ينشطون فى رمضان وفى الأعياد، أمام المساجد والمستشفيات وفى الميادين، محطات الأتوبيس والمترو..! يظهرون فى صور متعددة، ويتعللون بأعذار مختلفة.. بعضهم يطلب الصدقة فى ذل وانكسار، وآخرون يصل بهم الحال إلى درجة الابتزاز..إنهم المتسولون. فيجد المتصدق نفسه حائرا ..أيعطى هؤلاء أم يمنعهم، هل هم حقا مستحقون أم لا.. وهل لزاما عليه التحرى عن حاجة السائل أم مجرد السؤال يستوجب العطاء!! علماء الدين شددوا على عدم التهاون مع المتسولين وطالبوا بتجريمهم، لما يتسببه تسولهم فى مفاسد شتى وحرمان قطاع كبير من المستحقين للصدقات وأموال الزكاة. يؤكد الدكتور احمد كريمة استاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الازهر ان التحرى فى مستحقى الصدقات المفروضة وغيرها من الامور المهمة إبراء للذمة وخروجا من العهدة، لأن الانسان لا يثاب على فعله إلا إذا أداه على الوجه الصحيح، فمصارف الزكاوات حددها الله تعالى فى كتابه العزيز (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ «فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ» وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ومن شق عليه التحرى يمكنه التوجه إلى إحدى المؤسسات الخيرية الموثوق بها، كما أن هناك ملاجئ خيرية ومستشفيات علاجية خيرية ولجانا على مستوى الجمهورية لفحص الحالات وتقييمها، فالأولى الذهاب اليها لدفع الزكاوات فى مسارها الصحيح، وبذلك تبرأ ذمة المتصدق. والأولى أن تدفع الصدقات والزكوات للفقراء والمحتاجين الذين لا يعلنون عن أنفسهم والذين عبر عنهم القرآن الكريم فى قوله تعالى (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس الحافا)، والمقصود بالجاهل هنا هو الجاهل بحقيقة أوضاعهم، فكل إنسان فى محيطه يعلم زميلا أو جارا أو قريبا، حتى لو كان موظفا، ولكن ظروفه ضيقة ولا يكفى احتياجات أسرته، فهؤلاء يحتاجون مد يد العون والمساعدة لهم.. أما أن يخدع الإنسان ببعض عمال النظافة للأسف بإشارات المرور والشوارع وعصابات استئجار الأطفال والمرضى ومن يقومون بعمل أشكال توحى بالاحتياج والفقر والمرض، فهذا خطأ، حيث يجب التدقيق فيمن تقدم له الصدقة. لأن التهاون يحرم المستحق الحقيقى، ويشجع على التنطع والتكاسل من قبل المتسولين الذين يتخذون التسول حرفة. وعلى المتصدق إن أحسن الظن بالسائل عليه أن يوجهه إلى المسار االصحيح للحصول على فرصة عمل أو حرفة أو إرشاده إلى سبيل الحصول على معاش دائم إذا كان ممن يخضعون لشريحة المعاشات التكافلية. ومن الصور المبتذلة الآن التظاهر ببيع المناديل الورقية واتخاذها وسيله للتسول، فهذا نراه كثيرا فى الشوارع.. وكذلك الادعاء بأمراض مزمنة لأطفال مع ان دور الرعاية الصحية لا تكل ولا تمل عن العلاج للأطفال ولغيرهم ثم ان من يتسولون ويستغلون كبر سن او شيخوخة هناك معاشات فى التضامن الاجتماعى شهرية تكفيهم بالإضافة الى انهم اذا ارادوا الكرامة والانسانية والعزة الايمانية يسجلون اسماءهم فى اقرب مؤسسة فى محال اقامتهم.. ومن هنا يجب على الدولة ومؤسسسات المجتمع المدنى التصدى بحزم وحسم لجريمة التسول الذين يأكلون اموال الناس بالباطل ويأخذون ما لا يستحقون وهم كثر، والأولى من هؤلاء الذين يتعففون عن استجداء الناس واستعطافهم. وفى سياق متصل يؤكد الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم العميد السابق لكلية اصول الدين بأسيوط أن المسلم عليه أن يتحرى بصدقته الفقراء الذين يتعففون عن سؤال الناس أولئك هم من يستحقون وليس الذين يدورون على الأبواب، وبين النبى صلى الله عليه وسلم ان من احترف التسول لا يشبع من مال مهما كثر ولا يبارك الله تعالى له فيما أخذ.. فعن حكيم بن حزام قال سألت النبى صلى الله عليه وسلم فأعطانى ثم سألته فأعطانى ثم سألته فأعطانى ثم قال صلى الله عليه وسلم : «يا حكيم، ان هذا المال خضر حلو فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك فيه وكان كالذى يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى» رواه البخارى. وتساءل الدكتور نبيل السمالوطى استاذ علم الاجتماع بجامعة الازهر: إذا كانت أغلب المساجد يوجد بها لجان للزكاة وللصدقات ونحن عندما نصلى الجمعة فى اى مسجد نجد طابورا من النساء والرجال للحصول على الصدقات والزكوات التى تقررها المساجد لهم فلماذا التسول بالطرقات إذن؟! وطالب السمالوطى بعقوبات رادعة للمتسولين, مشيرا إلى أن هناك فقراء ومساكين ومحتاجين ولكن اجابة طلباتهم وحصولهم على الاموال لا تكون من خلال التسول بل من خلال اجهزة وزارة التضامن الاجتماعى والرجوع الى المؤسسات الخيرية التى يقيمها الكثير من رجال الاعمال، وألا يسأل الناس بشكل فردى إلا من سدت فى وجهه كل هذه السبل، وهؤلاء سيكونون قلة قليلة جدا، لأن المؤسسات الرسمية بمختلف أنواعها تعنى بمساندة الفقراء والمساكين والعاجزين. ومحاربة ظاهرة التسول ضرورة لأن المتسولين يكونون عالة على المجتمع كما أنهم يجورون على المحتاجين الحقيقيين، فضلا عن كونهم أى المتسولين نقطة سوداء فى وجه السياحة فى مصر فالسائح الذى يأتى للترفيه والعلاج أو الاستمتاع يستاء من مطاردة هؤلاء المتسولين.