محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة    تقدير كبير ل«قائد المسيرة».. سياسيون يتحدثون عن مدينة السيسي بسيناء    مغربي يصل بني سويف في رحلته إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج    لمدة 4 أيام.. ضعف المياه بالمدينة الصناعية غرب طهطا بسوهاج للصيانة    قوات الاحتلال تداهم عدة بلدات فلسطينية بينها يعبد وعرابة وجلبون ودورا    الاعتراف بفلسطين.. دعم عربي وفيتو أمريكي    «كيربي»: روسيا تخرق قرارات الأمم المتحدة بشحن النفط إلى كوريا الشمالية    الاتحاد السكندري بطلا لكأس مصر لكرة السلة للمرة ال 12 في تاريخه    صن داونز يهزم كايزر تشيفز بخماسية ويتوج بالدوري الجنوب إفريقي    القبض على نصاب بزعم التوظيف بمقابل مادي    «كان» يمنح ميريل ستريب السعفة الذهبية في افتتاح دورته ال77    الفنان أحمد السقا يكشف عن الشخصية التي يريد تقديمها قبل وفاته    نعيم صبري: نجيب محفوظ هو مؤسس الرواية العربية الحديثة    زاهي حواس: نبحث عن «هرم الملك حوني» في سقارة وقد نعثر عليه قريباً | خاص    توقعات برج الأسد في مايو 2024: «تُفتح له الأبواب أمام مشاريع جديدة مُربحة»    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    «الصحة» تدعم مستشفيات الشرقية بأجهزة أشعة بتكلفة 12 مليون جنيه    في يومها العالمي.. سبب الاحتفال بسمك التونة وفوائد تناولها    الصليب الأحمر الدولي يعلن مقتل سائقَين وإصابة 3 موظفين في السودان    القوات الروسية تتقدم في دونيتسك وتستولي على قرية أوشيريتين    استعدادًا لموسم السيول.. الوحدة المحلية لمدينة طور سيناء تطلق حملة لتطهير مجرى السيول ورفع الأحجار من أمام السدود    مصطفى كامل يحتفل بعقد قران ابنته    بيان عاجل من الأهلي بشأن أزمة الشحات والشيبي.. «خطوة قبل التصعيد»    أسعار النفط تستقر وسط ارتفاع المخزونات وهدوء التوترات الجيوسياسية    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    جهود لضبط متهم بقتل زوجته في شبرا الخيمة    السجن 7 سنوات وغرامة مليون جنيه لشاب ينقب عن الآثار بأسيوط    "أسترازينيكا" تعترف بمشاكل لقاح كورونا وحكومة السيسي تدافع … ما السر؟    إصابة موظف بعد سقوطه من الطابق الرابع بمبنى الإذاعة والتلفزيون    نجوم الغناء والتمثيل في عقد قران ابنة مصطفى كامل.. فيديو وصور    لمدة أسبوع.. دولة عربية تتعرض لظواهر جوية قاسية    مصرع أربعيني ونجله دهسًا أسفل عجلات السكة الحديدية في المنيا    أخبار الأهلي: توقيع عقوبة كبيرة على لاعب الأهلي بفرمان من الخطيب    الأرصاد العمانية تحذر من أمطار الغد    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    رسالة ودعاية بملايين.. خالد أبو بكر يعلق على زيارة الرئيس لمصنع هاير    مدينة السيسي.. «لمسة وفاء» لقائد مسيرة التنمية في سيناء    «المهندسين» تنعى عبد الخالق عياد رئيس لجنة الطاقة والبيئة ب«الشيوخ»    120 مشاركًا بالبرنامج التوعوي حول «السكتة الدماغية» بطب قناة السويس    «ماجنوم العقارية» تتعاقد مع «مينا لاستشارات التطوير»    مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة الباجورية بالمنوفية    فنون الأزياء تجمع أطفال الشارقة القرائي في ورشة عمل استضافتها منصة موضة وأزياء    ب 277.16 مليار جنيه.. «المركزي»: تسوية أكثر من 870 ألف عملية عبر مقاصة الشيكات خلال إبريل    ندوة توعوية بمستشفى العجمي ضمن الحملة القومية لأمراض القلب    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    هجوم شرس من نجم ليفربول السابق على محمد صلاح    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    مستشار المفتي: تصدّينا لمحاولات هدم المرجعية واستعدنا ثقة المستفتين حول العالم (صور)    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولى العلمى الثانى للطب الطبيعى والتأهيلى وعلاج الروماتيزم    رانجنيك يرفض عرض تدريب بايرن ميونخ    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصفقة: حين يكون الفشل انتصارا للجميع
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 06 - 2019

يبدو أن المشروع الأمريكى لتسوية الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى الذى توافق الجميع على تسميته صفقة القرن سيولد يتيما إن قدر له اكتمال الحمل حتى الولادة الطبيعية أو حتى القيصرية.
