"العريف" و"عبدالعظيم" يهنئان الطفلة الفائزة فى مسابقة الأزهري الصغير بشمال سيناء    تراجع ثقة المستهلكين في أمريكا إلى أقل مستوياتها منذ يوليو 2022    منصة أبشر توفر مهلة إضافية لتسديد المخالفات المرورية بالمملكة السعودية    الفيضانات تقتل أكثر من 300 شخص في شرق أفريقيا مع استمرار هطول الأمطار    قائمة بيراميدز لمواجهة إنبي في الدوري    إخماد حريق شقة سكنية بمنطقة أبو النمرس    انتشال جثة شاب غرق في مياه النيل بمنطقة أطفيح    جنات تطرح فيديو كليب أحدث أغانيها «بنعيش مع ناس»    على طريقته الخاصة.. باسم سمرة يمازح أحمد السقا    المنتج محمد العدل يطالب الوثائقية بتوفير عروض للأفلام القصيرة    وزير النقل يبحث مع رئيس الوكالة الفرنسية للتنمية التعاون في تطوير البنية الأساسية للسكك الحديدية والجر الكهربائي    لقاح أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا.. هل يسبب متلازمة جديدة لمن حصل عليه؟ أستاذ أوبئة يجيب    طريقة عمل عصير ليمون بالنعناع.. يروي عطش الحر وينعش القلب    الأهلي يهزم الجزيرة في مباراة مثيرة ويتأهل لنهائي كأس مصر للسلة    ستبقى بالدرجة الثانية.. أندية تاريخية لن تشاهدها الموسم المقبل في الدوريات الخمسة الكبرى    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مصرع زوجين وإصابة طفليهما في حادث انقلاب سيارة بطريق سفاجا - قنا    «التعليم» تحدد موعد امتحانات نهاية العام للطلاب المصريين في الخارج 2024    إعلام عبري: حزب الله هاجم بالصواريخ بلدة بشمال إسرائيل    لوقف النار في غزة.. محتجون يقاطعون جلسة بمجلس الشيوخ الأمريكي    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    الخميس..عرض الفيلم الوثائقي الجديد «في صحبة نجيب» بمعرض أبو ظبي للكتاب    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    هيئة سلامة الغذاء تقدم نصائح لشراء الأسماك المملحة.. والطرق الآمنة لتناولها في شم النسيم    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    موقف طارق حامد من المشاركة مع ضمك أمام الأهلي    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    مدبولي: العلاقات السياسية بين مصر وبيلاروسيا تسهم في دعم التعاون الاقتصادي    دورتموند يستعيد نجوم الفريق قبل مواجهة سان جيرمان بدوري الأبطال    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    كراسي وأحذية وسلاسل بشرية.. طرق غير تقليدية لدعم فلسطين حول العالم    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    "دمرها ومش عاجبه".. حسين لبيب يوجه رسالة نارية لمجلس مرتضى منصور    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    حزب الله يستهدف مستوطنة أفيفيم بالأسلحة المناسبة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شوقى وحافظ

فى طفولتى وصباى لم أكن أعرف أمير الشعراء أحمد شوقى كما كنت أعرف صاحبه وتوءمه شاعر النيل حافظ إبراهيم.
وأنا نشأت فى بيئة ريفية لم تكن تسمح إلا بالقليل الذى يسد الحاجة من أقرب طريق يسمح بالاختيار. لكن ديوان حافظ كان من ضمن هذا القليل الذى وجدته فى مكتبة أبى فقرأت ما استطعت أن أقرأه منه وأنا بين العاشرة والثانية عشرة، على حين لم أعرف عن شوقى إلا ما غناه من قصائده عبد الوهاب وأم كلثوم وما كان يطلب منا حفظه فى المدرسة، وخاصة من حكاياته التى نظمها على مثال حكايات الشاعر الفرنسى لافونتين. ومازلت أذكر منها حكاية «الثعلب والديك» التى تنتهى بقوله:
يخطئ من ظن يوما
أن للثعلب دينا!
وفى بلدتنا (تلا منوفية) كان المناخ العام منحازا لحافظ ولا يكاد يذكر شوقي. إذ كان شوقى منسوبا للبيت الحاكم وكان حافظ منسوبا للشعب ولثورة 1919 التى شارك فيها التلاويون كما يشهد بذلك المؤرخ عبد الرحمن الرافعى فيما كتبه عن الثورة ويومياتها التى نقرأ فيها عن المظاهرات التى اندلعت فيها خلال شهر مارس 1919، كما اندلعت فى غيرها من مدن البلاد وقراها وأن المحتلين الانجليز كانوا يرسلون قوات لقمع هذه المظاهرات والاعتداء على المشاركين فيها ولهذا لجأ المصريون إلى خلع قضبان السكك الحديدية ليحولوا دون وصول القطارات التى تقل هذه القوات وهذا ما حدث فى تلا كما حدث فى غيرها.
