«عبد الرحمن مبسوط»، إرهابى لبنانى شاب ممن شاركوا داعش فى عملياتها الإجرامية داخل سوريا، وعند عودته لمدينته طرابلس، أوقفته شعبة المعلومات «أمن الدولة اللبناني»، سنة 2016 ثم أفرج عنه عام 2017. ومبسوط من مجموعة الإرهابى اللبنانى أسامة منصور وشارك فى المعارك ضد الجيش فى طرابلس عام 2014، خلال سيطرة الجيش اللبنانى على الحرب التى كانت دائرة بين السنة والعلويين فى جبل محسن منذ اندلاع الحرب فى سوريا بين المسلحين والجيش السورى مطلع عام 2011.. وفى ليلة عيد الفطر نفّذ مبسوط 3 عمليات فى طرابلس بمفرده من فوق دراجة نارية، مما أدى إلى استشهاد 4عناصر من الجيش اللبنانى وقوى الأمن الداخلي،ثم فجر نفسه بحزام ناسف قبل مداهمة القوى الأمنية المبنى الذى تحصن به بعد ارتكابه جريمته.. فلماذا يعود الإرهاب إلى لبنان بعد توقف دام عامين ونصف العام، فى ظل موعد عودة السياحة الخليجية بكثافتها إلى لبنان، بعد إلغاء دول مجلس التعاون الخليجى قرار منع مواطنيها من السفر إلى لبنان،ومناقشات إقرار الموازنة العامة للدولة، وقرب تنفيذ مقررات مؤتمر سيدر فى باريس لدعم الاقتصاد اللبنانى بمايفوق 12مليار دولار؟. كان مبسوط قد غادر لبنان إلى تركيا عام 2015، بعد سيطرة الجيش اللبنانى على طرابلس ووقف نزيف الدم بين السنة والعلويين فى جبل محسن عام 2014، وذلك سعيا للالتحاق بداعش، وظل مبسوط فى تركيا قرابة الشهر، ثم دخل إلى إدلب وتواصل مع داعش لينضم إلى صفوفه، ثم بعد أشهرعاد إلى لبنان فى 2016، فأوقفته شعبة المعلوات ثم أفرج عنه فى 2017. وبعد خروجه من السجن بدأ التحضير لهجومه الأخير،الذى أطلق عليه الإعلام اللبنانى «عملية ذئب منفرد»، التى أدت إلى مقتل 4 وإصابة 6 من القوات اللبنانية. وكان لبنان قد شهد هدوءا أمنيا بعد السيطرة على الحالة الأمنية فى طرابلس عام 2014، وبعد إحباط أكثر من عملية إرهابية كانت تستهدف سياسيين ومناطق لبنانية شيعية فى الضاحية الجنوبية معقل الشيعة وحزب الله ببيروت، والتى كانت ردا على مشاركة حزب الله فى الحرب داخل سوريا إلى جانب الجيش السوري. وبعد قيام قوى الأمن بتفكيك التنظيمات المتطرفة بعد معركة فجر الجرود التى قادها الجيش اللبنانى ضد الإرهابيين فى أغسطس 2017 على الحدود الشرقية مع سوريا،حيث جرى تكثيف الدوريات والكمائن لإقفال الحدود أمام تهريب الأشخاص والبضائع، وملاحقة المشتبه بهم وتكثيف المراقبة والملاحقة والمتابعة داخل لبنان. الرئيس اللبنانى ميشال عون قال عقب العملية الإرهابية فى طرابلس إن أى عبث بالأمن سيلقى الرد الحاسم والسريع، وما حصل فى طرابلس لن يؤثر على الاستقرار فى البلاد. مدير قوى الأمن الداخلى اللّواء عماد عثمان قال إن منفذ العملية الإرهابية كان فى حالة نفسية غير مستقرة وما حصل هو حادث فردى وعمل إرهابى أليم ونحن فى جهوزية كاملة.. وكشفت التحقيقات الأولية أن الإرهابى عبد الرحمن مبسوط خطط لاغتيال شخصية أمنية بارزة فى مدينة طرابلساللبنانية، كانت تترد الى أحد المقاهي، وقد أوقفت الأجهزة الأمنية نحو عشرين شخصًا على ذمة التحقيق. وزير الدفاع اللبنانى إلياس بو صعب أصدر أوامر صارمة للعسكريين لمواجهة الإرهابيين، مؤكدا أن الجيش لن يتهاون مع الإرهابيين الذين قاتلوا فى سوريا وعادوا لضرب العمق اللبنانى واستهداف مسئولين أمنيين فى الشمال.. وتشير معطيات عودة الإرهاب إلى لبنان،إلى نجاح الجيش السورى مدعوما من حزب الله وروسيا وإيران فى الإجهاز على تنظيم داعش ومعاونيه فى سوريا، بحيث لم يعد لدى تنظيم داعش الإرهابى أى قدرة على التحكم بأى منطقة فى سوريا،وحسب رأى الخبراء الأمنيين فإن تنظيم داعش لم يعد أمامه إلا العمليات الفردية، وزرع العبوات الناسفة، وفتح جبهة داخل لبنان، خاصة من طرابلس، البيئة الحاضنة لداعمى داعش من السنة المتعصبين الذين تلقوا هزيمة قوية مع العلويين على أيدى الجيش اللبناني، بعد السيطرة على جبل محسن ودرب التبانة،حيث كانت تدور حرب طاحنة بين مؤيدى داعش ومناصرى الأسد من العلويين. وتعد الذئاب المنفردة أكثر خطرا من القوة المنظمة، إذ يعتمد الذئب المنفرد على سرعة التحرك والاندماج فى التجمعات السكنية وإحداث أضرار كبيرة، ولذا يصعب التنبؤ بالهجمات أو السيطرة عليها قبل وقوعها، وهوما يعتمده تنظيم داعش فى لبنان تحديدا نظرا ليقظة القوى الأمنية، والدوريات المسلحة والكمائن التى ينصبها الجيش والقوى الأمنية، وكذلك حزب الله فى المناطق التى يسيطر عليها أمنيا. ويبقى خطر الذئاب المنفردة قائما فى ظل الموسم الواعد للسياحة الصيفية فى لبنان من قبل سائحى الخليج أو غيرهم، وهو الأمر الذى يضرب الموسم فى مقتل، بل ويهدد مناخ الاستثمار، ودعم الاقتصاد شبه المتهاوى من خلال تطبيق مقررات مؤتمر سيدر.. فهل تكون عملية مبسوط الإرهابية، إيذانا بنشاط الذئاب المنفردة لتنفيذ مخططاتها الإرهابية، خاصة بين القوى الأمنية والجيش اللبناني، والمناطق الشيعية، والتجمعات التى توقع أكبر الخسائر بين الضحايا، أم أن يقظة قوى الأمن والجيش اللبنانى ستحول دون تفاقم الخطر، ولاسيما وأن القوى الأمنية تعرف جيدا من كان فى صفوف داعش من طرابلس أو غيرها من المدن.