مصطفى بكري: عضوية اتحاد القبائل العربية تجاوزت ال 10 آلاف خلال يومين    البابا تواضروس في قداس القيامة: الكنيسة تصلي لأجل سلام البلاد    أحمد موسى: 64 مليون مواطن يصرفون سلعًا تموينية.. والسكر ب 12 جنيهًا    مراعاة للأغنياء.. الحكومة تؤجل ضريبة أرباح البورصة للسنة العاشرة    مجلس مدينة العريش يشن حملة لإزالة المباني المخالفة    نميرة نجم: هناك محاولات لتقويض أحكام الجنائية الدولية ضد قادة إسرائيل    روسيا تعلن تدمير قاعدتين للمسلحين في سوريا    عضو إدارة بركان: نرحب بالزمالك في المغرب.. ومواجهة الأبيض تكون قوية    عمر وردة: تزوجت من فتاة جزائرية منذ شهور لكي استقر    إصابة 3 أشخاص في حادث بالوادي الجديد    عمرها 60 سنة..مصرع عجوز دهسها قطار في سوهاج    مصرع سيدة صدمها قطار ب سوهاج    بتكلفة بناء وتشغيل 1.5 مليار دولار، المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم (فيديو)    قصواء الخلالي: انتظروا حلقة الأحد وملف اللاجئين ومفاجآت وأخبار مفرحة    دعمتم مناقشة هذا الأمر | رمضان عبد المعز يوجه الشكر ل المتحدة    أسهل طريقة لعمل الطحينة بالفول السوداني في المنزل.. أساسية بشم النسيم    مختلف عليه..ما حكم أكل الفسيخ في الإسلام؟    أسامة كمال : حماس وإسرائيل لم يحققا أي أهداف من حرب غزة    قتل «طفل شبرا الخيمة».. أوراق القضية تكشف دور تاجر أعضاء في الواقعة    تعرف على شروط التقديم لمدرسة فريش الدولية للتكنولوجيا التطبيقية 2024-2025    71 مليار جنيه لقطاع التعليم المدرسي والجامعي خلال 24 /25    بدء قداس الاحتفال بعيد القيامة المجيد في المنيا (صور)    لجين عبد الله تفوز بكأس أفضل سباحة في البطولة الإفريقية بأنجولا    حكم الصلاة على الكرسي وضوابط الصلاة جالسًا.. اعرف الشروط والأحكام    محافظ القاهرة يشهد احتفال الطائفة الإنجيلية بعيد القيامة نائبا عن رئيس الوزراء    أسامة كمال يُحيي صحفيي غزة: المجد لمن دفعوا أعمارهم ثمنا لنقل الحقيقة    أحمد موسى عن شم النسيم: «باكل فسيخ لحد ما يغمى عليا.. وأديها بصل وليمون»    طارق إمام للشروق: المعارض الأدبية شديدة الأهمية لصناعة النشر.. ونجيب محفوظ المعلم الأكبر    مطران إيبارشية أسيوط يترأس صلاة قداس عيد القيامة المجيد 2024    طلاب إعلام جامعة القاهرة يطلقون حملة توعية بإيجابيات ومخاطر الذكاء الاصطناعي    تسويق مغلوط للأولويات سيكون له ما بعده..    وكيل صحة القليوبية: استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل    غدا وبعد غد.. تفاصيل حصول الموظفين على أجر مضاعف وفقا للقانون    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    المقاولون 2005 يفوز على أسيوط بثلاثية في دوري الجمهورية للناشئين    القس أندريه زكي يكتب: القيامة وبناء الشخصية.. بطرس.. من الخوف والتخبط إلى القيادة والتأثير    سفير فلسطين في تونس: مصر تقوم بدبلوماسية فاعلة تجاه القضية الفلسطينية    «صحة الفيوم»: قافلة طبية مجانية لمدة يومين بمركز طامية.. صرف الأدوية مجانا    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن مشروع تبليط هرم منكاورع    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    وكيل صحة الشرقية يتفقد طب الأسرة بالروضة في الصالحية الجديدة    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    لوبتيجي مرشح لتدريب بايرن ميونيخ    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    موعد ومكان عزاء الإذاعي أحمد أبو السعود    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    بطلها صلاح و«العميد».. مفاجأة بشأن معسكر منتخب مصر المقبل    جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 والثانوي الأزهري    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    ما حكم تلوين البيض في عيد شم النسيم؟.. "الإفتاء" تُجيب    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس.. وتجديد هوية مصر «الإفريقية»

في بدء أعمال القمة الإفريقية، اعتلت خشبة المسرح فرقة موسيقية من زيمبابوي، وغنت أغنية جميلة عن طموح الإفارقة في حياة أفضل بعيدا عن الحروب والصراعات وعلي صوتها: «شعب إفريقي واحد، صوت واحد، أمة واحدة، هدف واحد، ولا للحرب ولا للتطرف ولا للتقسيم».
