بعد تبديد أموال رأس الحكمة..الدولار يعاود الارتفاع أمام الجنيه فى البنوك والسوق السوداء    «القاهرة الإخبارية»: فرنسا ترفض التصعيد الإسرائيلي في رفح الفلسطينية    توقف خط نقل الكهرباء بين السويد وليتوانيا عن العمل    توماس مولر: مواجهة ريال مدريد ستكون مختلفة.. ويمكننا اللعب أمامهم بشكل جيد    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباراة بيراميدز ضد فيوتشر    كلوب عن صلاح عندما تألق    الاضطرابات مستمرة.. «الأرصاد» توضح حالة الطقس غدا الثلاثاء    التفاصيل الكاملة لحادث دهس مطرب المهرجانات عصام صاصا لشاب على الدائري    أمينة الفتوى تكشف سببا خطيراً من أسباب الابتزاز الجنسي    لقاء علمي كبير بمسجد السلطان أحمد شاه بماليزيا احتفاءً برئيس جامعة الأزهر    ارتفاع عدد ق.تلى الفيضانات في البرازيل إلى 60 شخصا .. شاهد    أمير قطر ورئيس وزراء إسبانيا يبحثان هاتفيًا الاجتياح الإسرائيلي المرتقب لرفح    شباب الصحفيين عن إنشاء مدينة "السيسي" الجديدة في سيناء: رد الجميل لقائد البناء والتعمير    ننشر استعدادات مدارس الجيزة للامتحانات.. وجداول المواد لكافة الطلاب (صور)    استعدادا لفصل الصيف.. السكرتير العام المساعد بأسوان يتابع مشروعات مياه الشرب والصرف    الدوري الإماراتي، العين يتقدم على خورفكان بهدف نظيف بالشوط الأول (فيديو وصور)    محافظ مطروح: "أهل مصر" فرصة للتعرف على الثقافات المختلفة للمحافظات الحدودية    المصريون يحتفلون بأعياد الربيع.. وحدائق الري بالقناطر الخيرية والمركز الثقافي الأفريقي بأسوان والنصب التذكاري بالسد العالي يستعدون لاستقبال الزوار    هلال "ذو القعدة" يحدد إجازة عيد الأضحى|9 أيام رسميا من هذا الوقت    متضيعش فلوسك.. اشتري أفضل هاتف رائد من Oppo بربع سعر iPhone    وزير النقل يتابع إجراءات الأمن والسلامة للمراكب النيلية خلال احتفالات شم النسيم    محافظ المنيا يوجه بتنظيم حملات لتطهير الترع والمجارى المائية بالمراكز    في ذكرى ميلادها.. كيف تحدثت ماجدة الصباحي عن يسرا وإلهام شاهين؟    المخرج فراس نعنع عضوًا بلجنة تحكيم مهرجان بردية لسينما الومضة    برعاية الاتحاد العربي للإعلام السياحي.. انطلاق سوق السفر العربي في دبي وحضور غير مسبوق| صور    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    كيفية قضاء الصلوات الفائتة.. الأزهر للفتوى الإلكترونية يكشف عن أفضل طريقة    خطأ شائع في تحضير الفسيخ يهدد حياتك- طبيب تغذية يحذر    الصحة تعلن إجراء 4095 عملية رمد متنوعة مجانا ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    ختام فعاليات المؤتمر الرابع لجراحة العظام بطب قنا    ‫ إزالة الإعلانات المخالفة في حملات بمدينتي دمياط الجديدة والعاشر من رمضان    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    إصابه زوج وزوجته بطعنات وكدمات خلال مشاجرتهما أمام بنك في أسيوط    أبرزهم «السندريلا» وفريد الأطرش .. كيف احتفل نجوم الزمن الجميل بعيد الربيع؟ (تقرير)    في العام الحالي.. نظام أسئلة الثانوية العامة المقالية.. «التعليم» توضح    في خطوتين فقط.. حضري سلطة بطارخ الرنجة (المقادير وطريقة التجهيز)    مصرع شخصين وإصابة 3 في حادث سيارة ملاكي ودراجة نارية بالوادي الجديد    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    بعد إصابته بالسرطان.. نانسي عجرم توجه رسالة ل محمد عبده    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    مفوضية الاتحاد الأوروبي تقدم شهادة بتعافي حكم القانون في بولندا    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    غدا.. إطلاق المنظومة الإلكترونية لطلبات التصالح في مخالفات البناء    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    بالصور.. الأمطار تتساقط على كفر الشيخ في ليلة شم النسيم    وفد جامعة بيتاجورسك الروسية يزور مطرانية أسيوط للاحتفال بعيد القيامة    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    تعليق ناري ل عمرو الدردير بشأن هزيمة الزمالك من سموحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقلية البازار وإستراتيجية حافة الهاوية
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 05 - 2019

نذر المواجهة التى تلوح فى الأفق بين الولايات المتحدة الأمريكية، وإيران قد لا تعبر عن حقيقة، وقد ينطبق عليها المثل العربي, أسمع جعجعة ولا أرى طحناً، وقد يتوقف الأمر عند مرحلة الابتزاز من جانب، والتنازل من الجانب الآخر.
