يعنى انعقاد المنتدى الإفريقى لمكافحة الفساد الذى شارك فيه 200 مسئول إفريقى على مستوى وزراء الداخلية والعدل ورؤساء الأجهزة الرقابية، - على نحو دورى منتظم ليصبح ملتقى مستداماً للحوار، تتبادل فيه الدول الإفريقية المعلومات والتجارب والخبرات بشأن التدابير الواضحة ذات الصلة بمواجهة الفساد، أن الدول الإفريقية جادة فى مكافحة الفساد الذى يمثل الآن أولوية متقدمة على مستوى الجهود الوطنية تلتزم بها أجندة أعمال الاتحاد الإفريقى، ومنصة موجهة لتبادل الخبرات، خاصة أن الكثير من الدول أصدرت لأول مرة قوانين تختص بمكافحة الفساد، واتخذت الكثير من الإجراءات التشريعية والإدارية فى هذا المجال بعد أن ثبت لها أن البناء هو الظاهرة الأخطر على الاقتصاد الإفريقى، ويمثل حجر عثرة أمام التنمية والاستقرار لأنه يستنزف سنوياً ما بين 20 و40 مليار دولار هى فواقد الفساد وتكلفته السنوية بعد أن تبين أن حجم الرشاوى فى إفريقيا يتجاوز تريليون دولار كل عام وأن تكلفة الفساد تتجاوز تريليونى دولار، إلى حد يمكن القول معه إن إفريقيا قارة غنية بمواردها لكن مشكلتها أنها تعانى تفشى الفساد الذى يستهلك موارد القارة، ويتسبب فى خلل كلى فى الاقتصاد الإفريقى، كما يضرب فى الصميم مبادئ الحكم الرشيد، وأن إفريقيا رغم ثراء إمكاناتها التى تؤهلها لتكون من أغنى القارات تعد أفقر قارات العالم . وتشكل توصيات المنتدى الإفريقى الأول لمكافحة الفساد - الذى عقد فى شرم الشيخ - خطة إستراتيجية متكاملة لمكافحة الفساد، تملك مؤشرها الإفريقى الذى يعبر عن واقع الحال فى القارة، وتدشن منصة قارية من خلال نقاط اتصال وطنية تتابع تطورات قضايا الفساد ونتائج جهود مكافحته، كما تتابع التزام دول القارة باتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات وفقاً للنظام القانونى لكل دول إفريقيا، فضلاً عن إعداد آلية إلكترونية للتبادل الفورى للمعلومات عن جرائم الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وآلية أخرى قانونية تساعد دول القارة على استرداد عوائد الفساد فى شكل بروتوكولات ملزمة لجميع الدول الأعضاء فى الاتفاقية الإفريقية، تؤكد ضرورة ضمان المراجع المستمرة لآليات مكافحة الفساد، والعمل على تطويرها المستمر وتدريب الكوادر الإفريقية على أساليب مكافحة الفساد ونشر قيم النزاهة والشفافية وتحديد أماكن الأصول المهربة وكيفية العمل على استردادها. وفى كلمة أمام مؤتمر شرم الشيخ، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن مصر تلتزم بمعايير ونظم المحاسبة والمراجعة الدولية وفقاً لأعلى المتطلبات، وأنها انضمت إلى الاتفاقيات العربية والإفريقية المهمة ذات الصلة بمكافحة الفساد، وآخرها اتفاقية الاتحاد الإفريقى لمنع الفساد ومكافحته، كما استحدثت إدارات متخصصة لمكافحة صور الفساد المالى والإدارى، واتخذت إجراءات التحول الرقمى لتعزيز الحوكمة الإدارية والمالية . وقال الرئيس السيسى إن مصر ستواصل دعمها للجهود المشتركة لمحاربة الفساد على المستوى الإفريقى بما فى ذلك مضاعفة المنح التدريبية التى تقدمها الاكاديمية المصرية الوطنية لمكافحة الفساد . وأجمع المشاركون فى المؤتمر على أهمية وجود إرادة سياسية راغبة بشكل حقيقى فى القضاء على الفساد، وهو ما يتوافر الآن فى دول الاتحاد الإفريقى، كما أكد الوزير شريف سيف الدين رئيس هيئة الرقابة الإدارية فى مصر المشرف على عقد المنتدى أن محاربة الفساد تشكل أهم أولويات أجندة الاتحاد الإفريقى، وإن المنتدى - الذى حضره 51 دولة أفريقية و4 دول عربية ضيوف المؤتمر هى السعودية والإمارات والكويت والاردن- يمثل فرصة مهمة لاستنهاض الهمم لمكافحة الفساد، كما أن انعقاده على نحو دورى يضمن المتابعة المستمرة لقضية مكافحة الفساد فى القارة الإفريقية، خاصة بعد أن أجمعت دول القارة وقياداتها السياسية على أن صلاح الاقتصاد الإفريقى رهن القضاء على الفساد . لمزيد من مقالات مكرم محمد أحمد