بالتأكيد لم تكن مجرد كلمات تقال فى مناسبة تدوم عدة ساعات أو يومين أو ثلاثة.. ولم يكن مجرد خطاب يضم كلمات تستهدف انتزاع التصفيق أو ترديد الهتافات بل كانت بحق خريطة طريق لمشروع قومى شامل يدشن مرحلة جديدة من العمل الوطنى ينطلق من حدود مصر الجنوبية, من أسوان الساحرة, ليصل إلى جذورنا الإفريقية ليؤكد أن مصروعمقها الإفريقى نحمله فى قلوبنا وعقولنا وخواطرنا وضمائرنا.. وليكن ذلك هو شعارنا وهدفنا وغايتنا وبوصلتنا التى تهدينا إلى الطريق الصحيح.. وليكن ذلك أيضا هو مشروعنا القومى الأكبر الذى يستهدف تحقيق المصلحة العليا ل58 دولة تحتضنها القارة السمراء. لم يكن خطابا يلقيه السيسي, فى مناسبة يشهدها 1500 من أصحاب السواعد الفتية السمراء من كل أرجاء الدول الإفريقية والعربية الذين يعتبرهم السيسى الحصان الأسود الرابح فى ماراثون تحقيق التنمية وتحمل كامل المسئولية مستقبلا, إذ كانت حروفه بحق تنبض بالحياة وتجسد حلما ليس هناك وقت لنضيعه.. وكان الحفاظ على الأمن القومى لجميع أركان القارة, التى أرهقتها الحروب الأهلية وأنهكتها عمليات الإرهاب الذى لا يعرف ديناً أو جنسية, خطا واضحا لا يقبل النقاش أو المزايدة فالحفاظ على أمن القارة القومى هو مسئوليتنا الأولى جميعا أمام الله سبحانه وتعالى وأبناء وطننا الأكبر. هكذا لم يكن خطاب الرئيس السيسى صباح الأحد الماضي, خلال كلمته فى اليوم الثانى من ملتقى الشباب العربى الأفريقى الذى انعقد فى الساحرة الجنوبية أسوان سوى تأكيد جديد يعكس بحق مشاركة القائد ومعايشته لكل مشاكل ومتاعب جماهير المواطنين سواء فى مصر أو فى مجمل دول القارة, التى يحمل همومها أيضا بوصفه رئيس الاتحاد الافريقي, ورسالة جديدة إلى كل من يهمه الأمر فى أرجاء المعمورة بان تغييرا حقيقيا ينشد عدالة اجتماعية حقيقية لكل أبناء القارة السمراء ويجسد بالفعل معنى المشاركة فى الوطن الأكبر قد بدأ بالفعل. وبالتأكيد فإن إفريقيا الجديدة ليست ظرف مكان بل صفة لما ستكون عليه القارة مستقبلا ومن خلال ملامح سيرسمها ابناؤها وأعنى هنا أن سمراء الكون التى عانت طويلا من أن تكون هدفا دائما للأطماع الاستعمارية ستصبح بالفعل جديدة فى ضوء مبادرات التنمية التى أطلقها الرئيس السيسى وأشهد عليها أصحاب المصلحة الحقيقية من أبنائها إلى جانب دول العالم. ولأنه ابن المؤسسة الوطنية العسكرية ولا يعرف سوى الإصرار والتحدي, أما أنصاف الحلول فقد غادرت قاموس تعاملاته مع كل القضايا التى تصدى لها وواجهها من جذورها.. ولأن الإرهاب الغادر يمثل تهديدا حقيقيا لأبناء القارة ودولها فقد طرح السيسى فى مقدمة مبادراته الثلاث حتمية إعداد آلية مشتركة لمكافحة الإرهاب، إذ قال: من الضرورى التكاتف لمكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات التى تواجه الدول العربية والإفريقية، والعمل على إيجاد آلية عربية إفريقية لمكافحته، مؤكدا أن مكافحة الإرهاب ستكون من خلال خطة عمل.. ووجه وزارة الخارجية المصرية ومختلف الجهات المعنية فى الحال للعمل على تنفيذها فى أسرع وقت إذ لم يعد أمام دول العالم المحب للسلام والأمن ترف الانتظار بعد أن طال هذا الإرهاب الأسود مواطنين أبرياء فى أقصى نطاق المعمورة مسالمين كانوا يسجدون لله سبحانه وتعالى قبل 24 ساعة فقط من عقد الملتقى. ولأن السوق العربية المشتركة ذلك الحلم الذى راود الكثيرين من الرواد لم يتحقق حتى الآن من أربعينيات القرن الماضى فقد آن الأوان لأن يضم هذا الحلم جناح العمق الإفريقى إذ دعا السيسى إلى إقامة سوق عربية أفريقية مشتركة أو مؤسسة تمويل عربية إفريقية بتكلفة مالية محددة، لتنفيذ مشروعات لمصلحة البنية التحتية فى الدول العربية والإفريقية باعتبار أن ذلك يعد مقدمة لتنفيذ المشروع، الذى من المقرر اتمامه من خلال صناديق للتمويل ذاتيا، بالاشتراك مع الصناديق الدولية بالخارج. وفى ثالث مبادراته دعا السيسى إلى إعداد ورقة عمل جادة للحوار بين الدول العربية والإفريقية، على أن تطرح، خلال القمة العربية الأفريقية المقبلة، فى الرياض باعتبار أن وادى النيل ممر للتكامل الإفريقى والعربى على أن تطرح هذه الورقة من خلال التعاون بين وزارة الخارجية المصرية والاتحاد الإفريقى وكل الدول العربية. ولأن تنفيذ مثل هذه المبادرات على أرض الواقع يمثل حلما فلابد أن يتم الربط بين الدول الأفريقية بريا من خلال شبكة الطرق والسكك الحديدية، وبحريا من خلال مشروع الربط الملاحي، وجويا من خلال ثورة اقتصادية فى إفريقيا، ويؤدى الى التفاعل الذاتى بين الدول المختلفة للقارة. ولأن مصر عانت قبل ما يقرب من 4 سنوات أزمات سياسية وأمنية وتحديدا قبل ثورة 30 يونيو إلا أنها أصبحت الآن تملك كامل إرادتها بعد أن أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن العالم لا يحترم سوى الدول القوية، التى تفرض إرادتها وتحمى أمنها ذاتيا .. فالوقت قد حان لتقف إفريقيا أيضا بكامل دولها على ذات الأرض!. ولك يا أحلى اسم فى الوجود ولأبنائك ولعمقك الأسمر ولقائدك السلامة دائما. لمزيد من مقالات عبد العظيم درويش