الإصلاح والنهضة يهاجم الحركة المدنية: تسير خلف "تريندات مأجورة"    أفراح واستقبالات عيد القيامة بإيبارشية الوادي الجديد والواحات .. صور    انفوجراف.. توقعات بنمو الطلب العالمي على الصلب    نقيب الفلاحين يحذر: سعر الثوم يصل ل 150 جنيها في تلك الحالة    إزالة 164 إعلاناً مخالفاً خلال حملة مكبرة في كفر الشيخ    جيش الاحتلال الإسرائيلي: تنفيذ 50 غارة جوية على رفح    سنؤذيك.. أمريكا تهدد المدعي العام للجنائية الدولية    غارة إسرائيلية تدمر منزلا في عيتا الشعب جنوب لبنان    قرار مفاجئ.. فرج عامر يعلق على لقطة طرد حسام حسن بمباراة الزمالك    بيزود الشك.. نجم الزمالك السابق يفتح النار على حكم مباراة سموحة    احتفالاً ب شم النسيم.. إقبال كبير على حديقة صنعاء في كفر الشيخ|صور    أثناء زفة عروسين .. إصابة 5 أشخاص بينهم 3 أشقاء فى حادث تصادم بقنا    فيفو تكشف موعد إطلاق هاتفها المميز Vivo X100 Ultra    تصريح خاص ل "صدى البلد" .. بلال صبري يعلن أسباب توقف فيلم نور الريس    بإطلالة شبابية.. ليلى علوي تبهر متابعيها في أحدث ظهور    محمد عدوية يشعل حفل أعياد الربيع في المنوفية    صالة التحرير ترصد معاناة سيدة من مرض سرطان العظام والصحة تستجيب    ضحايا احتفالات شم النسيم.. مصرع طفل غرقًا في ترعة الإسماعيلية    موعد إجازة عيد الأضحى 1445 للطلاب والبنوك والقطاعين الحكومي والخاص بالسعودية    ثقافة الإسماعيلية تحتفل بأعياد الربيع على أنغام السمسمية    بعد فوز ليفربول على توتنهام بفضل «صلاح».. جماهير «الريدز» تتغنى بالفرعون المصري    زيادة في أسعار كتاكيت البيّاض 300% خلال أبريل الماضي وتوقعات بارتفاع سعر المنتج النهائي    صانع الدساتير يرحل بعد مسيرة حافلة، وفاة الفقيه الدستوري إبراهيم درويش    مائدة إفطار البابا تواضروس    طلاب جامعة دمياط يتفقدون الأنشطة البحثية بمركز التنمية المستدامة بمطروح    خاص| مستقبل وطن: ندين أي مواقف من شأنها تصعيد الموقف ضد الشعب الفلسطيني    قبل عرضه في مهرجان كان.. الكشف عن البوستر الرسمي لفيلم "شرق 12"    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    غداً.. «التغيرات المناخية» بإعلام القاهرة    صحة الإسماعيلية.. توعية المواطنين بتمارين يومية لمواجهة قصور القلب    رفع الرايات الحمراء.. إنقاذ 10 حالات من الغرق بشاطئ بورسعيد    عضو ب«الشيوخ» يحذر من اجتياح رفح الفلسطينية: مصر جاهزة لكل السيناريوهات    الأهلي يُعلن تفاصيل إصابة عمرو السولية    لسهرة شم النسيم 2024.. طريقة عمل كيكة البرتقال في المنزل    أمينة الفتوى تكشف سببا خطيراً من أسباب الابتزاز الجنسي    لقاء علمي كبير بمسجد السلطان أحمد شاه بماليزيا احتفاءً برئيس جامعة الأزهر    المصريون يحتفلون بأعياد الربيع.. وحدائق الري بالقناطر الخيرية والمركز الثقافي الأفريقي بأسوان والنصب التذكاري بالسد العالي يستعدون لاستقبال الزوار    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    الصحة تعلن إجراء 4095 عملية رمد متنوعة مجانا ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    نانسي عجرم توجه رسالة إلى محمد عبده بعد إصابته بالسرطان.. ماذا قالت ؟    في العام الحالي.. نظام أسئلة الثانوية العامة المقالية.. «التعليم» توضح    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    إصابه زوج وزوجته بطعنات وكدمات خلال مشاجرتهما أمام بنك في أسيوط    في خطوتين فقط.. حضري سلطة بطارخ الرنجة (المقادير وطريقة التجهيز)    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    مفوضية الاتحاد الأوروبي تقدم شهادة بتعافي حكم القانون في بولندا    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    خالد الغندور: علي معلول ليس نجما في تونس.. وصنع تاريخا مع الأهلي    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    ميدو يوجه رسالة إلى إدارة الزمالك قبل مواجهة نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد السياسى لثورة 1919 (2)
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 03 - 2019

فى أعقاب ثورة 1919 أصدرت بريطانيا تصريح فبراير 1922، وبموجبه أعلنت بريطانيا إلغاء الحماية على مصر واستقلالها القانوني، وأصدر الملك دستور 1923، وفى ظله فاز حزب الوفد فى انتخابات برلمان 1924 وشكل الحكومة، وبدأ تعديل السياسة الاقتصادية بحيث استجابت، وإن جزئياً وتدريجياً، لمتطلبات تعزيز استقلال مصر الاقتصادى وتحفيز التصنيع الرأسمالى الوطني.