فبينما المشروع فى مرحلة الحمل بل ومنذ الإعلان عن البدء فى تخليقه تنكر له وتخوف الكثيرون من تداعياته على القضية الفلسطينية أو على مصالحهم فى المنطقة أو على استقرار دولهم.
وبصفة عامة، فإن حالة التشكك والتوجس والفتور من جانب البعض لا تنبئ بأن المولود الجديد فى مسار عملية التسوية السلمية للصراع ستكتب له الحياة أو على الأقل فإن عمره لن يكون طويلا، ولن يكون إضافة لأصحابه ولن يحقق ما عجز أسلافه عن تحقيقه.
فإسرائيل عبرت عن خشيتها من الصفقة على لسان وزير التعليم نفتالى بينيت رغم أن الصفقة حيكت على مقاس الرؤية الإسرائيلية للتسوية. أما المؤرخ الإسرائيلى مردخاى كيدار، فقال إن صفقة القرن هى الاسم البديل لخطة الفشل. كما أن روبرت ساتلوف مدير معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى رأى أن الصفقة قد تكون كارثية بالنسبة لإسرائيل وطالب نيتانياهو بإفسادها! الفتور والتوجس لدى أهل المنطقة نابع فى الأساس من نظرتهم إلى المولود الجديد «صفقة القرن» على أنه نتاج حمل سفاح، أو على الأقل نتاج زواج عرفى ل «مراهقين» لا يعرفون جيدا طبيعة تلك المنطقة وطبيعة الصراع، ولا يقدرون جيدا تبعات مثل هذا الحمل وما قد ينتج عنه. ولعل كل ذلك ما دفع مجلة فورين بوليسى الأمريكية لتؤكد فى تقرير نشرته فى العاشر من أبريل 2019 أن إعلان أو ولادة صفقة القرن فى الوقت الحاضر سيكون كارثة.
إضافة إلى تلك الأجواء، فيبدو أن أصحاب الصفقة أنفسهم قد باتوا أقرب إلى التشكك فى إمكانية أن ترى النور. فقد كشفت صحيفة واشنطن بوست فى بداية الشهر الحالى عن شكوك لوزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، فى جدوى صفقة القرن لحل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وذلك بقوله: يمكن القول إن الخطة غير قابلة للتحقيق، وقد لا تحقق النتائج، والأهم من ذلك أنه أقر بأن الصفقة يمكن أن تفيد الحكومة الإسرائيلية فقط! وبينما قال بومبيو ذلك، فإن الرئيس ترامب قال فى مؤتمر صحفى تعليقا على بومبيو: أتفهم كلام بومبيو، فأغلب الناس يعتقدون أن الخطة غير قابلة للتنفيذ، ولكننى أعتقد أنها ممكنة التنفيذ. وأضاف: إننا نبذل ما بوسعنا لمساعدة الشرق الأوسط بخطة السلام.
تعليق الرئيس الأمريكى يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنه يكاد يكون الوحيد ومعه الفريق الضيق طباخ الصفقة بقيادة جاريد كوشنر زوج ابنته الذين ما زال لديهم اعتقاد ما بأن الصفقة قابلة للحياة، ولكن استخدامه لتعبير نبذل ما بوسعنا يعنى أيضا أنه بات قريبا أو على الأقل يؤهل نفسه لتقبل عدم نجاح الصفقة أو عدم نجاحه فى بث الروح فيها.
