«إذا أردت أن تهدم مجتمعا اقهر نساءه» لا أعرف من قالها لكنه بلا شك حكيم. أصبحت مكانة المرأة ومشاركتها أحد معايير الأممالمتحدة فى ترتيب الدول تقدماً وتخلفاً. فى منتصف السبعينيات شكلت الأممالمتحدة لجنة خبراء مؤسسات تنمية المرأة وفوجئت بانتخابى لرئاستها. عكفنا على دراسة وتقييم أحوال المراة ودورها فى السلام والتنمية وهو ما يقتضى تحديد الحقوق والمسئوليات. عرض تقرير اللجنة على الجمعية العامة للأمم المتحدة وصدر قرارها بإنشاء المؤسسات التى اقترحت أن يكون هدفها رباعيا: وضع الإطار القانونى بإصدار التشريعات التى تكفل لها الحقوق والمساواة والمشاركة. تنمية قدراتها بتوفير جميع الخدمات التعليمية والصحية والثقافية للقيام بدورها داخل وخارج المنزل. توفر الفرص المتكافئة حتى تقوم فعلا بالمشاركة والتمتع بحقوقها. تصحيح صورة المرأة فى المجتمع. ولعل هذا أصعبها. نجاح كل ذلك يتطلب توافر شروط منها الإرادة السياسية، ثم التكامل والتنسيق والتعاون بين جميع الهيئات المعنية بشئون المرأة. فأين المرأة الإفريقية من كل ذلك؟ المرأة الإفريقية لها سجل مشرف ومستقبل مشرق وواقع أليم تتفاوت أحوالها فى المجتمعات الإفريقية إيجابيا وسلبيا من دولة لأخرى بل وفى الدولة نفسها. فى عدد من الدول حققت نجاحات ووصلت لأعلى المناصب. شغلت كاترين سامبا بانزا رئاسة افريقيا الوسطي، والين جونسون سيرليف ليبيريا، وأمينة فكيم موريشيوس. تولت إليزابيث دوميتيان منصب رئيسة وزارة جمهورية إفريقيا الوسطى ثم اصبحت رئيسة الفرانكفونية. حاربت المرأة فى الجزائر لتحرير وطنها وتمثل 70% من العاملين بالمحاماة و60% من القضاة. كانت المصرية اول من حصلت على حقوقها السياسية ولها قصة كفاح طويلة. مارست العمل البرلمانى ودخلت الوزارة، وبعد ثورة التحرير فى يونيو فتحت لها ابواب المساواة والمشاركة وأصبح لها نحو مائة عضو فى البرلمان وثمانى وزيرات فى الحكومة. فى تونس يمنع تعدد الزوجات والتطليق التعسفي، وتتولى فى دول إفريقية منصب وزيرة وسفيرة وقاضية ومحافظ. كان للنساء دور كبير فى تحقيق السلام فى صراع روندا وبوروندى وهو ما اشاد به سكرتير الأممالمتحدة. واليوم أكد وزير الاقتصاد والتعاون الدولى الألمانى جيرد ميلر دور الإفريقية فى مكافحة الهجرة غير الشروعة. انتخبت جيرترود مونجيلا لرئاسة البرلمان الإفريقى حيث تشكل النساء 25%. ورأست دلامينى زوما مفوضية الإتحاد الإفريقى حتى عام 2016.وهناك 51 دولة من الدول الأعضاء فى الاتحاد الإفريقى البالغ عددها 54 دولة وقعت على معاهدة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. رغم ذلك وفى تناقض صارخ فإن الغالبية العظمى من جماهير المرأة الإفريقية مازالت تعانى التهميش والاستبعاد. محرومة من الملكية والميراث، تقوم بجهد كبير فى الأعمال الزراعية وحمل الأثقال. فرصهن محدودة فى الوظائف العامة محرومة من الحقوق الصحية والتعليمية. أغلب