تخطو مصر خطوات واثقة نحو استعادة العلاقة التاريخية مع القارة السمراء زخمها بعد عقود من الإهمال، وترك العلاقات في مهب الريح حتي وصلنا إلي مرحلة من العلاقات الباردة التي لا تليق بماض طويل بين بلد يحمل تاريخا عريضاً والبلدان الإفريقية التي نحرص عليها، لأنها تقع في القلب من دوائر الأمن القومي والسياسة الخارجية المصرية، وجاءت ثورة 30 يونيو في مصر لتصحح مسار العلاقة مع الأشقاء الأفارقة، وبعد جفوة عابرة بين الطرفين بسبب مواقف غير موفقة سعت إلي عزل مصر، عادت العلاقات إلي سيرتها الأولي بعد معارك مرحلة الاستقلال التي ساندتها مصر بشجاعة ودفعت أثماناً لوقوفها إلي جانب القارة المظلومة في سنوات الخمسينيات والستينيات، ومازال المخزون العظيم للموقف المصري في سنوات التحرر الوطني يقف شاهداً علي ما لا يمكن إنكاره، وما لا يجب التفريط في ميراثه.
في الزيارة الأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا كانت صور الماضي تطل برأسها في مقر القمة الإفريقية، حيث كان الحضور يرون حرص القيادة المصرية علي إستعادة الدور والانخراط مجددا في هموم السياسة والأمن والاقتصاد والمشكلات الاجتماعية والصحية والبيئية التي تثقل كاهل الأفارقة علي مدي عقود دون حلول حقيقية، اليوم تمد مصر ورغم كل مشكلاتها يدها إلي الأشقاء وتتبني مبادرات تنموية مهمة لتعميق العلاقات وللمشاركة في إيجاد بدائل لأزمات القارة السمراء، وبعد أسبوعين تستضيف مدينة شرم الشيخ مؤتمر الاستثمار في إفريقيا (20 و21 فبراير) بحضور رؤساء دول، ورؤساء حكومات، حيث ستوفر مصر منبراً مفتوحا لدول القارة من أجل الالتقاء بالمستثمرين والممولين والمنظمات الدولية بغرض جذب الاستثمارات وتعويض أزمنة الفرص الضائعة وهو جهد توليه الدول الإفريقية امتناناً كبيرا، وتمنحه اهتماما حقيقياً، ويرون أن الدور الرائد لمصر، الذي كاد ينساه الأفارقة، قد عاد مجددا في عهد قيادة ورئيس علي وعي كامل بقيمة ووشائج العلاقات الثنائية والقارية التي تضيف إلي مصر ولا تخصم أبداً من رصيدها الإقليمي والدولي.
في أديس أبابا، جاءت صورة المشاركة المصرية في القمة الأخيرة أكثر دفئاً ووضوحا واتساقا مع الإهتمام بالأشقاء.. وقد مهدت مواقف واضحة للرئيس السيسي والدبلوماسية المصرية الطريق للوصول إلي منطقة أكثر دفئا، مثلما قلت، ولو استعرضنا ما جري في العامين الماضيين سنجد محطات عديدة ومواقف مخططا لها في المستقبل تعلن عن مواقف الرئيس من العلاقة مع الأشقاء الأفارقة بوضوح وعن استراتيجية مصرية تجاه إفريقيا وانخراط مصري في قضايا القارة.
