الأقليات العرقية فى الصين تعتبر حالة خاصة مميزة عن نموذج الأقليات فى العديد من دول العالم، ليس فقط للتعدد العرقى الهائل فى الصين، حيث توجد 55 أقلية عرقية معترف بها رسميا وإنما لأن كل هذه الأقليات لا يزيد عدد المنتمين لها عن 8.5% من سكان بر الصين الرئيسى بينما يمثل أبناء قومية هان، القومية الرئيسية فى الصين أكثر من 91% من سكان البلاد، ولأن لكل منها لغة وعادات وتاريخا وثقافة تختلف عن الأخرى. ولأن الأقليات القومية لعبت دورا هاما فى نجاح الثورة الصينية الشيوعية وخاصة خلال المسيرة الكبرى التى استمرت من عام 1934 إلى عام 1936، قطع خلالها الشيوعيون من جنوب غربى الصين إلى شمالها الغربى حوالى عشرة آلاف كم، معظمها فى مناطق يقطنها أبناء الأقليات القومية، أدرك قادة الحزب الشيوعى خلال تلك المسيرة مدى حساسية وأهمية الهوية العرقية لكثيرين من قاطنى تلك المناطق. الأقليات الخمس والخمسون التى تعترف بها الحكومة الصينية ليست هى كل الأقليات العرقية فى الصين، بل إن هذا الحصر للأقليات القومية لم يكن موجودا قبل تأسيس الصين الجديدة، وإنما تم بعد إقامة الجمهورية الشعبية عام 1949، حيث أرسلت القيادة الجديدة فى عام 1950 فرق مسح للمناطق الحدودية لتحديد الجماعات العرقية التى تسعى ليتم تسجيلها كقوميات رسمية (مينتسو). وقد ركز عمل تلك الفرق على دراسة تاريخ وعادات وتقاليد ولغة وعقيدة كل مجموعة عرقية. وقد تقدم أكثر من أربعمائة مجموعة عرقية بطلبات للاعتراف بها رسميا كقومية (مينتسو) ولكن اعترف بثمانى وثلاثين منها فقط فى الإحصاء السكانى الذى أجرى عام 1953، وارتفع العدد إلى 56 فى الإحصاء السكانى لعام 1982 وعام 1990، وكانت قومية جينوه هى آخر مجموعة عرقية اعتُرف لها بصفة القومية المستقلة. ومن بين المجموعات التى تقدمت بطلب للاعتراف بها كقومية اليهود الصينيون والشيرباص، وهم فرع من قومية التبت. وحسب الإحصاء السكانى العام الخامس الذى أجرى فى عام 2000 جاء ترتيب الأقليات القومية الخمس والخمسين من حيث عدد الأفراد كما يلي: قومية تشوانغ، قومية مان، قومية هوي، قومية مياو، قومية الويغور، قومية توجيا، قومية يي، قومية منغوليا، قومية التبت، قومية بويي، قومية دونغ، قومية ياو، قومية كوريا، قومية باي، قومية هاني، قومية القازاق، قومية لي، قومية داي، قومية شه، قومية ليسو، قومية قلاو، قومية دونغشيانغ، قومية لاهو، قومية شوي، قومية وا، قومية ناشي، قومية تشيانغ، قومية تو، قومية مولاو، قومية شيبوه، قومية القرغيز، قومية داهور، قومية جينغبوه، قومية ماونان، قومية سالار، قومية بولانغ، قومية الطاجيك، قومية آتشانغ، قومية بومي، قومية أونك، قومية نو، قومية جينغ، قومية جينوه، قومية دآنغ، قومية باوآن، قومية روسيا، قومية يويقو، قومية الأوزبك، قومية منبا، قومية ألونتشون، قومية دولونغ، قومية التتار، قومية ختشه، قومية قاوشان، قومية لوبا. وفى الصين تتضمن بيانات بطاقة هوية الفرد الانتماء العرقى له، بجانب النوع (ذكر/ أنثى) وتاريخ ومكان الولادة. ولا يمكن لأى مواطن صينى أن يغير انتماءه العرقى رسميا بعد بلوغه سن العشرين. ويتم تحديد الانتماء العرقى للفرد حسب الانتماء العرقى لوالده أو والدته، فإذا كان الأب والأم من قومية هان مثلا يكون انتماء الطفل لذات القومية، أما إذا كان الأب والأم ينتميان إلى قوميتين مختلفتين، هان وهوى مثلا، فيجوز لهما أن يختارا انتماءه العرقى حسب انتماء أى