الفتيات لا يذهبن للمدارس انتظارا للزواج. فى نيجيريا لا ترسلهن الأسر خوفا عليهن من الاختطاف من منظمة بوكوحرام. لا تتلقى الرعاية الصحية تتعرض للعنف الجسدى وارتفاع جرائم الاغتصاب فى ظل انتشار الجماعات الإرهابية. تجبر فى أغلب الدول على الزواج المبكر وتتعرض الفتيات الى تقاليد جنسية عنيفة. فى إحدى دول وادى النيل جاء فى تقرير منظمة الصحة العالمية أن 59 % منهن تعانى أذى جنسيا وجسديا... المشكلات كثيرة والمآسى دامية والحرمان كاسح ومؤلم. نصل إلى السؤال ما هى المؤسسات والمنظمات المهتمة بشئون المرأة؟ رغم ما تنص عليه أجندة الاتحاد الإفريقى فإن المرأة ليس لها مفوضية، بل مجرد مكتب تابع لرئيس المفوضية أثره ضئيل. وهناك عدد من الجمعيات نشير الى سبع منها: صندوق تنمية المرأة الإفريقية، المجلس الوطنى للمرأة، المركز الإفريقى للتسوية البناءة للنزاعات، مركز شرق إفريقيا،منظمة المرأة للبحث والتنمية، مركز تنمية التشغيل، مؤسسة لتعليم الإفريقيات. هذه المؤسسات مهمة وضرورية لكن يؤخذ عليها أن كلا منها يختص بمشكلة واحدة فقط أو بمنطقة جغرافية محددة، والمطلوب هو منظمة واحدة تجمعهم جميعا فى تنسيق تجمع نساء إفريقيا ومؤسساتها على اختلاف اتجاهاتها يعملن معا لمصلحة الجميع بغض النظر عن الاختلاف أو الخلاف بين حكوماتها. يكون لها استقلالية فى إطار مباديء الاتحاد حتى لا تدخل فى متاهات البيروقراطية الحكومية والخلافات السياسية. يكون لكل دولة فيها عضوتان إحداهما مسئولة المجلس أو الوزارة المعنية بالمرأة والأخرى من المجتمع المدني، كما تمثل بها الهيئات التى أشرنا اليها ترأسها الدول بالتناوب وتعقد اجتماعا سنويا لقمة المرأة الإفريقية. ويمكن الاستفادة من خبرة وعلاقات الدبلوماسية مروة سالم خبيرة الشئون الإفريقية والسفيرات (أبجدياً) مشيرة خطاب ومنى عمر ونائلة جبر لما لهن من خبرة وعلاقات إفريقية وأن يكون معهم السفراء حجاج والسالوسى ود. إيناس عز عميد كلية العلوم الإدارية ود. هدى بدران لشئون الدول العربية ويكون، من المناسب والمقبول إن تكون الرئيسة الشرفية السيدة قرينة د. بطرس غالى التى رافقته رحلة كفاحه من أجل السلام والعدل وحقوق إفريقيا. ومازالت افريقيا تكن له المحبة والاحترام. إن 600 مليون امرأة مكافحة فى قارة إفريقيا لها جميع الموارد، طاقة لا يجوز إهدارها وإن كان توفر الإرادة السياسية إحدى ركائز نجاح هذه المؤسسات فإن رئيس الاتحاد الرئيس عبد الفتاح السيسى صاحب الرؤى والإنجاز يؤمن بدور المرأة وقدراتها وجه إليها رسالة أسعدت نساء إفريقيا والمستنيرين من رجالها. صك تعبير نبيل تقتبسه منه دول الغرب هو احترام المرأة أنصف نساء مصر وحفزهن على المشاركة وأطلق عليهن عظيمات مصر، ويقينى أنه سوف يستهل مسيرة متكاملة لحماية المرأة الإفريقية وتوفير حقوقها لتعطى وتشارك ليصبحن يوماً عظيمات إفريقيا. لمزيد من مقالات د. ليلى تكلا