المشاركة في أول قمة إفريقية بعد انتخابه مباشرة في مالابو بدولة غينيا الإستوائية التي دشن خلالها السيسي الإستراتيجية المصرية للعلاقات مع دول القارة.
دعوة القادة الأفارقة إلي مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في مارس 2015 للتأكيد علي أن هموم مصر هي هموم إفريقيا أيضاً ومن ثم دعوته أن يكون مؤتمر شرم الشيخ معنياً بالتنمية والاستثمار في الدول النامية والفقيرة.
دعوة القارة السمراء إلي مؤتمر شرم الشيخ في فبراير الحالي ودعوة رجال الأعمال ومنظمات اقتصادية وغرف التجارة والصناعة المصرية والعربية والإفريقية لعرض فرص الاستثمار لمصلحة شعوب المنطقة وهو مؤتمر بمثابة عمل مصري خالص لصالح دول القارة. وكان الرئيس السيسي قد أجري مقابلات مع رؤساء عدد كبير من الدول الإفريقية ورئيس البنك الإفريقي للتنمية في أديس أبابا وفي اللقاء مع اكينومى أديسينا رئيس البنك بحث الرئيس تمويل مشروعات في إفريقيا تخدم دول القارة إلي جانب مصر من خلال تصورات عن المشروعات الصغيره والمتوسطة.
تطرق الرئيس في عدد من اللقاءات الثنائية إلي قضايا متنوعة منها ما هو متعلق بالإرهاب، ففي اللقاء مع الرئيس النيجيري محمد بخاري تطرق الرئيسان إلي جهود مكافحة الإرهاب، ومواجهة الحكومة النيجيرية لجماعة بوكوحرام، وأشاد الرئيس بنجاحات حكومة نيجيريا في الوقوف في وجه الجماعات الدموية، كما تطرق اللقاء إلي قضية تجديد الخطاب الديني، حيث باتت هذه المسألة قضية إفريقية وليست مصرية فقط انطلاقا من كون عدد كبير من الدول الإفريقية أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وتطرقت المناقشات إلي دور العمل الإفريقي الموحد في المعالجة الثقافية والفكرية، والتصدي للأفكار الهدامة والأصولية المنحرفة عن صحيح الدين إلي جانب التعاون الأمني.
استضافة مصر لاجتماع وزراء الدفاع من 28 دولة إفريقية هى الدول الأعضاء في تجمع الساحل والصحراء لبحث ظاهرة الإرهاب التي تتصاعد في غرب ووسط القارة (بوكوحرام.. القاعدة.. داعش.. إلخ) وتتفاقم بصورة مقلقة، ودعت مصر إلي تعاون إفريقي جماعي في مواجهة الظاهرة.
عقد مؤتمر وزراء البيئة الإفارقة في مصر خلال أبريل المقبل لمتابعة قضية المتغيرات المناخية بعد مشاركة مصر باسم القارة أمام الدورة ال21 لمؤتمر الأطراف للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول تغير المناخ بفرنسا في نهاية نوفمبر الماضي، حيث أكد في كلمته أمام العالم: «لعبت مصر ولا تزال، دورًا بناءً في مختلف الجولات التفاوضية حول تغير المناخ، وصولًا إلى مؤتمرنا هذا اضطلاعًا بمسئولياتها في تمثيل القارة الإفريقية، وتعبيرًا عن وحدة الصف الإفريقي، حيث تتحدث جميع الدول الإفريقية بصوت واحد؛ للدفاع عن مصالح القارة وتحقيق الرخاء لشعوبها، فإفريقيا هي الأقل إسهامًا في إجمالي الانبعاثات الضارة، والأكثر تضررًا من تداعيات تغير المناخ، ولذلك ينبغي أن تشمل أي تدابير للمرونة في الاتفاق الدول الإفريقية إلى جانب الدول الأقل نموًا والدول النامية المكونة من جزر صغيرة»... وفي الجلسات المغلقة للقمة الإفريقية، حسبما قال لي وزير البيئة خالد فهمي فقد حصل الرئيس السيسي علي تأييد واسع لما جاء في تقرير المناخ وأشاد الزعماء بإدارة الرئيس السيسي للملف، حيث تم إقرار المبادرتين الخاصتين بالطاقة المتجددة، وأخري خاصة بإطلاق مشروعات تمولها الدول الصناعية المتقدمة في إفريقيا في إطار التمسك بضرورة توازن الالتزامات.
