رئيس جامعة الأقصر: افتتاح دار الضيافة يستكمل الدور العلمي والعملي    وزيرة التخطيط: 2.6 مليار جنيه استثمارات تنفيذ 58 مستشفى خلال 2024-2025    فاض بنا تماما.. اللواء سمير فرج: التحذير المصري لإسرائيل اليوم هو الأول منذ 40 عاما    سليمان: أتمنى تتويج الأهلي بدوري الأبطال تكريمًا للعامري فاروق    "فخور لتمثيل منتخب البرتغال مجددًا".. رونالدوا يُعبر عن سعادته لمشاركته في يورو 2024    وزارة النقل تعلن أسباب وتفاصيل حادث معدية أبو غالب    فرحة الانتظار: قدوم إجازة عيد الأضحى المبارك 2024    الخميس.. حكايات ملهمة ل أطفال مفقودة وعائشة بن أحمد في «معكم منى الشاذلي»    أحمد الفيشاوي ومي سليم في العرض الخاص لفيلم بنقدر ظروفك    تحضيرات عيد الأضحى 2024 وصيام يوم عرفة: فضائل واستعدادات المسلمين حول العالم    تكنولوجيا رجال الأعمال تبحث تنمية الصناعة لتحقيق مستهدف الناتج القومي 2030    "هُدد بالإقالة مرتين وقد يصل إلى الحلم".. أرتيتا صانع انتفاضة أرسنال    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    رئيس البرلمان العربي يشيد بتجربة الأردن في التعليم    تكثيف المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة بالفيوم.. «إحصاء وإنجليزي»    قرار جديد ضد سائق لاتهامه بالتحرش بطالب في أكتوبر    بلينكن: إيران قريبة من تصنيع قنبلة نووية بسبب قرارنا "الأسوأ"    حزب الله يشدد على عدم التفاوض إلا بعد وقف العدوان على غزة    «رفعت» و«الحصري».. تعرف على قراء التلاوات المجودة بإذاعة القرآن الكريم غدا    مدير مكتبة الإسكندرية: لقاؤنا مع الرئيس السيسي اهتم بمجريات قضية فلسطين    محمد عبد الحافظ ناصف نائبا للهيئة العامة لقصور الثقافة    رفقة سليمان عيد.. كريم محمود عبدالعزيز يشارك جمهوره كواليس «البيت بيتي 2»    خصومات تصل حتى 65% على المكيفات.. عروض خاصة نون السعودية    أستاذ بالأزهر: الحر الشديد من تنفيس جهنم على الدنيا    أمين الفتوى بدار الإفتاء: سداد الدين مقدم على الأضحية    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد سير العمل والخدمات الطبية بمستشفى الحسينية    هل وصل متحور كورونا الجديد FLiRT لمصر؟ المصل واللقاح تجيب (فيديو)    وزيرة الهجرة: نحرص على تعريف الراغبين في السفر بقوانين الدولة المغادر إليها    عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024.. خليك مميز    سامح شكرى لوزيرة خارجية هولندا: نرفض بشكل قاطع سياسات تهجير الفلسطينيين    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    لست وحدك يا موتا.. تقرير: يوفنتوس يستهدف التعاقد مع كالافيوري    جنايات المنصورة تحيل أوراق أب ونجليه للمفتى لقتلهم شخصا بسبب خلافات الجيرة    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى.. والاحتلال يعتقل 14 فلسطينيا من الضفة    أبو علي يتسلم تصميم قميص المصري الجديد من بوما    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    العثور على جثة طفل في ترعة بقنا    "لم يحققه من قبل".. تريزيجيه يقترب من إنجاز جديد مع طرابزون سبور    أمين الفتوى: قائمة المنقولات الزوجية ليست واجبة    «نجم البطولة».. إبراهيم سعيد يسخر من عبدالله السعيد بعد فوز الزمالك بالكونفدرالية    زراعة النواب تقرر استدعاء وزير الأوقاف لحسم إجراءات تقنين أوضاع الأهالي    أفضل نظام غذائى للأطفال فى موجة الحر.. أطعمة ممنوعة    