شهد مصطلح «الأدب النسائى» أو «النسوى» أو «الأنثوى» العديد من الإشكاليات حول ماهيته وآثاره عدة تساؤلات... هل هو النص الإبداعى المرتبط بطرح قضايا المرأة والدفاع عن حقوقها دون ارتباط بكون كاتبه امرأة أو رجلا؟ أم هو الأدب الذى تكتبه المرأة فى مقابل ما يكتبه الرجل؟ أم هو ما تكتبه المرأة عن المرأة؟ أم الأدب المرتبط بحركات تحرير المرأة وحريتها وصراعها الطويل للمساواة مع الرجل؟. حول هذه القضية التقت الأهرام ثلاث كاتبات من اليونان وسلوفاكيا وسويسرا اللاتى رفضن إطلاق هذا المصطلح واتفقن على أن الأدب إنسانى والكتابة لا ترتبط بجنس كاتبها، وأن جوهرها الفكر والمضمون، فهناك رجال كتبوا بجدارة عن المرأة وهناك كاتبات أبدعن فى وصف الرجل. فى البداية ترفض الكاتبة اليونانية «أفجينيا ثيوذورو» مصطلح «الكتابة النسائية»، وتعتبر أن كل كاتب ينقل تجربته الشخصية وأفكاره ومشاعره، فالكاتب يتعامل مع الإبداع بذاته وليس بنوعه. وتقول: انه من المهم من يقرأ العمل الأدبى وليس من يكتبه، فعلى سبيل المثال هناك رجال فى اليونان يقرأون روايات عن الحب كتبتها سيدات. وتضيف إنها تهتم فى معظم أعمالها بالثقافة الشرقية وعلاقتها بالغربية خاصة اليونانية، فمثلا روايتها عن الأقليات المسلمة فى شمال اليونان تدور أحداثها فى سياق اجتماعى فهى تهم الرجل والمرأة على حد السواء، مشيرة إلى أنها تتأثر بالمكان الذى تعيش فيه فى معظم روايتها، كما أنها مزجت الحب بالتاريخ فى روايتها عن سوريا «طعم الصحراء» فالبطلة تهرب إلى صحراء عربية على خطى أحد الرحالة. وتوضح أنها فى آخر أعمالها الذى لم ينشر بعد بعنوان « لسان من الرخام» تتناول موضوع العنف داخل الأسرة، فهو ليس موضوعا نسائيا، بل موضوع يهم جميع أفراد الأسرة. وتتساءل لماذا لايوجد مصطلح «الأدب الرجالى»؟ فرواية «مدام بوفارى» تعبر عن الروح النسائية رغم أن الكاتب رجل. وتضيف إفيجينيا أنها درست الآداب وتخصصت فى الأدب الفرنسى، ومهتمة بفن التغليف وان اهتمامها بالكتابة بدأ فى عام 1990فى ازمير بتركيا حيث كانت تقيم فى هذه الفترة هناك، ووجدت الرغبة فى نقل خبراتها وعلاقتها بالمكان، مشيرة إلى أنه كان لديها اهتمام بالكتابة منذ الطفولة ولكن لم تجد الفرصة آنذاك. وقد نشرت أول أعمالها مجموعة قصصية بعنوان «بخور ذهبى» عام 1997وتبعتها بسلسلة من الروايات منها «أنجيلوس تعنى ملاك بالعربية» 2001، ثم رواية «لغة المرمر» 2005و«طعم الصحراء»2012. تنوع أنماط الأدب النسائى وتقول الكاتبة السلوفاكية «يانا بودناروڤا» إن الأدب النسائى المعاصر يستخدم أنماطاً وأشكالاً جديدة فى الكتابة وبارع فى التعبير عن حياة المرأة ومشكلات الأسرة والأمومة والطلاق والعمل، وفى الوقت نفسه يمس المجتمع والمشكلات السياسية وآثار الحرب والهجرة وذلك على عكس ما تميزت به القرون ال 18و19و20من قلة فى الكاتبات وغلبة الطابع الرومانسى عليه. مشيرة إلى أول كاتبة سلوفاكية ظهرت فى القرن ال 18«تريزا فانسوفا» التى كتبت عن العنف الأسرى، والكاتبة «الينا مانوثى» التى كتبت عن الطفولة وعن موت ابنائها فى ريعان شبابهم، والثالثة «تيماراڤا» التى إنتقدت حياة الكسل والسلبية والسكر التى يعيشها رجال الريف السلوفاكى إنذاك. وأوضحت «يانا» أن الكاتبات يحصلن على مكانة متساوية مع الرجال وهناك تكافؤ فرص ومساواة من حيث النشر والفوز بالجوائز وهناك مجلات نسائية مثل «أسبكيت» و«جلوسولاليا». ونصحت الكتاب الشباب بالتدقيق فى العلاقات والتعبير عن المشاعر بالإضافة إلى الإكثار من القراءة ثم الكتابة المختلطة بالقلب والعقل والروح والحرية. وعن أحب أعمالها، قالت: إنها تفضل رواية «العقد» والتى فازت بجائزة أدبية ووصفت فيها حياة اليهود فى سلوفاكيا فى أربعينيات القرن العشرين، كما أنها عبرت عن العزلة البشرية والعلاقات المعقدة بين الأزواج والآباء والأبناء وعن جمال فترة الطفولة من خلال عدة مسرحيات إذاعية. التكنولوجيا وتأثيرها السلبى على القراءة أما الاديبة السويسرية ڤيولا روهنر فقد عبرت عن رضاها النسبى عن الوضع الحالى للكاتبات فى أوروبا من حيث عددهن وعدد القراء الذى يطالب بكتابات المرأة، ولكنها غير راضية عن سوق بيع وتوزيع الكتب والنقد الأدبى وعدم تكافؤ الفرص فى الفوز بالجوائز الأدبية التى يهيمن عليها الرجال. ونصحت الكتاب الشباب بعدم التسرع وضرورة تسجيل مشاهدتهم اليومية وقراءة الأدب الجيد حتى لو نقلوا منه فى البداية فهى الخطوة الأولى للتعبير عن الصوت الخاص إلى جانب تبادل الأفكار والكتابات مع الجدد حتى تتم الاستفادة.وعن رأيها فى التكنولوجيا، رأت أنها اثرت سلبيا على القراءة بنسبة كبيرة، حيث قل عدد القراء 6ملايين قارئ فى المانيا خلال أربع سنوات، كما أن اللغة أصبحت أبسط وأسهل. وأعربت فيولا عن أملها فى ترجمة مجموعتها القصصية القصيرة «42درجة مئوية» إلى العربية قريبا، مؤكدة أنها سوف تنال إعجاب القارئ المصرى لأنها تمس الأسرة وتغيرات المجتمع والعلاقات بين الأجيال المختلفة. وعن دراستها، قالت: إنها درست علم اللغة الألمانية والتاريخ وعلوم المسرح ونشرت عددا من المسرحيات للكبار والأطفال.