« الحلم الأوروبى الجديد».. حلم يسعى جميع الساسة فى أوروبا حاليا لتحقيقه مع خوضهم انتخابات البرلمان الأوروبى الشهر المقبل فى الفترة من 23 حتى 26 ، وهو ما يسعى إليه ماتيو سالفينى أو «الكابتن» كما يطلق عليه، نائب رئيس وزراء إيطاليا ووزير داخليتها من وراء تحالفه الذى أعلنه مؤخرا مع حزب « البديل من أجل المانيا» للحصول على أكبر عدد ممكن من مقاعد البرلمان الأوروبى. فقد أعلن سالفينى رئيس حزب رابطة الشمال الإيطالى أن حزبه والحزب الألمانى اللذين ينتميان لأحزاب اليمين، يسعيان لتكوين كتلة قومية داخل البرلمان الأوروبى القادم. ومن جانبه أعلن يورج مويتن رئيس حزب «البديل من أجل المانيا» أن الكتلة الجديدة سيطلق عليها اسم «التحالف الاوروبى من أجل الشعب والأمم». ولكن يرى جيل ماكلورى، العالم السياسى بجامعة دبلن، أنه بالرغم من وجود احتمال كبير لتحقيق أحزاب اليمين المتطرف مكاسب فى الانتخابات القادمة، إلا أنه يجب الوضع فى الاعتبار أن هناك تاريخا طويلا للأحزاب الشعبية التى حاولت من قبل تكوين تحالفات وانهارت فيما بعد. وذكرت مجلة «الإيكونوميست» فى تقرير حول حلم سالفينى لتحقيق تحالف مع أكثر من حزب يمينى، أن هذا الحلم قد يكون صعب المنال، فعندما دعا سالفينى عددا من الأحزاب الأوروبية التى تنتمى لليمين أو اليمين المتطرف للحضور لميلانو لإعلان تكوين هذا التحالف، لم يحضر أى من أحزاب بولندا والمجر التى كان يرجو سالفينى حضورها.فطالما تجاهلت حكومتا بولندا والمجر توسلات إيطاليا لإعادة توزيع تدفقات اللاجئين الأفارقة لأوروبا، واستمر تجنب تناول المشكلة من جانب الدولتين. وحتى الآن، يظل الحل الوحيد من وجهة نظر أحزاب اليمين المتطرف فى أوروبا لمواجهة مشكلة اللاجئين الأفارقة هو غلق الحدود الأوروبية أمامهم تماما. أما بالنسبة للاتفاق بين الأحزاب على السياسة الاقتصادية الاوروبية، فهو أمر اكثر صعوبة، حيث تدعم أحزاب اليمين فى الشمال سياسة التقشف المالى الذى يدعى سالفينى أنها كانت وراء إعاقة تقدم الاقتصاد الإيطالى بل ودفعه للتراجع. فبالرغم من التوقعات بأن تشهد إيطاليا نهضة من الركود الذى شهدته خلال النصف الثانى من العام الماضى، إلا أن الأجواء تبدو ضبابية وغير مشجعة على الإطلاق. فقد قام مجلس الوزراء الإيطالى مؤخرا بإعلان توقعات بتحقيق نمو خلال 2019 يصل ل 0٫2 % بدلا من 1%، وبذلك لن تستطيع إيطاليا تحقيق الأهداف المرجوة منها والتى تم الاتفاق عليها مع المفوضية الأوروبية فيما يتعلق بعجز الموازنة والدين العام. وتتوقع الحكومة الإيطالية حاليا وجود نقص مالى خلال عام 2019 يصل إلى 2٫4 % من إجمالى الدخل القومى بدلا من 2% مع زيادة حجم أسهم الديون ل 132٫6% بدلا من 132٫2 %. وقد يكون هذا الوضع وراء التأييد الخافت لسالفينى نائب رئيس وزراء إيطاليا، فمنذ انتخابات مارس 2018 والتى حظى فيها حزب رابطة الشمال بزعامة الكابتن على تأييد أقل من 18%، إلا أن شعبية الحزب بدأت فى النهوض بثبات ثم عادت لتتراجع مرة أخرى. وحتى الآن، تهرب سالفينى من تحمل مسئولية انخفاض شعبية حزبه، حيث صمم على إلقاء اللوم على وزير المالية باعتباره المسئول الأول, من وجهة نظر سالفينى, عن السياسة الاقتصادية للدولة. وحاول سالفينى مؤخرا الضغط على وزير المالية لتمرير ضريبة ثابتة على أصحاب العقارات تصل ل 15% لمن يقل دخلهم عن 50 ألف يورو بهدف دفع النمو عن طريق تحفيز الطلب المحلى. وبذلك يخاطر سالفينى اقتصاديا وسياسيا، بعدما رفع آمال ملايين الإيطاليين الذين سيصابون بخيبة أمل كبيرة إذا لم يستطع تحقيق المرجو منه. ويبدو أنه ليس هناك أى أمل لخفض الضرائب بسبب الاتفاق الذى أبرمته إيطاليا مع المفوضية الأوروبية عام 2011 إبان كارثة اليورو ، مما يعنى انه يتحتم على الحكومة الإيطالية إيجاد 23 مليار يورو كدخل إضافى أو خفض النفقات لتجنب زيادة معدل ضريبة القيمة المضافة وهو معدل مرتفع بالفعل حيث يبلغ 22%. ويأمل سالفينى أو الكابتن ألا يحتاج للأخذ فى الحسبان قواعد الاستقرار المالى الخاصة بمنطقة اليورو أكثر من ذلك. فقد توقع مرارا وتكرارا تحقيقه للانتصار فى الانتخابات البرلمانية فى الشهر المقبل، مما يمكنه من تخفيف حدة القواعد المالية المفروضة على إيطاليا من قبل الاتحاد الأوروبى. ولكن توجد عقبتان أمام سالفينى. أولاهما، أن النواة أو الاساس للكتلة التى يسعى لتكوينها كانت تحالفا يضم رابطة الشمال وحزب الجبهة الوطنية الفرنسى بزعامة مارى لوبان، والتى تشير التوقعات إلى حصوله، أى التحالف، على 61 مقعدا من أصل 705 مقاعد فى البرلمان الأوروبى القادم وهو أقل من المتوقع أن تحصل عليه ثلاثة تحالفات أخرى. ومع استقطاب حزب البديل من أجل المانيا يمكن إضافة 13 مقعدا أيضا وهنا يتحتم على سالفينى العمل على استقطاب أحزاب من بولندا والمجر ليتمكن من الحصول بتحالفه على حوالى مائة مقعد. ولكن حتى فى حالة الانضمام غير المتوقع لأحزاب من بولندا والمجر لتحالف سالفينى، سيظل هذا التحالف متأخرا عن الأحزاب المحافظة والاشتراكية، خاصة وأن تلك الاحزاب ستتحد عند الضرورة للإبقاء على الأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة على الهامش واستمر هذا الحال على مدى الأعوام الأربعين الماضية. أما العقبة الثانية، فهى قيام الحكومات القومية بتقديم مرشحيها للمفوضية الأوروبية على أن تتم الموافقة عليهم من قبل المفوضية الأوروبية.