مشاركة مصرية فعالة في وضع خطة التنمية في إفريقيا 2015 وتوقع مشاركة أوسع في قمة كيجالي برواندا في يونيو المقبل.
مبادرة الشراكة من أجل التنمية في إفريقيا والتركيز علي تنمية الموارد البشرية لدعم التنمية والاستثمار والتعاون.
حصول مصر علي عضوية مجلس الأمن الدولى غير الدائمة في يناير 2016 وعضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي بدءا من أبريل القادم، مما يعني أن مصر ستكون منوطة بالتعامل المباشر والمسئولية الواضحة أمام المجتمع الدولي عن قضايا الأمن الإفريقي من خلال التنسيق مع الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن وهي مواقع يمكن استثمارها للترويج للرؤي المصرية التي أثبتت صحتها في مواجهة التهديدات الآنية (ومن الأمثلة الدالة مشاركة السفير عمرو أبوالعطا مندوب مصر الدائم لدي الأمم المتحدة في وفد مجلس الأمن الدولي إلي بوروندي وإيفاد الرئيس السيسي السفير حمدي لوزا مبعوثا إلي بوروندي) بما يؤكد أن مصر اليوم حاضرة وفاعلة بقوة في إفريقيا.
خطاب جديد إلي القارة السمراء
في أروقة القمة الإفريقية، جاء الخطاب السياسي المصري تجاه قضايا القارة شاملا وصادقا ويتجاوز المصلحة الوطنية ليؤكد للأفارقة أن المصير المشترك الذي يجمعنا من ساحل البحر المتوسط شمالا إلي كيب تاون جنوباً، ومن سواحل البحر الأحمر شرقا إلي المدن المطلة علي المحيط الأطلنطي غرباً لا يمكن أن تحده المصالح المنفردة ولا التصرفات الأنانية .. كانت أحاديث الردهات في أديس أبابا، مع الدبلوماسيين والسياسيين الأفارقة، تؤكد أن الروح الجديدة للسياسة المصرية تؤتي ثمارها وتحدث تغييراً في انطباعات وآراء تكونت في غيبة الحضور المصري في العقود القليلة التي سبقت ثورة يناير.
وقد وسعت الرئاسة المصرية من دائرة الحديث، ولم تعد مناقشات الرئيس مع القادة الأفارقة تقتصر علي قضايا تهم مصر وحدها مثل مياه النيل، مثلما كان الحال في فترات سابقة، بل امتدت دائرة التواصل حاملة رسائل عديدة للأفارقة منها أن مصر معنية بهمومكم وطموحاتكم، ونحن جزء أصيل من تلك القارة ولسنا ضيوفا عليها، ولن نترك أخطاء الماضي تلاحقنا اليوم أو تفسد علينا قيمة التقارب.. وفي اللقاءات الثنائية علي المستوي الرئاسي كان الزعماء الأفارقة يبدون إعجابا وتقديراً للتوجه المصري المنفتح علي القارة السوداء، ويرونها خطوة لابد أن تتبعها خطوات واسعة وسريعة لإعلاء قيمة التعاون والتفاهم المشترك.. ولم يعد إهتمام الرئيس المصري هو اللقاء مع رؤساء دول حوض النيل فقط بل الحرص في القمم الإفريقية علي الاجتماع بقادة دول يمثلون كل أقاليم القارة بغرض الإطلاع علي مشكلاتهم ومحاولة تقديم يد العون قدر المستطاع.. ومن نتائج التوجه الجديد أن الدول الإفريقية وجدت في عضوية مصر في مجلس السلم والأمن الإفريقي منفعة قيمة، فكان التأييد الكبير لحصول مصر علي المقعد في الليلة التي سبقت إنعقاد القمة..
نماذج للانخراط في قضايا القارة
تتبني مصر مفاهيم واضحة خاصة بالأمن والاستقرار وجدت طريقها إلي الواقع في صورة مواقف في الشهور الأخيرة.