وأسجل، أولا: أن دستور 1923 قد أعاد اختصاصا أصيلا سحبته سلطات الاحتلال البريطانى من الهيئات النيابية، وهو الرقابة على الموازنة العامة للدولة؛ فنص على وجوب تقديم مشروع الميزانية والحساب الختامى الى البرلمان كى يعتمدها ويوافق عليها، وفى مواجهة عقود الامتياز التى منحت بلا ضابط من قبل، نص الدستور على أن كل التزام موضوعه استغلال مورد من موارد الثورة الطبيعية فى البلاد أو مصلحة من مصالح الجمهور العامة لا يجوز منحه إلا بقانون ولزمن محدود، واشترط الدستور اعتماد البرلمان مقدماً لأى تصرف مجانى فى أملاك الدولة. وتقييدا لتفاقم الدين العام دون قيد وبعيداً عن أى رقابة, نص الدستور على أنه لا يجوز إلا بموافقة البرلمان عقد قرض عام، ولا تعهد قد يترتب عليه إنفاق مبالغ من الخزانة، فى سنة أو فى سنوات مقبلة. والتزاماً بتنظيم سداد الدين العام الذى مثل ذريعة للتدخل فى شئون البلاد واحتلالها نص الدستور على أن اعتمادات الميزانية المخصصة لسداد أقساط الدين العام، لا يجوز تعديلها بما يمس تعهدات مصر فى هذا الشأن.. الخ.
وثانيا: أن برلمان 1924 قد اتخذ عدداً من القرارات، التى استهدفت إعادة السيادة القومية على صياغة السياسة الاقتصادية وخاصة السياسات النقدية والمالية، واتجهت الى دعم الرأسمالية الصناعية والزراعية الوطنية الصاعدة. وهكذا، على سبيل المثال، قرر البرلمان: استهلاك الدين العام الخارجي، وتنظيم العملة بهدف تحرير العملة المصرية من التبعية للعملة البريطانية، وسحب المبلغ المودع فى بنك انجلترا من الاحتياطى العام، واختيار مندوبى الحكومة لدى الشركات الأجنبية من المصريين، وحذف الاعتماد المخصص من الميزانية لنفقات جيش الاحتلال البريطانى ، وتقديم السلف الحكومية للجمعيات النقابية، وبيع أكبر جزء من أراضى الحكومة لصغار المزارعين، وتأجير ما يمكن تأجيره منها بالمزاد، وأن تفضل الحكومة فى مشترياتها منتجات الصناعة والزراعة الأهلية وأن تشترط ذلك فى مقاولات الأشغال العامة، وفتح اعتماد من الاحتياطى لفتح مدارس أولية ومدارس للمعلمين.. الخ. كما أصدر البرلمان قرارا يدعو الى تحرير العملة المصرية من التبعية للعملة البريطانية، وقرارا آخر يدعو الى سحب المبلغ من الاحتياطى العام المودع فى بنك انجلترا.
