ارتفعت أخيرا أصوات العظماء من رجال الثقافة والفكر السياسى للمطالبة بدفع المجتمع الأوروبى نحو مساندة الاتحاد الأوروبى أكثر من أى وقت آخر بهدف معالجة الاضطرابات والتيارات الشعبوية ومواجهة الخطر الداهم الذى يهدد القارة العجوز وقام ثلاثون كاتبا وفيلسوفاً وشخصيات عامة من العالم أجمع ومن بينهم كتاب فازوا بجائزة نوبل للسلام مثل كاتب البيرو الشهير ماريو فارجاس بتوقيع بيان يحذر من أن النيران سوف تبتلع البيت الأوروبى كما أن إرهاصات البعد القومى المتشدد واليمين المتطرف قد تدمر القارة العجوز. مثقفى العالم اكدوا ان البناء الأوروبى هو المشروع الديمقراطى الأكثر أهمية اليوم فى العالم بالنسبة للأوروبيين والعالم أجمع لأن أوروبا هى أساس الثقافة الغربية ومهد الحرية السياسية وموقع ميلاد الديمقراطية الليبرالية وحقوق الإنسان وأنه يجب الحفاظ على كل هذه الموروثات لينتقل العالم إلى مستقبل أفضل.. كما لا يجب ترك الولاياتالمتحدة والصين لتصبحا الأسياد الحقيقيين للتقدم والمسيطرتين وحدهما على الحياة الاقتصادية والثقافية إلى جانب أن التكامل الأوروبى من خلال توحيد أوروبا وتذليل المعوقات أمام مخاطر التفتيت عامل جوهرى لإيجاد المنافسة الودية مع الأقطاب الأخرى للتنمية الاجتماعية بعيداً عن الحروب والصراعات.. ولقد أجاب المثقفون رداً على محاولات فيكتور أوربان بالمجر وسالفينى بإيطاليا الخاصة بتفتيت أوروبا بأن تلك القارة الغربية سمحت بميلاد القيم الإنسانية وأن أوروبا حتى هذه اللحظة وكما نفهمها هى التى أوجدت المجتمعات الأكثر حرية والأكثر ثقافة وتسامحا مطالبين بمواجهة صعود الشعبويين لتفادى الخطر لأن الوحدة الأوروبية لها تأثيراتها الإيجابية على الدول الأعضاء وعلى مجمل القارة.. والدليل على ذلك رغبة الشعوب الشديدة التى تريد الانضمام للاتحاد الأوروبى.. إلى جانب أيضا الإيمان بنجاح أوروبا وإنجازاتها المؤكدة حيث إن مواطنين كثيرين الآن ببريطانيا على يقين بأضرار البريكسيت ويعترفون بأن خطأ جسيما قد ارتكب، وإذا أقدمت بريطانيا على استفتاء جديد فهناك أغلبية تأمل فى أن تبقى داخل أوروبا. لاشك أن أوروبا تواجه مشكلة تطور مخاطر التيار الشعبوى الذى يؤدى إلى الكراهية عموما وكراهية خاصة للأجانب وإلى معاداة السامية وإنما أخطر شىء يحاول المفكرون الغربيون حاليا مناهضته هو التيار القومى المتشدد الذى شهدناه خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية وحتى يتم تفادى عودة هذا التيار الخطير يجب التصدى للكراهية من خلال الأسلحة والوسائل السلمية وهى الأفكار والعقل والتعبئة السياسية. نعم إن موجة القومية المتطرفة التى تجتاح بعض الدول الأوروبية مخربة ولقد سجلها تاريخ النازية والفاشية.. ولذلك فإن المدافعين عن البناء الأوروبى يقومون بتعبئة الحائزين على جوائز نوبل للسلام والمفكرين العالميين خوفا من تدمير البناء الأوروبى الذى يعتبر مشروعا مثاليا. لمزيد من مقالات عائشة عبدالغفار