قضية بوروندي: ففي حالة التدخل في أزمة دولة بوروندي وجدت مصر أن استبعاد خيار إيفاد قوة عسكرية للتدخل بسبب الخلاف بين الحكومة والمعارضة وهو خيار كان مطروحا من مجلس السلم والأمن الإفريقي، ومن ثم كانت الدعوة إلي إعطاء فرصة للحل السلمي والتفاهم والحوار ..
قضية النزاع في جنوب السودان: تدعو مصر الأطراف المعنية إلي احترام اتفاق السلام الموقع في أغسطس من العام الماضي، والتحرك المصري يقوم علي عدم تطور أي نزاع إلي صراع عرقي أو طائفي أو مذهبي، حتي لا يتحول إلي نزاع إقليمي يحمل عواقب وخيمة للإقليم، وتري القاهرة أن الخلافات بين الأطراف يجب أن تبقي في حدود الخلاف السياسي وهي رؤية إستراتيجية في المقام الأول، هدفها الحيلولة دون تفجر النزاعات ..
التعاون الإفريقي في مجال مكافحة الإرهاب والمشاركة في القوة الإفريقية، حيث تولت مصر في نوفمبر الماضي رئاسة إقليم شمال إفريقيا (قدرة إقليم الشمال الإفريقي) حيث هناك خمسة أقاليم وهو ما شكل مظهرا واضحا علي عودة مصر بقوة إلي الاتحاد الإفريقي، والتعاون في مكافحة الإرهاب يشمل التعاون الأمني في مكافحة جرائم الاتجار في البشر والمخدرات وتجارة السلاح.
ميزانية المنظمة والتزامات مصر : تلتزم الدولة المصرية بدفع 12 % من تمويل الاتحاد الإفريقي من الحصة أي حوالي 20 مليون دولار، رغم أن مصر يوجد بها 90 مليون نسمة ودولة من بين 54 دولة إفريقية، بينما تعداد سكانها 90 مليونا من أصل مليار إفريقي تقريبا.
تعزيز دور الشباب: تشارك مصر بفاعلية في الاجتماعات الخاصة بدور الشباب الإفريقي وتري أن هناك منافع كثيرة من وراء دمج الشباب في الحياة العامة وتمكينهم حتي لا ينزلقوا إلي التطرف والإرهاب، كما يبدو الدور المصري ملحوظا في المناقشات والاجتماعات الخاصة بحقوق الإنسان وتمكين المرأة وتوسيع دورها في عملية صنع القرار.
قضية إصلاح الأمم المتحدة، حيث قضية توسيع مجلس الأمن من القضايا المهمة في علاقة مصر بالمنظمة العالمية ورغم الضغوط التي تمارس من دول غربية علي الجميع، فإن القارة السمراء متمسكة بشأن أن تتضمن التوسعة حصول أفريقيا علي مقعدين دائمين يتم شغلهما بالتناوب، ولهما حق النقض »الفيتو« لو تم الإبقاء عليه.
قضايا الصحة: تولي مصر أهمية لجهود التعاون في مجال مكافحة الأمراض والأوبئة ووضع خبرات المراكز البحثية والعلمية والدوائية المصرية في خدمة أبناء القارة.
أما فيما يتعلق بسد النهضة فإن القاعدة التي ينطلق منها الرئيس السيسي ومؤسسة الدبلوماسية المصرية اليوم بشأن العلاقات مع إثيوبيا تشير إلي رغبة قوية في توسيع نطاق العلاقات بين البلدين علي مختلف الأصعدة، وقد كان رئيس الوزراء الإثيوبي ديسالين مرحبا ومؤكدا حضوره منتدي شرم الشيخ للاستثمار في إفريقيا .. كما ترغب مصر في تفعيل مسارات العلاقات الثنائية، دون أن يتعارض ذلك مع تأكيد حقنا في مياه النيل بوصفه من الأنهار الدولية وليس نهر إثيوبي فقط وعدم إغفال حق إثيوبيا في التنمية .. فلا يوجد تعارض بينهما.. فمصر تسعي لبناء علاقة استراتيجية مع إثيوبيا في جميع المجالات السياسية والإقتصادية والتجارية والثقافية والإعلامية تخدم مصالح الشعبين في المقام الأول.