منهما، ولكن عندما يبلغ الطفل سن الثامنة عشرة يكون له حق اختيار انتمائه العرقى بنفسه، وبعد أن يتجاوز عتبة العشرين من عمره لا يحق له تغيير انتمائه العرقى مرة أخرى. إذ لا يمكن لأى شخص أن يغير انتماءه العرقى بإرادته بعد أن تم تحديد انتمائه العرقى رسميا. تنتشر الأقليات القومية الصينية رئيسيا فى المناطق الحدودية للبلاد، مثل مناطق قوانغشى وشينجيانغ ومنغوليا الداخلية والتبت ونينغشيا ومقاطعات يوننان وقويتشو وسيتشوان وتشينغهاى وقانسو وغيرها. بالإضافة إلى ذلك يعيش عدد لا بأس به من سكان الأقليات القومية فى شرقى البلاد مثل مقاطعة لياونينغ وفى وسط البلاد مثل مقاطعة هونان. ومن بين جميع المناطق الذاتية الحكم والمقاطعات والبلديات المركزية تحتل منطقة قوانغشى المركز الأول من حيث عدد أبناء الأقليات القومية؛ ومنطقة التبت تحتل المركز الأول من حيث نسبة سكان الأقليات القومية من مجموع السكان المحليين، وهى 91,83%، حسب إحصاء عام 2010. بالرغم من أن عدد سكان الأقليات القومية ليس كبيرا فإن انتشارهم واسع، وهم يقطنون فى جميع المقاطعات والمناطق الذاتية الحكم والبلديات المركزية، وفى معظم الوحدات الإدارية فوق مستوى المحافظة توجد اثنتان من الأقليات القومية على الأقل. الكثير من الأقليات القومية تنتشر فى المناطق الحدودية للبلاد، والسبب فى ذلك يرجع إلى الظروف التاريخية الخاصة فى الصين. ويبلغ طول الحدود الصينية أكثر من 22 ألف كيلومتر، ومعظم المناطق الحدودية يقطنها أبناء الأقليات القومية، وهناك أكثر من 30 أقلية قومية قاطنة فى الحدود يجد أبناؤها جيرانا وأقرباء من نفس القومية يعيشون فى الجانب الآخر من حدود البلاد، كما يوجد عدد كبير من الموانئ على الحدود يصبح الآن منافذ هامة للتبادل التجارى بين الصين والدول المتاخمة. ورغم أن مناطق الأقليات القومية تقع عموما فى الأماكن البعيدة النائية، فإن بها ثروات طبيعية وبشرية واجتماعية غنية. فى الصين تحتل المناطق الرعوية ثلث مساحة البلاد، و94% من هذه المناطق يعيش فيها أبناء الأقليات القومية، وهم ينتشرون رئيسيا فى منغوليا الداخلية وشينجيانغ وسيتشوان والتبت وغيرها. والكثير من الأنهار الصينية الكبيرة تنبع فى المناطق المأهولة بأبناء الأقليات القومية، وتبلغ الطاقة المائية الكامنة فيها نصف الطاقة المائية الإجمالية فى الصين. ونفس الشيء لثروة الغابات، حيث نصف ثروة الغابات الصينية مكتنز فى تلك المناطق، توجد فى الصين أربع مناطق غابية كبرى، ثلاث منها فى مناطق الأقليات القومية. لهذا السبب يعتمد الكثير من أبناء الأقليات القومية على رعى المواشى وصيد الأسماك أو الحيوانات البرية فى حياتهم. إلى جانب ذلك يوجد فى مناطق الأقليات القومية كميات هائلة من الثروات المعدنية، فعلى سبيل المثال تحتل ثروات النفط والغاز الموجودة فى شينجيانغ ثلث أو أكثر من إجمالى احتياطى النفط والغاز الطبيعى فى الصين، وفى منغوليا الداخلية تتوفر ثروة غابية فى شرقها وثروة حديدية فى غربها وثروة حيوانية فى شمالها وثروة زراعية فى جنوبها، وبالإضافة إلى ذلك تكثر فيها أيضا منتجات صوف الغنم والفحم وعناصر الأتربة النادرة. ومنذ بداية القرن الحالى قامت الصين بمشروعين عظيمين- «نقل الطاقة الكهربائية من الغرب إلى الشرق» و»نقل الغاز الطبيعى من الغرب إلى الشرق»، اعتمدت فيهما رئيسيا على ثروات الطاقة الموجودة فى المناطق الغربية التى يكثر فيها أبناء الأقليات القومية.