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    الخميس المقبل.. فصل التيار الكهربائي عن عدة مناطق في الغردقة للصيانة    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    المالية: 2500 شركة مصدرة تقدمت للاستفادة من مبادرة السداد النقدي الفوري لدعم المصدرين    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    4 دول أوروبية وعربية تبحث عن عمالة مصرية برواتب كبيرة.. اعرف المؤهلات والمستندات المطلوبة    عمر العرجون: أحمد حمدي أفضل لاعب في الزمالك.. وأندية مصرية كبرى فاوضتني    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: مصر المكون الرئيسي الذي يحفظ أمن المنطقة العربية    انتظار مليء بالروحانية: قدوم عيد الأضحى 2024 وتساؤلات المواطنين حول الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدب النسائي الروسي
نشر في أخبار الأدب يوم 12 - 03 - 2016

يختلف النقاد و الأدباء في تعريف الأدب الذي يطرح قضية المرأة و حقوقها حتي و لو لم تكن المؤلفة أنثي. وهناك فريق آخر من النقاد يري أنه ذلك النوع من الأدب الذي تتميز الكتابة فيه عن كتابة الرجل. و هناك فريق ثالث يري أنه الأدب المرتبط بحركة المرأة و حريتها و صراعها نحو تحقيق المساواة مع الرجل. و هناك تسميات أخري للأدب النسوي في الغرب حينما يطلقون عليه أدب »الملائكة و السكاكين« فيما أطلق الأديب الكبير أنيس منصور علي هذا النوع من الأدب اسم »أدب الأظافر الطويلة«و أطلق عليه الأديب إحسان عبد القدوس اسم »أدب الروج و المانيكير«. و هناك من يفضل مصطلح »الأدب الأنثوي«و يعرفه بما تكتبه المرأة من أدب في مقابل ما يكتبه الرجل.
أما عن الأدب الروسي فيعود هذا المصطلح إلي نهاية الثمانينيات و بداية التسعينيات. فقد شهدت تلك الفترة ظهور موجة جديدة في الأدب حيث تنوعت الاتجاهات إلا أن ما كان يوحد الأدباء هو السعي للبحث عن أشكال فنية جديدة. ومن بينها ما اصطلح علي تسميته بالأدب النسائي. و هناك جدل كبير حول أحقية هذا المصطلح في البقاء. فهناك من يعارض مفهوم "الأدب النسائي" و يدلل بحقيقة أن الأدب لا يمكن أن ينقسم إلي نسائي ورجالي بل يجب تقسيمه إلي أدب جيد وآخر رديء. فيما يري آخرون في روسيا أن سعي المرأه إلي التعبير عن نفسها يختلف عن الرجل. حيث تقول الكاتبة الكبيرة لودميلا أوليتسكايا " أن الفن ينقسم إلي رجالي ونسائي. و هذا التقسيم ليس مطلقا غير أن علماء الأنثروبولوجيا يعرفون جيدا أن هناك شعوب تحمل فيها المرأة لواء الحفاظ علي الفلكلور الشفهي المنقول. وأن عالم النساء وعالم الرجال مختلفين. وفي عالم المرأة تغلب أكثر القضايا التي ترتبط بالحب والعائلة والأطفال".
وقد شهدت العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي ازدهار الأدب النسائي في روسيا حيث تضاعف عدد الكاتبات مقارنة بالعقود السابقة. و يرجع ذلك إلي العديد من الأسباب لعل أهمها النهضة الثقافية التي شهدتها النخبة المثقفة في روسيا والتي تمثل المرأة جزءا أصيلا منها.
وتجدر الإشارة إلي أن الكاتبات الروسيات ظهرن في روسيا منذ القرون الوسطي
وتحديدا في القرن الثالث عشر الميلادي. غير أن أعدادهن كانت دائما قليلة مقارنه بالكتاب الرجال. وقد شهد القرن التاسع عشر الميلادي صدور مجلات مخصصة للأديبات من النساء وكانت الموضوعات تتركز حول تصوير دور المرأة الروسية في التنوير و الأدب و تدعو المرأة إلي احتلال المكانة التي تليق بها في ساحة الأدب.
