كثيرا ما أقابل هذه الايام بعدة أسئلة مهمة وملحة تدور حول جدوى التعديلات الدستورية؟ وكيف تنعكس بالإيجاب على وضع المرأة؟ لذا قررت الإجابة على هذه التساؤلات جميعها عبر هذه السطور القليلة القادمة, كرسالة لكل امرأة مصرية لكى تعى وتدرك ماهية التعديلات الدستورية وانعكاسها على وضعها فى المجتمع. بدايةً فقد جاء التعديل الدستورى فى المادة 102 فى الفقرة الأولى كما يلى: يُشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن أربعمائة وخمسين عضوًا، ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر، على أن يُخصص بما لا يقل عن ربع عدد المقاعد للمرأة. وقولا واحدا لا جدال فيه أن المرأة المصرية هي نصف المجتمع وإن كانت هي النصف فيجب أن تشكل نصف البرلمان الممثل عن الشعب وذلك لعدة أسباب، أولا: لأن هذا حق أصيل لها. وثانياً: لأن هناك إرادة سياسية مساندة ومؤمنة بقدرات المرأة المصرية وداعمة لها منذ البداية. وثالثاً: لأن المرأة المصرية أثبتت نجاحها فى جميع المناصب التى وصلت إليها و تستحق أن تتغير نظرة المجتمع لها وأن تحظى بفرصتها..وفى هذا الإطار أؤكد أن نسبة ال25% من مقاعد البرلمان هى نسبة مستحقة ومرضية الى حد ما ولكن المناصفة هي أملنا في المستقبل. وأوجه كلماتى الى جميع المعارضين للكوتة والمطالبين بإلغائها.. وأقول إن ضمان تمثيل المرأة في البرلمان من خلال الكوتة وذلك بتخصيص عدد ثابت أو نسبة من المقاعد للمرأة، هو نظام يعتمده العديد من دول العالم، ويعتبر من أكثر الحلول ملاءمة لتفعيل دور المرأة في المجال السياسي والتشريعي.. كما يعتبر نوعاً من الآليات التي تهدف إلى تغيير النظرة المجتمعية السلبية لكفاءة المرأة وقدرتها على الأداء الإيجابي والفاعل، وهو من شأنه أن يوجد واقعاً سياسياً جديداً..والمرأة ليست فئة فى المجتمع ينطبق عليها ما كان ينطبق على نسبة العمال والفلاحين التى تم إلغاؤها..ولكن المرأة هى نصف المجتمع..ومن حقها نصف مقاعد البرلمان.. كما أنها حققت إنجازاً غير مسبوق فى تاريخ البرلمان المصرى بوصولها الى نسبة 15% فى البرلمان الحالى، وتجربتها الحالية تجربة ثرية تستحق كل الاحترام والتقدير. وأما سطورى القادمة فهى لمن يهتم بلغة الأرقام التى دائما ما تكون المرآة التى تعكس الحقائق وتقدمها بصورة مقنعة، وفى هذا السياق توضح الأرقام معدلات تمثيل المرأة فى البرلمان على مستوى العالم وموقف مصر منها.. فلقد حصلت المرأة من خلال تطبيق الكوتة على نسبة 30% في 24 غرفة ب 21 دولة، وذلك بالمقارنة بالدول التى لم تطبق الكوتة حيث وصلت نسبة المرأة فيها الى 15.4% في 19 غرفة ب 16 دولة.. وحصلت المرأة فى عام 2018 على نسبة 30% في نحو 67 غرفة، وأقل من 10% في 39 غرفة..كما يبلغ متوسط وجود المرأة في الغرفتين على مستوى العالم 24.1% ..ويبلغ متوسط وجود المرأة في الدول العربية 18.7% .. وفي الدول الإفريقية 23.8% ، هذا وتتصدر رواندا قائمة الدول صاحبة أعلى معدّل لتمثيل المرأة في البرلمان على مستوى العالم حيث وصلت الى 68%. وليس هذا فقط ولكن عدد الدول في العالم التي تطبق كوتة دستورية أو كوتة انتخابية أو كوتة حزبية هو149 وتتراوح نسبة التمثيل إلى 23.5%، وبلغت نسبة تمثيل المرأة فى تونس 31%، كما أعلنت الإمارات تخصيص 50% من المقاعد للمرأة. هل تعلم إن تصنيف مصر فيما يتعلق بنسبة تمثيل النساء في برلمانات الدول العربية رقم 12.. وأنه فى حال حصلت المرأة المصرية على نسبة 25% فى البرلمان (وهو المقترح فى التعديل الدستورى) وفي حال عدم تحرك باقي الدول سوف تقفز مصر إلى المرتبة الرابعة. وهل تعلم ايضا أنه على الرغم من وصول المرأة المصرية إلى نسبة 14.9% في البرلمان الحالى.. إلا انها تشغل رقم 135 من بين 188 دولة على مستوى العالم. ولكن فى حالة وصول نسبة المرأة فى البرلمان المصرى الى 25% ومع الافتراض أن كل دول العالم لن يزيد عدد السيدات في البرلمان بها، سوف تقفز مصر إلى المرتبة 68 على مستوى العالم. وهناك مؤشر عدم المساواة بين الجنسين والذى يوضح أن مركز مصر الآن فى مؤشر التمكين السياسي هو 122 من 149 دولة..