يصعب عليَّ ألا أتذكر الفنان العظيم الراحل عبد الوهاب خاصة فى هذه الأيام التى تحل فيها ذكرى عيد ميلاده والتى توافق 13 مارس. فى هذا اليوم ذهبت إلى منزل القدير محمد عبد الوهاب حسب اتفاقنا مع د.رتيبة الحفنى الراحلة الكريمة والتى أقنعته بضرورة التعرف على الشباب.. شباب الفن. خاصة الدارسين فى معهد الموسيقى العربية الذى كانت ترأسه. اللقاء كان فى منتهى المتعة الفنية برغم أن عبد الوهاب اعتلى فعلا المسرح ولكنه لم يغن ولكن كان فقط متحدثا لهذا الشباب الذى امتلأت به قاعة سيد درويش بمنطقة الهرم بجوار أكاديمية الفنون. كنا باستمرار نحضر هذا الحفل لمجرد أن عبد الوهاب سيكون من بين الحاضرين وكانت مفاجأة جيدة لنا جميعا أن صحبته فى هذه المناسبة قرينته السيدة نهلة القدسى التى كانت باستمرار بعيدة عن أحداثه الفنية. احتل عبد الوهاب مقعده بجوار قرينته فى اللوج المخصص له والذى غاص بسبب كثرة الموجودين حوله لمجرد مشاهدة هذا الفنان القدير. بعد لحظات طلب من السيدة قرينته العشاء وكان جاهزا معها وهو عبارة عن ربع رغيف بلدى به جبنة بيضاء. هذا هو العشاء الذى يتناوله قبل النوم بساعتين على الأقل. بعد ذلك صعد إلى خشبة المسرح ولكن ليس مغنيا ولكن فقط متحدثا وكان هذا الحديث بالغ التأثير فى المتفرجين الذين سعدوا بهذا الحديث ربما أكثر من استماعهم لغنائه. كان حديثا من القلب.. قدم فيه للشباب تجربته مع هذا الفن العظيم. كان تصفيق الجمهور له ربما لم أشهده لأى عمل فنى قدم على قاعة سيد درويش بأكاديمية الفنون. أذكر هنا من بين أبنائه شباب معهد الفنون المسرحية كلا من محمد الحلو ومحمد ثروت وأحمد إبراهيم الذين كانوا هم من حملوا لواء الغناء العربى بعد عبد الوهاب. أذكر أن قائد الفرقة التى قدمت بعضا من أغانيه وموسيقاه هو المايسترو الراحل حسين جنيد. واحدة من أجمل الحفلات التى سعدت بتقديمها فى دار الأوبرا المصرية الاسبوع الماضى كما كانت تقدم فى حياته رحم الله فناننا الذى غطى فنه كل المنطقة العربية حتى الآن.