وإذا نظرنا فى العقل السياسى للجانبين: الإيرانى والأمريكى نجد أن هناك تشابهاً كبيراً خصوصا فى حالة الرئيس ترامب، بصورة تجعل من الرئيس الأمريكى أقرب القادة الغربيين إلى فهم العقل السياسى الحاكم فى إيران، والأقدر على التعامل معه، لأن ترامب ذاته تاجر من قيادات البازار الأمريكى الذى يصل للبيت الأبيض لأول مرة فى تاريخ الولايات المتحدة، فإذا كان يحلو للباحثين الذين يتعاملون مع إيران أن يصفوا نظام الحكم فيها بعقلية البازار، أى التجار التقليديين الذين يعرفون كيف يستحوذون على الزبون ويبيعونه ما يريدون بالسعر الذى يريدون، فإن الرئيس ترامب هو من هذه الفئة أيضاً.
منذ بداية الحوار المكثف بين الدول الست وإيران حول الملف النووى فى عام 2009؛ وحتى اليوم, تتبع إيران استراتيجيتين فى التعامل مع الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة هما:
أولاً: استراتيجية البازار التى تقوم على التفاوض الطويل والممل, الذى يدفع الطرف الآخر للتسليم بالسعر الذى يريده البائع، وهذا هو الجوهر العميق للشخصية الإيرانية، التى يسكنها تاجر البازار الذى يعرف ماذا يريد، ويبدأ من النقطة التى تقود المشترى للشعور بالنصر, أنه قد حصل على السلعة بسعر بخس، وفى الحقيقة هو ذات السعر الذى حدده تاجر البازار فى عقله، وبدأ من سعر أعلى حتى يصل اليه، لذلك تنطلق السياسة الخارجية الإيرانية من أسقف عالية جدا عند بدء التفاوض، ثم تتراجع بمنهج محسوب بدقة حتى تصل الى الهدف الذى حددته منذ البداية، ولكنها تشعر الطرف الآخر بالنصر، وتعطى انطباعاً زائفاً بالتنازل والتراجع، وهذا هو سعر تمسك قادة الاتحاد الأوروبى بالاتفاقيات الموقعة مع إيران؛ لأنها بالنسبة لهم كانت نصراً مؤزراً فى حينها، فقد نجح تاجر البازار الإيرانى فى بيعهم حالة النصر الوهمية.