لقد كان لقاء الرئيس السيسي وديسالين في أديس أبابا الأسبوع الماضي الثامن بينهما خلال 19 شهرا، حيث تسهم العلاقات الشخصية واللقاءات المتكررة في محو الشكوك وتأكيد حسن النوايا، والمسار الفني في مفاوضات سد النهضة يسير في طريقه بصرف النظر عن النتائج المقبولة سلفا بموجب اتفاق الإطار (إعلان الخرطوم)، وقد أسفرت لقاءات أديس أبابا عن التشاور المستمر لعقد اللجان العليا المشتركة المصرية- الإثيوبية، والمصرية - السودانية، والمصرية - الإثيوبية - السودانية. وهناك تكليفات للوزراء المعنيين بمجالات التعاون للإعداد الجيد لبناء علاقة استراتيجية حقيقية والأطراف الثلاثة حريصة علي بدء أعمال اللجان قريبا..
أيضا... العلاقات مع دولة جنوب إفريقيا وصلت إلي محطة مستقرة بعد اللقاء الإيجابي بين الرئيسين جاكوب زوما والسيسي في أديس أبابا، وقدم زوما التهنئة للرئيس علي استكمال خريطة الطريق، وانتخاب مجلس النواب، وانتخاب مصر في عضوية مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الإفريقي. وقد بدد اللقاء بين الرئيسين التكهنات حول وجود خلافات بدعوي غضب زوما من عدم حضور الرئيس السيسي القمة الإفريقية في جنوب إفريقيا في يونيو 2015، وأن اللقاء بينهما علي هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي لم يٌعقد لهذا السبب!!
الاستراتيجية الجديدة للتقارب أسفرت عن عودة قوية لمحيطنا الإفريقي بكل ما يشكله من إضافة للعلاقات، وفي منح الوجود المصري علي الساحة الدولية عمقاً خاصاً، ولا يزال هناك الكثير في الطريق لتعويض ما فات من تباعد إستثمره البعض للوقيعة بين مصر بكل ما تملكه من رصيد في القارة السمراء وبين اشقائها، فقد حاول البعض القفز علي المكانة في سيناريو شبيه بما حدث أثناء المقاطعة العربية لمصر بعد زيارة الرئيس أنور السادات للقدس واتفاقيات كامب ديفيد ثم عاد العرب وصححوا الأوضاع من تلقاء أنفسهم في قمة الوفاق والاتفاق بعمان عام 1987 بعد عشر سنوات من المقاطعة.
لقد كان هناك من حاول تضليل الرأي العام الإفريقي بالحديث عن الثورة الشعبية بطريقة لا يقبلها المنطق، ومتجاهلا 30 مليونا نزلوا للخلاص من رئيس تم انتخابه لكنه انحرف عن الإرادة الشعبية وعن أسس الأمن القومي المصري هو وجماعته، فجاء القرار المتسرع في الخامس من يوليو 2013 بتعليق عضوية مصر لكن الأمر لم يطل وعادت مصر بقوة إلي إفريقيا باستناد قياداتها علي صلابة شعبها وقوة الحق في جانبه رغم كل ما جري من الأصوات المجاهرة بالعداء لبلدنا.
مصر تنظر إلي إفريقيا اليوم بمنطق التكامل والمصلحة المشتركة، ولا تنظر إلي الحديث التقليدي عن الزعامة السياسية، فلكل زمن ظروفه ولا يعني عودة مصر إلي القارة أن يكون الأمر ارتدادا إلي مصر الناصرية أيضا التي يتذكرها كل مسئول إفريقي نلتقيه .. لكن الحديث عن مصر في إفريقيا اليوم يعني الكثير للهوية المشتركة التي تجمع أبناء القارة، ومصر تجدد اعتزازها بتلك الهوية وبالحلم المشترك في إعادة بناء المجتمعات علي أسس الحق والعدل والمساواة والعدالة الاجتماعية.

لمزيد من مقالات محمد عبد الهادى علام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.