقوع أي إضراب أو اعتصام, والسعي لحل أية مشكلة قبل تفاقمها, ولكني أطالب العمال بالتحلي بالهدوء وإتاحة الفرصة للحكومة لأداء واجبها, لأن الحالة الاقتصادية التي تمر بها مصر الآن قد أثرت بالسلب علي بعض أصحاب الأعمال, كما أؤكد للعمال وأصحاب الأعمال أن عملية التفاوض وإبرام الاتفاقيات في وضع التشغيل أسهل وأيسر من أن تجري تحت ضغط الإضراب أو الاعتصام. وأقول للعمال أن الإضراب أو الاعتصام يضعف من التفاوض, وأننا نعمل حاليا علي أن نبني صورة جديدة للعامل المصري سواء من الناحية الفنية برفع كفاءته ومهاراته بالتنسيق مع وزارتي التعليم والصناعة, ومراكز التدريب الحرفي والمهني, وأن سلوك العامل مبعد ثورة يناير قادر علي العطاء والعمل في أصعب الظروف وتحت كل الضغوط. أما رسالتي لأصحاب الأعمال فأنني أؤكد لهم أننا كما نقف مع العمال بالدفاع عن حقوقهم باعتبارهم الطرف الضعيف, فأننا لم نظلم صاحب عمل ولن نكلفه مالا يطيق