وفي محاولة منهم لفهم و تحليل ظاهرة الأدب الأنثوي في التسعينيات و بداية القرن الجديد استخدم النقاد مصطلح Gender أو نوع الجنس. وتعود تسمية هذا النوع من الأدب في روسيا إلي عدة عوامل. أولا أن يكون المؤلف امرأة وان البطل الرئيسي امرأة أو أن قضية العمل الأدبي ترتبط بشكل أو بآخر مع مصير المرأة. كما أن النظر إلي الواقع المحيط من وجهة النظر الأنثوية و مع الأخذ في الاعتبار فسيولوجية المرأة من الأمور المهمة أيضا. وقد نال هذا النوع من الأدب اعترافا رسميا في روسيا في نهاية القرن العشرين و يمثل حاليا فينومين راسخ في الأدب الروسي. ويتناول النقاد بالتحليل أعمال الكاتبات الروسيات بالتحليل حيث تنشر بحوث متخصصة لتحليل مختلف جوانب النثر الأنثوي و تجري مناقشات وتنظم المؤتمرات العلمية حول هذا الموضوع. كما يقوم علماء اللغة والتاريخ وعلم الاجتماع بدراسة هذه الظاهرة.
ومن الموضوعات التي تحتل أهمية خاصة حاليا العناصر الجمالية الأنثوية الخاصة واللغة الأنثوية والقدرة الأنثوية في الكتابة. ومن أهم النتائج التي تم التوصل إليها من جانب الباحثين حقيقة أن النثر النسائي يشهد العمليات نفسها التي تحدث في باقي صنوف الأدب ومحاولات البحث عن علاقات جديدة في الفن وأساليب جديدة لترسيخها. وتعتقد الكاتبة و الناقدة أ. سلافنيكوفا أن المرأة كان لها السبق دائما في كشف المضامين الجديدة. ويؤكد ازدهار النثر الأنثوي اليوم في روسيا علي حقيقة أن الأدب كان وسيظل دائما ذو أهمية كبيرة. إن ظهور الأدب النسائي في روسيا يدحض حقيقة انتهاء عصر الأدب فالمرأة لا تلجأ أبدا إلي مكان مهجور. وفي الحالات التي يتوجب فيها علي الرجل الموت نجد المرأة مضطرة إلي النجاة والبقاء.
ومن القضايا الهامة التي يتناولها الباحثون الروس حاليا هي ما يعرف "بالأخلاق الأنثوية". و يعتقد البعض أن الجانب الأخلاقي له علاقة مباشرة بالأدب أيضا حيث أن كل فني و جمالي ما هو إلا تجسيد شكلي للعلاقات والصلات التي يحددها الإطار الأخلاقي.
وبنظرة سريعة إلي الأدب الروسي المعاصر نجد العديد من المواهب النسائية تسيطر علي المشهد و منهم تاتيانا تولستايا ولودميلا أوليتسكايا و فيكتوريا توكاريوفاولودميلا بيتروشيفسكايا وف. ناربيكوفا و س. فاسيلينكا و م. بالي و م. فيشنيفيتسكايا ون. جورلانوفا غيرهن.
ولعل الدليل علي ترسخ ظاهرة الأدب النسائي في روسيا المعاصرة هو احتواء القواميس والموسوعات الادبية و المعاجم علي مواد عن الكاتبات الروسيات و تعريفات بالمصطلح. كما تحتوي الكتب الدراسية علي فصول مخصصة لهذا الموضوع و منها علي سبيل المثال كتاب "تاريخ الأدب في القرن العشرين" لمؤلفه ك. جوردوفيتش و يتم تدريسه في الكليات الإنسانية و يحتوي علي فصل كامل يحمل عنوان "الأدب النسائي" يصنف فيه هذا النوع من الأدب و يحلل بعض المؤلفات لكاتبات نساء. وهناك كتب أخري كثيرة تتناول الظاهرة. وربما يمكن القول و هذا الأمر جعل من الضروري التفكير في ماهية مصطلح "الأدب الأنثوي أو النسائي" وكيف ينصهر في بوتقه الأدب المعاصر ككل. و من بين إشكال الأدب النسائي الروسي الرواية العاطفية الاجتماعية و النفسية و رواية السيرة الذاتية والقصة والمقال و القصة القصيرة. ومن أهم القضايا التي يتناولها الأدب النسائي الروسي ما يرتبط بالحلم و السعادة و الحب و الطفولة. و قد ظهر صنف جديد من الأبطال وواقع جديد و عالم فني فريد.و قد فرض الواقع الجديد ظهور مؤلفات تظهر فيها المرأة كبطل رئيسي وعدم الاكتفاء بدور المعبر عن أفكار الكاتبة. واليوم يمكننا القول أن النثر النسائي الروسي برز كفينومين راسخ و هام في الأدب المعاصر و يثير اهتماما واسعا بين القراء و النقاد بفضل مميزاته الإبداعية الرفيعة.
