كلما جاء رمضان، يتباري المتسولون في اختراع الحيل التي تستدر الدموع وتوجع القلوب، مستغلة حب الناس لفعل الخير في الشهر الكريم، ومستغلة أكثر رغبة الكثيرين في إخراج صدقاتهم وزكواتهم في شهر الجود والكرم، شهر رمضان، فيقعون فريسة لهؤلاء الذين يجيدون التمثيل، مع أنهم ليسوا فقراء وليسوا من المحتاجين، وهناك حالات كثيرة لمتسولين تم اكتشاف بعد وفاتهم أنهم جمعوا ثروات طائلة حصّلوها من التسول، وحالات كثيرة يتم اكتشافها علي فترات أثناء مداهمات الشرطة. وقد حكي أحد العاملين في بنك كبير أنه شاهد متسولا، عرفه من هيئته فهو نفسه أحد عملاء البنك الكبار، أسوق هذه المعلومات ونحن في شهر رمضان، شهر البر والإحسان، الذي تتباري فيه القنوات الفضائية في نشر إعلانات، باطنها التسول وظاهرها أعمال الخير، وبنفسي شاهدت ثلاثا من النساء يحترفن التسول، ولكل واحدة منهن طريقتها في ذرف دموع فرائسها، شاهدتهن وهن يتشاجرن ويتبادلن السباب بأقذع الألفاظ، والسبب طبعا محاولة كل واحدة منهن الاستحواذ علي أموال الصدقات لنفسها. العلماء أكدوا في مواعظهم، أن لكل عبادة تعبا ومجهودا من أجل تحقيقه، الصلاة نقوم للوضوء ثم نمضي إلي المساجد لنؤدي الصلاة، الصيام نمتنع عن الأكل والشراب ومتع الدنيا، الحج فيه سفر ومشقة وتكلفة في الأموال، فما هو التعب بالنسبة للزكاة، قال العلماء أن تحرص علي أن تذهب لمستحقيها ولمصارفها الشرعية لا أن نتخلص منها، بمجرد أن نشاهد متسولاً يجيد التمثيل، أو إعلاناً نذرف بعده الدموع. لابد من تحري الدقة في البحث عن المحتاجين، ونحن في مجتمع كبير به فقراء كثر، يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، هؤلاء هم الأولي بهذه الملايين التي نهدرها في الشارع، لمن ليسوا في حاجة لها، هم يتصنعون الفاقة والعوز وغيرهم أولي، تبرع بنفسك لمن تعرفه وابحث عن المحتاجين فما أكثرهم وما أحوجهم في بلادنا، وابدأ بذوي القربي، وإن لم يكن هناك في أقاربك فقراء، فلتسأل من تثق فيهم من أصدقائك أو جيرانك. تقبل الله منا ومنكم، وكل عام وأنتم بخير.