عزيزى وحبيبى رب العالمين: أما بعد.. أرجو أن تسمع شكواى، وتغفر لى عجزى هذه المرة عن مقاومة المرض، وتسمح لى أن اعترف بفشلى ورسوبى فى الاختبار. عذرا يا ربى فقد كانت إصابتى بالغة، وفاق الألم قدرتى فى التحمل.. قاومت.. صبرت ولا سبيل إلى خلاصى إلا بك.. لذا لطفا يارب خذنى إليك". عانيت الأمرين.. مرة من آلام المرض، التى أوقفت حياتى على شفا منحدر، وصرت متفرغه تماما له، ومرة من كتم الأنين ومحاولات التحدى والمقاومة من مرض نادر غريب الأطوار، دائما ما يسعى للتفرد يفاجئنى بأوجاع لا يذوقها مريض آخر، لأنه يستوطن أماكن نائية فى الجسد لم تطأها الأمراض من قبل، فمرة ينخر ما بين الظفر واللحم، ومرة يطلق شرارة كهربائية فى عُقل الأصابع والمفاصل الدقيقة. ومرات يوقف ضخ الحياة فى يدى بداية من الكوع أو يكتفى بتيبس الكف من المعصم، وحاليا يرقد مفترشا طبقة رقيقة ما بين الجلد والعضم تسمى الأغشية، ينفث بها سمومه ويلهبها فتبرحنى الآلام ما بين شك ونغز ونيران تلهب جسدى، تصيبنى رعشه الحمى وتطرحنى فى حاله ثباط وغيبوبة، أصل إليها مع أوج الألم، فتتحجر عينى من الصرخات المكتومة المنهكة، ولا تنتهى هذه الحالة إلا بنصف موته بالنوم.. وأنت وحدك أعلم بنومى يا الله!، فما هو إلا مؤانسة آلام قد أبعدتها الدماغ قليلا، لتفسح مجالا لأخرى". "ويبدو أن الله تسلم رسالتى"!. وجاءنى الرد مسجل بعلم الوصول، حيث أجهشت ببكاء هستيرى، كأنى اغتسل منتظرة ملاك الموت، ربتّ على أوجاعى استرضيها أن تظل ساكنه تؤجل أوج فورانها لحين قدومه، اعتصرتها بداخلى وكأنها طلق ولادة أمنعه من الانطلاق، احتفظت بأنفاسى رهينة لا يدفع كفالة حريتها إلا الموت، سلمت وجهى للذى فطرنى. ورحت أتدرب على بروفة الموت طوال خمسة عشر ليلة ولم يأتى بعد!، تخيلت أنه ينتظر اكتمال الأربعين يوما وداومت على التدريب وفى كل ليلة يتحسن أدائى، حتى أتقنت الدور، وجودت وأضفت تضرعات واعترافات وصلوات لم أعهدها فى أى دين، جعلت الآلام تتلاشى رويدا، ومع ذلك رحت أؤدى طقوس الاغتسال متوهمة أنى ذاهبة إليه، فى حين أنه يلقنى درسا بأنه قريب يجيب المضطر بما يرتضيه له من خير. لمزيد من مقالات ناهد السيد