وإذا وصلت نسبة المرأة فى البرلمان الى 25% (وهو المقترح فى التعديل الدستورى) سوف يكون مركز مصر هو 91 من 149 دولة ( اى بفارق 31 مركزا إلى الأمام) ..ومع إضافة نسبة الوزيرات 25% الى نسبة البرلمانيات المقترح الوصول اليها فى التعديل الدستورى وهى 25% سوف يصل ترتيب مصر الدولي إلى 67..بمعنى ان مصر سوف تقفز مصر 55 نقطة. وفى ذات الإطار ايضا فقد جاءت الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 بهدف تحسين نسبة المشاركة السياسية للمرأة على جميع المستويات من حيث (صنع واتخاذ القرار والتشريع) حتى تصل إلى 35% في عام 2030. وردا على المشككين فى عدم وجود هذا العدد من الكوادر النسائية للدخول بهذه النسبة فى البرلمان ..أؤكد أن مصر زاخرة بالكوادر النسائية المؤهلة والقوية والتى تملك قاعدة شعبية كبيرة على الأرض، ولعل تجربة نجاح نائبات البرلمان على المقاعد الفردية فى منافسة الرجال خاصة على مقاعد فى الصعيد أو فى المناطق الشعبية مثل إمبابة أكبر دليل على ثقل المرأة.. كما أؤكد أن المرأة التى كانت سبباً رئيسيا في إنجاح الاستحقاقات الدستورية، حيث بلغت الكتلة التصويتية للنساء فى الانتخابات الرئاسية نحو 24 مليون صوت انتخابي، بما يقارب نحو 49% ممن لهم حق التصويت .قادرة وبكفاءة على تغيير البنية التشريعية، كما أن الوطن الذى أنجب البرلمانيات العظيمات أمثال فايدة كامل التى استطاعت أن تحتفظ بمقعدها البرلمانى أطول مدة فى تاريخ برلمانيات العالم، وألفت عزيز كامل، وآمال عثمان، ومفيدة عبدالرحمن، ونوال عامر ، وفوزية عبد الستار، وثريا لبنة، وعنايات أبو اليزيد وغيرهن قادر على أن ينجب المزيد خاصة فى ظل هذه الأحداث السياسية الكثيرة خلال العقد الاخير والتى أصقلت مهارات المرأة فى مجال العمل السياسى. وحديثى القادم للإجابة على سؤال مهم يجول فى أذهان الكثير حول جدوى وجود المرأة فى البرلمان من الأصل، وكأن البرلمان هو حق مكتسب للرجال فقط.. أؤكد أن المرأة هى الأكثر وعيا وإدراكا لقضايا المرأة فى المجتمع وهى الاقدر على تمثيلها ونقل صوتها واحتياجاتها..ولا يخفى على أحد ان احتياجات المرأة ومتطلباتها تعود بالنفع على المجتمع ككل، فالمرأة تفكر فى قضايا مثل الصحة والتعليم والبيئة والاقتصاد والتخطيط من منظور مختلف عن الرجال ،لأنها المعنية الاولى بصحة أبنائها وتعليمهم والتخطيط لمستقبلهم، ولعل وجود 8 وزيرات فى الحكومة الحالية يحملن مسئولية أهم الملفات دليل على قدرة المرأة وكفاءتها. ولعل القوانين المهمة التى صدرت فى ظل وجود النسبة الحالية للمرأة فى البرلمان والتى تبلغ 15% دليل على مدى التأثير الذى تحدثه المرأة بوجودها فى البرلمان فجميع القوانين تهم المجتمع ككل، ومن بين هذه القوانين، قانون نظام التأمين الصحي الشامل، وقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وقانون تنظيم عمل المجلس القومى للمرأة، وقانون تجريم الحرمان من الميراث، وقانون الاستثمار، وقانون تغليظ عقوبة ختان الإناث، وقانون صندوق تكريم ضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الإرهابية والأمنية وأسرهم ، وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، وقانون حماية المستهلك، وقانون الخدمة المدنية، وقانون صندوق تحيا مصر، وقانون تعديل بعض مواد قانون تنظيم السجون، وقانون تعديل مباشرة الحقوق السياسية، ومن مشروعات القوانين التى قُدمت: قانون تنظيم الأسرة، وقانون منع زواج الاطفال ، وقانون تعديل احكام الولاية على المال، وقانون الإدارة المحلية، وقانون العمل ومفوضية المساواة ومنع التمييز. ومما سبق فإن صوتنا للتعديلات الدستورية هو صوتنا لمصر بكرة..لمصر أفضل بين دول العالم وهى مكانة تستحقها مصر هبة النيل ومهد الحضارات ..صوتنا لمصر تحترم المرأة وتقدر دورها فى المجتمع. وفى الختام أوجه دعوتى الى المرأة المصرية على أرض الوطن وخارجه.. أن تستكمل مسيرة دعمها لوطنها. وأن تقدم للعالم نموذجا جديدا لمساندة المرأة المصرية لوطنها.. وأن تشارك وبقوة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية.. حتى تحصل المرأة على حقوقها.. فالتنمية التي لا تشارك فيها المرأة هى تنمية معرضة للخطر. لمزيد من مقالات د. مايا مرسى