لو أن المخترعين والمبدعين والعلماء وأصحاب الرؤى المستقبلية استمعوا لأصوات المعارضين لكل تغيير.. ولصيحات المتشككين فى كل إنجاز .. لكان الليل مازال يضاء بالشموع .. .. والتنقل مازال بالدواب .. والتواصل عبر الحمام الزاجل .. فالسيارة رآها البعض فى البداية بدعة سخيفة .. والقطار وحشا معدنيا .. وحاسب الجيب مهدد لدراسة الرياضيات .. والهاتف متطفلا مزعجا والراديو نهاية لزمن القراءة .. ووصف المؤلف الفرنسى «دوسان أكزوبيري» فى مذكراته المنشورة عام 1939 تحت عنوان «الريح والرمال والنجوم» كيف استقبل الناس القطار .. فى البداية رفضوه واعتبروه وحشا حديديا بصوته المدوى ودخانه الكثيف .. ثم تحول الرفض إلى قبول .. ثم إلى تحبيذ عندما رآوا المدن تقام مع مد المزيد من الخطوط الحديدية والبضائع والخدمات تتدفق .. والأعمال والوظائف تتوافر .. وهكذا ما كان ذات يوم وحشا حديديا أصبح فى نظرهم اختراعا رائعا أسهم فى جعل حياتهم أسهل وأيسر. أما الهاتف .. فقد قوبل بنظرات استهجان عند ظهوره .. ووصفه البعض بأنه شئ مزعج لالزوم له.. ويقول بيل جيتس مؤسس شركة ميكروسوفت فى مذكراته التى نشرت عام 1995 إن الناس فى البداية كانوا يشعرون بالضيق لوجود هذه الآلة فى منازلهم أو مكاتبهم .. لكن سرعان ماتبين للجميع أن هذه الآلة فتحت لهم آفاقا جديدة ومكنتهم من التواصل مع من يريدون دون أن يبرحوا أماكنهم. ويقول الفيلسوف الألمانى «شربنهور» إن كل فكرة جديدة أو اختراع يمر بثلاث مراحل .. أولا: يكون موضوع سخرية.. ثانيا: يتم رفضه بعنف.. ثالثا: يتم قبوله والتعجب كيف كانت الحياة دونه. إذن معظم الناس يرفضون ويسخرون من أى جديد قبل أن يتبين لهم أهميته وفوائده .. حدث هذا على مر العصور .. فدائما كانت هناك فئة من البشر ترفض التغيير لأنه يهدد مصالحها .. وفئة تهوى المعارضة من أجل المعارضة .. وفئة لاتملك الجرأة والشجاعة للسير فى طرق غير مألوفة .. وفئة فاقدة الخيال لاتمتلك رؤية مستقبلية كرئيس مكتب براءات الاختراع فى الولاياتالمتحدةالأمريكية الذى طالب عام 1899 بإنهاء أعمال المكتب، نظرا لأن كل شيء ممكن اختراعه قد تم إختراعه بالفعل .. أو كأستاذ جامعة أكسفورد البريطانية الذى أنكر الضوء الكهربائى ووصفه بأنه خدعة يقصد بها التغرير بالناس. هكذا ظل الحال .. هجوم عنيف على أصحاب الإنجازات الجديدة.. والأفكار المبتكرة .. ولكن السهام التى ألقيت عليهم فى البداية تحولت فى النهاية إلى ورد ! لمزيد من مقالات عايدة رزق