شهدت مصر منذ ايام ثلاث عمليات ارهابية فى يوم واحد، اولاها تفجير انتحارى قام به طفل فى الخامسة عشرة من عمره فى الشيخ زويد بسيناء ادى الى استشهاد 7 منهم ضابطان وفردا امن واصابة 26 مواطنا والثانية فى منطقة النزهة بالقاهرة التى تم فيها اطلاق النار على دورية شرطة ادت الى مقتل ضابط وعدد ومن الافراد والمواطنين والثالثة اطلاق نار على كمين امنى فى السلوم بمرسى مطروح ادى الى بعض الخسائر، ويعنى هذا انه مازالت هناك عناصر ارهابية تتربص بالجيش والشرطة وتحاول ان تستعيد ما خسرته من ارض فى السنوات السابقة ومن المهم ان تتواصل الجهود الرامية لذلك لأن اى توقف عن مطاردة العناصر الارهابية سيؤدى الى نموها من جديد. وما حدث خلال السنوات السبع الماضية اكبر دليل على ذلك، فقد كانت سيناء حتى سنة 2013 رهينة لهذه العصابات الارهابية ولولا التصدى لها بقوة لكانت قد ضاعفت من أعمالها لأنها كانت بالفعل قد وطدت اقدامها فى سيناء ونجحت فى انشاء بيئة حاضنة للارهاب هناك، وقد بذلت جهودا مستميتة وقدمت تضحيات كبيرة للقضاء على هذه المنظمات الارهابية بعد سقوط حكم الاخوان وتحققت نجاحات هائلة فى هذا الصدد أدت الى استئصالها خلال سنوات قليلة ولكن ذلك لا يمنع من القول إنه مازال لها وجود وان كان محدودا إلا انه قابل للتمدد مرة اخرى. ويمكن القول إن هناك عوامل أدت لنمو الارهاب فى سيناء ،منها تشكل بيئة حاضنة لهذه المنظمات جاذبة لمثل هذه العناصر الإرهابية التى هددت الامن القومى المصرى خاصة أنها حاولت الامتداد الى الوادى فكانت عمليات نسف مديرية امن القاهرة ومديرية امن الدقهلية وابراج الكهرباء وغيرها من العمليات التى تصدت لها القوات المسلحة والشرطة المدنية ونجحت فى استئصال العناصر الارهابية داخل الوادى فى القاهرة والوجه البحرى والصعيد. كما نجحت فى تصفية الوجود المنظم للجماعات الارهابية فى سيناء ماعدا عناصر متفرقة ما تزال موجودة حتى الآن وما حدث من نجاح لهذه الجهود وتصفية الارهابيين الى حد كبير للغاية يجب ألا يدفعنا الى التراخى، فهذه العمليات التى حدثت اخيرا تؤكد حقيقة ان الارهاب داء ينمو فى الوقت الذى نركن فيه الى عدم استئصاله كلية. وهناك اسباب اخرى يجب ألا نغفلها والمتمثلة فى حدود مصر الغربية التى يزيد طولها على 1115 كم مع ليبيا التى اصبحت مرتعا لعشرات المنظمات الارهابية بما فيها القاعدة وداعش والتى تستهدف بشكل مباشر التسلل الى مصر، حيث ووجهت محاولاتها بمقاومة ضارية من الجيش المصرى والطيران المصرى، ووصل الامر الى ضرب قواعدها داخل ليبيا للحد من قدرتها على التسلل الى مصر, ومازلنا نذكر عشرات المحاولات التى افشلتها المقاومة المصرية وهناك ايضا حدودنا مع السودان التى تصل الى 1280 كم تقريبا والتى يأتينا منها عناصر ارهابية ويغادر مصر عبر هذه الحدود عناصر إرهابية للتدريب على القتال وحمل السلاح والعودة مرة اخرى ولا يقل عن ذلك خطورة سواحلنا الشرقية على البحر الاحمر الذى يتزايد فيه الوجود الاجنبى والصراع على النفوذ الذى تشارك فيه الولاياتالمتحدة وإسرائيل وتركيا حيث تنتشر قواعدها على طول هذه السواحل فى السودان والصومال وباب المندب وغيرها ويعنى هذا ان حدود مصر الغربية والجنوبية والشرقية يجب ان تحظى بنفس الاهتمام الذى تحظى به الآن سيناء بالنسبة لأمن مصر، لأن توطين الارهاب فى مصر هدف أساسى لقوى دولية وإقليمية يزعجها استعادة مصر قدرتها على الردع فى المنطقة كما تستهدف قدرة مصر على ان تبنى تحالفا اقليميا يحميها ويحمى دولا اخرى حليفة لها سواء كانت عربية او غيرها. وفى مواجهة هذه التهديدات الخارجية والداخلية فان جهود القوات المسلحة والشرطة يجب ان تستمر فى مطاردة الارهاب واجتثاثه من جذوره، لكن هذه الجهود الامنية لا تكفى وحدها لاستئصال هذا الارهاب بل من الضرورى ان نتصدى لأسبابه مباشرة وعلى رأسها تعزيز الوجود العسكرى فى سيناء لمنع القوى التى تريد توطين الارهاب فى مصر من العودة مرة أخرى، ويكفى ان نعلم انه يوجد 20 الف مقاتل من داعش يتهيأون للخروج من سوريا والعراق الى ليبيا ومصر بالدرجة الاولى, ومن المهم ايضا ان يكون هناك جهد تنموى فى سيناء، بالإضافة الى تعميرها ومضاعفة الجهد الفكرى والاهتمام بالبعد الثقافى التنويرى فى سيناء والوادى فضلا عن اقامة تحالفات اقليمية ضد الارهاب. لمزيد من مقالات عبد الغفار شكر