أما الموضوع الرئيسي في الأدب النسائي فيضم قضايا الأسرة و التناقض بين حياة الطفولة و الكبر و قضية "الجنة المفقودة" والبحث عن معني الحياة والعلاقة بين الفرد والمجتمع و الإنسان البسيط.
ففي رواية "ميديا و أطفالها" تتناول لودميلا أوليتسكايا موضوع الكون النسائي عبر العصور التاريخية المتتابعة. وقد اختارت الكاتبة امرأة بطلة للرواية بل وجعلت من اسمها عنوانا للكتاب.
ويعكس عنوان الرواية مضمون الأحداث.
فيما تهتم الكاتبة لودميلا بيتروشيفسكايا بتتبع التحول الذي يطرأ علي الشخصية الروسية بفعل البيئة المحيطة و تحاول أن تكشف عن العالم الداخلي للإنسان المعاصر و تكشفه للقارئ في ظروف و مواقف حياتية مختلفة حيث تتباين تصرفاته بين العادي والغريب. هذه السمة لأدب بيتروشيفسكايا تبدو واضحة في قصتها "جروزنايا الصغيرة" والتي تتناول فيها أيضا موضوع الأسرة. وعادة ما تعيش شخصيات بيتروشيفسكايا حياه صعبه تعيسة و يعانون من مشاعر الحزن والكبت. ويمكن أن نصف عالم الكاتبة الأدبي بأنه عالم مؤلم يخلوا من الأحاسيس الجميلة و الطيبة.
أما تاتيانا تولستايا فتتسم أعمالها الأدبية بتناول قضايا الكون و موضوع الخير والشر والحياة والموت و اختيار الطريق والعلاقات مع المحيطين والبحث عن الذات وفهم النفس والهدف في الحياة.
وهناك دائما في أعمالها حنين إلي القيم الإنسانية المفقودة في الفن.
ونجحت الكاتبة فيكتوريا توكاريوفا في تقديم وصف دقيق لنفسية المرأة وعالمها الداخلي وتواتر أفكارها و منطقها في الحكم. وتولي الكاتبة اهتمامها بمفاهيم الأسرة والمنزل والإخلاص والزوج والزوجة والحبيبة والخيانة و التضحية من اجل الحب. حتي أنه عندما تتناول الدولة وتصفها فإنها لا تصفها من وجهة النظر السياسية و العلاقة مع العالم الخارجي بل من حيث الحياة في المدرسة وفي الشارع والتاكسي الخ.
إن روح الإنسان الفرد البسيط تمثل للأدب النسائي اللغز الأصعب و الأعقد. إلا أن هذا الأدب قد تمكن من حل العديد من القضايا ومنها العلاقة بين الإنسان والعالم المحيط وآليات تدميره أو بالعكس المحافظة علي الأسس الأخلاقية.
إن النثر النسائي الروسي يمثل مزيجا بديعا من سمات الواقعية و الحداثة و ما بعد الحداثة. ويعكس السمات الأساسية للفن الحديث و يمثل نتاجا لانجازات الأدب الروسي علي مدي قرن كامل ويمكن التنبؤ بآفاق ومستقبل هذا الأدب من خلال ما نلحظ من تجارب فنية وأساليب جديدة في السرد.
كما يعكس النثر النسائي الروسي البحث الدءوب و المؤلم أحيانا عن المثل والقدوة حيث يمثل ذلك المعني الأساسي لإبداع أي كاتب صادق. و أي سبل للكشف عن طوبولوغيا الإبداع النسائي يمكن أن يساعد في فهم و تحليل طبيعته و هو ما يعد هدفا يسعي للنقاد والباحثين في الأدب. كما أن دراسة خصوصية الأدب النسائي ستساعد علي ترسيخ مكانته مستقبلا وتطوره ضمن العملية الأدبية بشكل عام.
وربما يمكننا القول أنه و علي الرغم من أن ظاهره "الأدب النسائي" الروسي لم ترسخ تماما في روسيا إلا أن هناك تسارعا كبيرا في تطورها و استيعابها من قبل المجتمع الروسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.