وثالثا: أن الدعوة الى فض تبعية الجنيه المصرى للجنيه الاسترلينى قد تجددت خلال الأزمة الاقتصادية فى مطلع الثلاثينيات، والتى جاءت انعكاسا للكساد العالمي، وتصاعدت الدعوة الى فرض الرقابة على الصرف ووضع قيود على التجارة الخارجية. والأمر أن حق امتياز اصدار البنكنوت الذى منح للبنك الأهلى المصرى قد خلق ما سمى بمشكلة الأرصدة الاسترلينية، التى نجمت عن الإنفاق البريطانى غير المقيد فى مصر خلال الحرب العالمية الثانية والتحويل التلقائى للجنيهات الاسترلينية المستحقة لمصر مقابل هذا الانفاق الى لندن، على حساب احتياجات النهوض الصناعى الوطنى من النقد الأجنبى لتغطية الواردات من الآلات والمعدات. وقد بدأت مصر تحقيق مطلب تحرير العملة المصرية من التبعية للعملة البريطانية بانضمام مصر الى صندوق النقد الدولى فى عام 1945، وخروجها من المنطقة الاسترلينية، وفرض الرقابة الحكومية المصرية على عمليات الصرف الأجنبي، وانهاء التحويل التلقائى للأرصدة الاسترلينية والنقد الأجنبى الى لندن. وبهدف التغلب على استمرار مشكلة الأرصدة الاسترلينية التى فاقمت مشكلات تمويل التجارة الخارجية توالى عقد الاتفاقيات التجارية الثنائية، التى وقع أهمها مع الاتحاد السوفييتي.
ورابعا: أن الاتجاهات الاجتماعية الاقتصادية السابقة واللاحقة للحرب العالمية الأولى كانت تشير إلى حتمية تأسيس بنك وطني، لكن قوة الدفع الحاسمة وفرتها ثورة 1919، بتشجيعها طلعت حرب ومؤيديه على تنفيذ فكرتهم. وكانت المساندة الوطنية اللاحقة لبنك مصر وحملة الصحافة الوطنية لدعمه كمشروع وطنى لتحقيق الاستقلال الاقتصادى حاسمة خلال السنة الأولى من عملياته. وقد ساند حزب الوفد مطالب بنك مصر تحت قيادة مؤسسه طلعت حرب. وهكذا، فى إطار موقفه الوطنى المعادى للاستعمار البريطاني، أعلن حزب الوفد موقفه الداعم للصناعة القومية بنداء وجهه إلى الشعب فى عام 1992؛ داعياً المصريين إلى أن يودعوا أموالهم فى بنك مصر، وأن يقبلوا على شراء أسهم بنك مصر حتى تتسنى له المساهمة فى إحياء المشروعات الوطنية وتنشيط الصناعة والتجارة المصرية، وان يفضلوا المصنوعات الوطنية، وأن يتعاملوا مع التاجر المصري، ويقاطعوا التاجر الإنجليزى مقاطعة تامة.
وخامسا: أن شراء أسهم وسندات الشركات المساهمة الأجنبية العاملة فى مصر قد تزايد فى فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى من جانب أصحاب الأموال من المصريين الباحثين عن التوظيف المربح لأموالهم. وكان التطور الأهم هو إصدار قانون الشركات المساهمة لعام 1927، أول قوانين التمصير؛ الذى قاد الى تزايد نصيب رأس المال الوطنى فى اجمالى رءوس أموال الشركات المساهمة الجديدة وخاصة الصناعية. ثم صدر القانون رقم 138 لسنة 1947، أكثر قوانين التمصير راديكالية، وفى أعقاب الحرب العالمية الثانية، اشتد الاتجاه الى زيادة نصيب رأس المال الوطنى فى اجمالى رءوس أموال الشركات المساهمة الجديدة خاصة الصناعية. وبفضل تأسيس شركات مجموعة بنك مصر وعملية التمصير أصبح توزيع رءوس أموال الشركات المساهمة العاملة فى مصر أفضل لمصلحة الرأسمالية المصرية، ونال المصريون نصيباً أكبر فى إدارة الشركات الاجنبية المساهمة. وكان تمصير البنوك التجارية العاملة فى مصر جزءا من عملية التمصير، حيث اتجهت البنوك التجارية الأجنبية منذ الثلاثينيات الى تمثيل المصريين فى اداراتها؛ تحت ضغط تنامى الوعى القومى وتعديل تشريع الشركات المساهمة، وإن بقى نفوذ المصريين ضئيلاً فى توجيه سياساتها.
لمزيد من مقالات د. طه عبدالعليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.