ونحن نقرأ ما كتبه طه حسين عن حافظ وشوقى فنراه يقول عن أمير الشعراء إنه سجن فى قصر الخديو الذى كان يعمل فى «القلم الأجنبي» أى العلاقات الخارجية بعد عودته من بعثته فى فرنسا، وأن عمله فى ديوان الخديو حد من حريته كشاعر كما يمكن أن نفهم من كلام عميد الأدب الذى يختمه بقوله «فليت شوقى لم يكن شاعر الأمير قط».
أما محمد حسين هيكل فيرى أن الظروف التى عاش فيها الشاعران أعطت حافظا ما لم تعطه شوقى ووضعته فى مكان حاول شوقى أن يلحقه فيه ويجاوره «فقد كان الوقت كما يرى الدكتور هيكل وقت حافظ، والعصر عصر حافظ، والمجال مجال حافظ». وهذا ما نجده أيضا فى تقديم أحمد أمين لديوان شاعر النيل إذ يرى أن «شبيبة الوطنية إمامهم حافظ، وشبيبة الفن إمامهم شوقي». وأظن أن هذا هو ما ترجمته الألقاب التى خلعت على الشاعرين، فحافظ شاعر النيل أى شاعر البلاد وشعبها، وشوقى أمير الشعراء أى رب الفن وسيده المبدع.
فإذا انتقلنا إلى ما كتبه العقاد عن شوقى فى كتاب «الديوان» فسوف نرى موقفا بالغ العنف ضد شوقى تبناه الكثيرون الذين شككهم العقاد فى شاعرية شوقى وحتى فى وطنيته وحدثهم عن «عاداته الخصوصية ومنازعاته الليلية»؟ وولائه للقصر واستغلاله وظيفته فيه وقيامه بتوزيع الهبات على من يشاء، ورشوته الصحف التى تمدحه!
هذا هو المناخ الذى نشأت فيه وتأثرت بما كان يسوده من مواقف إزاء الشاعرين الكبيرين، ولم أراجع فيه نفسى إلا حين انخرطت فى حركة التجديد الشعرية التى كان عليَّ فيها أن أعيد قراءتى شوقى وحافظ والعقاد وطه حسين وغيرهم فاكتشفت أولا أن شوقى ليس شاعرا واحدا كما قال عنه طه حسين وإنما هو أكثر من شاعر، فشوقى شاعر الأمير الموظف فى الديوان غير شوقى العائد من المنفى متحررا من عمله السابق متفرغا لنفسه ولفنه ينطق بلسانه هو لا بلسان سواه وأنا مع طه حسين، لكنى لا أميز فى شوقى بين الموظف وغيره وإنما أميز فيه بين الشاعر التقليدى والشاعر المجدد الذى أوحى لى قبل خمسين عاما أن أكتب عنه دراسة نشرتها مجلة «الهلال» بعنوان «شوقى رومانتيكيا» اعتمدت فيها على شعره المسرحى كما نجده فى «مجنون ليلي» وفى «مصرع كليوباترة». ثم أكتشف بعد ذلك أو أجد أن شوقى ليس أقل وطنية من حافظ رغم اشتغاله فى القصر واتصاله بالطبقة الحاكمة ورغم بعده عن وطنه فى السنوات الأربع التى قضاها منفيا فى اسبانيا.
والفرق بين وطنيات حافظ ووطنيات شوقى أن الأولى تفيض بروح مصرية شعبية تمتزج فيها لغة الحديث اليومى بلغة الحماسة ولغة السخرية. أما شوقى فيظل محافظا على لغة مثقفة تجمع بينهما فى لغة التراث من رصانة وتقاليد محفوظة وما فى لغة العصر من صور وانفعالات صادقة. حافظ يفخر بوطنه ويسخر من الإنجليز حتى يصبح شعره فى بعض الأحوال قريبا من الحديث العادي. وشوقى ينفعل ويثور فيصبح شعره فنا ومجازا. ومن هنا تميز شعره فى الثورة بالإثارة والجمال.
والثورة فى ديوان شوقى هى الثورة المصرية «ثورة 1919 لكن ثورة 1919 عند شوقى فكرة قبل أن تكون حادثة. فكرة يتمثل فيها نزوع الإنسان لتحطيم القيود التى تغل يده وعقله وقلبه ولسانه وتحوله إلى شىء أو متاع. الثورة عنده هى البحث عن المدينة الفاضلة، وهى اللحظة التى يستعيد فيها الإنسان إنسانيته ويعيشها، من هنا كانت الثورة المصرية بداية أفضت بشوقى إلى غيرها من الثورات فغنى لها وغنى للثورة السورية ضد المحتلين الفرنسيين، وللثورة الليبية ضد المحتلين الايطاليين. ولم ينس الثورة الفرنسية التى اعتبرها تراثا لكل البشر، ولم يفرق بين ثورة ضد محتل أجنبى وثورة ضد طاغية أو ضد نظام مستبد.
دم الثوار تعرفه فرنسا
وتعلم أنه نورٌ وحقٌ
لمزيد من مقالات ◀ بقلم: أحمد عبدالمعطى حجازي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.