وفى ظل عدم الترحيب العام بالصفقة والنظر إليها على أنها عنوان للفشل، وأنها قد تكون غير قابلة للتنفيذ، وأنها قد تكون كارثة، يبدو أن البديل أو السيناريو الأفضل للصفقة ولجميع الأطراف المعنية بها حاليا هو ألا تولد تلك الصفقة أو وأدها فى مهدها إذا وصلت مرحلة الولادة. ففشل الصفقة يبدو البديل الأكثر آمنا وربحية للجميع باعتبار أن ذلك الفشل هو البديل الذى يضمن لكل الأطراف تحقيق أهدافه أو كثير منها. فالنسبة للفلسطينيين، فإن فشل الصفقة يعنى انتصارا لوجهة نظرها, وسيقدمها للرأى العام الفلسطينى والعربى والدولى على أنها ما زالت قادرة على مواجهة «نزوات» الرئيس الأمريكى وفرملة تحقيق تصور اليمين الإسرائيلى الذى يقوده نيتانياهو الآن لإنهاء القضية الفلسطينية على حساب الفلسطينيين.
وبالنسبة للإسرائيليين، فإن فشل الصفقة أو إفشالها يعنى انتصارا لنيتانياهو خاصة فى ظل التسريبات التى أكدت أن الصفقة لم تكن تخرج عن التصور الإسرائيلى اليمينى، ومن المؤكد أن نيتانياهو سيحمل الفلسطينيين مسئولية ذلك الفشل، خاصة فى ظل الترحيب الرسمى الإسرائيلى المعلن بالصفقة، وسيقدم نفسه ودولته للولايات ولدول العالم على أنه هو الراغب فى السلام، بينما الفلسطينيون ليسوا كذلك، وعلى الأرجح سيستخدم ذلك كله فى تعميق الخلاف بين الفلسطينيين والولايات المتحدة.
أما بالنسبة للولايات المتحدة فإنها بالفعل حققت جزءا مهما من تصورها دعما لإسرائيل من خلال قرارات ترامب بنقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس ومحاصرة الفلسطينيين اقتصاديا وتخففت تماما من دعم الأونروا، وبتبنيها طرح الصفقة لمدة عامين تقريبا تكون قد أكدت اهتمامها بإقرار السلام فى المنطقة.
وبصرف النظر عن فشل الصفقة فإن ترامب يكون قد وضع سقفا لن يكون تجاوزه سهلا، سواء على إدارته نفسها خلال ما تبقى لها فى الحكم أو على أى إدارات أخرى مقبلة، فالمكاسب التى حصلت عليها إسرائيل ومن ثم اللوبى اليهودى فى الولايات المتحدة لن يكون سهلا التخلى عنها فى أى مقاربة أمريكية أخرى لعملية التسوية للصراع الفلسطينى الإسرائيلى.
إضافة إلى ذلك، فإن ترامب سيحمل مسئولية فشل الصفقة إلى كل الأطراف الأخرى باستثنائه هو وإسرائيل، الأمر الذى ربما يعنى مزيدا من الضغط على الفلسطينيين والعديد من الدول العربية. فلماذا يبذل أكثر «مما بوسعه» لتنفيذ مشروع أفشله الآخرون بينما حقق أهدافه أو الجزء الأهم منها؟
أما بالنسبة للدول العربية، فمن المؤكد أن طرح تلك الصفقة قد جاء فى ظل ظروف غير مواتية تمر بها العديد من الدول العربية بما من شأنه أن يضع المزيد من الضغوط عليها، ومن ثم فإن فشل الصفقة أو تأجيلها يعنى تحييد تلك الضغوط، بل إنه قد يساعد بعض الدول فى حل بعض مشكلاتها من خلال تسويق ذلك الفشل على أنه إفشال من جانبها لصفقة لم تكن مرضية حتى وإن كانت مطروحة من جانب ترامب.
أما بقية القوى فى المجتمع الدولى فإنها ستشعر بالارتياح لفشل الصفقة التى لم تتخذ موقفا مؤيدا أو مرحبا بها، فأى فشل للرئيس الأمريكى يسعد بالتأكيد تلك القوى، وربما يقنعه بأنه لم يكن من الحكمة استبعادها من ذلك الملف.
لمزيد من مقالات د. صبحى عسيلة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.