ثانيا: استراتيجية حافة الهاوية، وتقوم على صنع موقف بطولى ضخم مستعد لأقصى درجات المواجهة من أجل مبادئه، ومصالحه السياسية العليا، وأنه لا يخاف العواقب, أياً كانت صورتها. وهذه الاستراتيجية تخدم الأغراض الأيديولوجية للنظام, الذى يقدم نفسه على أنه هو الأقدر على مواجهة الغرب، والوقوف أمامه بكل قوة وصلابة، وهذه الصورة الوهمية تسهم فى استحمار الشعوب والجماعات والأحزاب الإسلامية المنبهرة بالنموذج الإيرانى، وفى هذه الاستراتيجية يحافظ المفاوض الإيرانى على سقف مرتفع جداً من المطالب، مهدداً بإفشال المفاوضات، والانتقال الى بدائل أكثر شراسة، وأشد خطورة, وذلك حتى يصل الطرف الآخر الى حافة المواجهة، حينها تظهر استراتيجية البازار، ويتم التراجع الإيرانى فجأة، ويبيع بالسعر الذى رفضه سابقا.
ضمن هاتين الاستراتيجيتين تتعامل إيران مع صانع القرار الأمريكى، وذلك من خلال خطاب سياسى يتحدى القوة الأمريكية، كما كان يصعد الى حافة الهاوية مع الاتحاد الأوروبى فى العلن، ولكنه يقبل بكل الشروط فى الخفاء، وفى اللحظة المناسبة سوف يعلنها. والحقيقة أن إيران لن تواجه أمريكا والاتحاد الأوروبى، ولكنها سترضخ فى النهاية بعد تحقيق أقصى ما تستطيع من المكاسب.
والفارق الكبير بين مفاوضات البرنامج النووى مع الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، وبين الموقف الحالى فى المواجهة مع القوة الأمريكية منفردة فى عهد الرئيس ترامب, أن الرئيس ترامب يتعامل بنفس عقلية البازار الإيرانية، وبنفس استراتيجية حافة الهاوية، وقد رأينا ذلك فى تعامله مع كوريا الجنوبية والصين وغيرهما، ولذلك لن تنجح الأساليب الإيرانية السابقة التى تم تطبيقها فى مفاوضات البرنامج النووى، لأن الطرفين فى الموقف الحالى يفكران ويتصرفان بنفس العقلية, فلن يستطيع أحدهما تحقيق أهدافه على حساب الآخر.
والمتوقع أن تخضع إيران فى ملفات كثيرة، وتتراجع وتتنازل فى مناطق أكثر، وستقوم القوات الأمريكية بتدريبات ومناورات روتينية حية، ولكنها ستعود دون حرب، وستكون سوريا والعراق واليمن ولبنان هى الملعب الإيرانى للمواجهة، وستتخلى إيران عن عملائها وأصدقائها، أو يتخلون عنها, إذ إن من مصلحة روسيا وحكومة بشار إخراج إيران من سوريا بعد أن تم التخلص من الجماعات المسلحة.
وسيتم إنهاء دور حزب الله بقرار إيرانى، وسينتهى كذلك وجود الحشد الشعبى، ويعود الحوثى الى صعدة عبر بوابة الأمم المتحدة، بعبارة أكثر دقة سينتهى دور فيلق القدس، ويتم تهميش الحرس الثورى، لأن النظام الإيرانى يعلم علم اليقين أن المواجهة مع الولايات المتحدة ستكون فيها نهاية نظام ولاية الفقيه، ونهاية الجمهورية الإسلامية، لذلك لن يتم التضحية بالجوهر من أجل العرض، ولا بالأصل من أجل الفرع، وسيدخل النظام الإيرانى بيت الطاعة الأمريكى، ويعيد تطبيع علاقاته مع الغرب انتظاراً لعودة الحلم الغائب.
فى الحقيقة لا أحد من العرب يريد الإضرار بالدولة الإيرانية ولا بالشعب الإيرانى، كل ما يريده العرب منع الضرر الإيرانى عن دولهم ومجتمعاتهم، وقطع يد الشر الفارسية العنصرية الطائفية عن العبث بكل الدول العربية, تارة دينيا، وأخرى سياسيا، وثالثة عسكرياً، العرب يريدون إيران دولة طبيعية، مثل باقى دول العالم، وليس دولة ولاية الفقيه، وتصدير الثورة، ومن يخلص العرب من شرور دولة ولاية الفقيه وتصدير الثروة من المؤكد سوف يدعمونه.
لمزيد من مقالات د. نصر محمد عارف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.