تؤكد أحدث الأبحاث العلمية أن التعرض الزائد للتوتر والانفعالات المستمرة يؤثر سلبيا على الجهاز المناعى بالجسم، كما يسبب العديد من الأمراض بدءا من تكرار الإصابة بالأنفلونزا، وحتى الإصابة بالأورام السرطانية وعدم الشفاء منها، وكذلك أمراض الحساسية، والمناعة الذاتية. وتوصل العلماء إلى أن هناك اتصالا مباشرا بين المخ والجهاز العصبى المركزي، وجهاز المناعة الذى يعمل بأمر القيادة العليا الموجودة فى المخ، وذلك من خلال خلايا مستقبلات، وهرمونات ومواد كيميائية، وموصلات عصبية ومناعية. و يقول د.عبد الهادى مصباح استشارى المناعة: يكمن تأثير التوتر والانفعال على مناعة الجسم فى انكماش غدة التيموس التى تنتج الخلايا المناعية التائية، نقص الخلايا المسئولة عن مقاومة الفيروسات والخلايا السرطانية، خلل فى إنتاج الأجسام المضادة، وكذلك خلل فى نمو الخلايا التائية المساعدة ووظائفها، والتى تعد بمنزلة المايسترو أو قيادة جيش الدفاع المناعي. كما يسبب التوتر أيضا ارتفاعا فى معدل الكورتيزون الذى ينتج عنه زيادة استهلاك البروتينات والدهون، استنفاد مخزون الطاقة، تثبيط تكوين الأجسام المضادة وخلايا الالتئام، احتباس الصوديوم فى الخلايا وتورم الأنسجة وارتفاع نسبة السكر فى الدم، ومن أهم مؤثرات الانفعال والتوتر التى تواجهنا فى حياتنا اليومية وتؤثر بالسلب على جهازنا المناعي، التوتر فى العمل، التعرض لظلم أو قهر لا نستطيع أن نمنعه أو نتدخل فيه، الخلافات الزوجية، العزلة، جحود الأبناء، وكثير من هذه المؤثرات لا يستطيع الإنسان أن يمنع حدوثها ولكن يمكنه التدريب على كيفية التعامل معها. ويوضح د.عبد الهادى أن الطاقات السلبية بداخلنا والتى تنتج من التوتر والغضب وعدم الرضا وانشغالنا بالمقارنة مع الآخرين وما لديهم ينتج عنها موجات وهالات تشعرنا بعدم الارتياح والتنافر، التى تنعكس على صحتنا النفسية والجسدية. ومن الثابت علمياً أن الحالة النفسية الجيدة لمريض السرطان من أهم مقومات شفائه، وأنها العامل الأساسى لتحفيز الجهاز المناعى بداخله ليقاوم المرض، بينما اليأس والإحباط يؤثران بالسلب على الجهاز العصبى المركزى خاصة منطقة ما تحت المهاد، التى ترسل وتستقبل إشارات دائمة إلى الجهاز المناعى عن طريق أسطول من الهرمونات التى تسمى بهرمونات الانفعال والتوتر، فتؤثر بالسلب على أسلحة المناعة الأساسية التى تقاوم السرطان. وعن كيفية مواجهة الضغوط النفسية تقول د.هبة عيسوى أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس إنه يجب تفريغ الضغوط التى نتعرض لها أولا بأول من خلالها التعامل مع المشاكل التى نعانيها بطرق غير تقليدية وإيجاد بدائل للحلول، بالإضافة لممارسة الرياضة مثل المشى بشكل منتظم نحو نصف الساعة على مدى خمسة أيام. كما يجب ألا نستغرق فى التفكير فى أى مشكلة وقت حدوثها بل الأفضل عمل إزاحة مؤقتة لها، حتى يتم الاسترخاء الذهنى وتهيئة المخ للتفكير بعد فترة راحة، بعدها يتم استدعاء المخزون المعرفى والتجارب القديمة التى تمكن الإنسان من مواجهة المشكلة بسهولة. وتؤكد أن النوم يساعد بشكل كبير فى مواجهة الضغوط النفسية، مشيرة إلى أن هناك نشاطاً كبيراً يحدث للخلايا العصبية فى أثناء النوم، كما توجد علاقة إيجابية بين النوم والوظائف الإدراكية حيث إن التفكير فى مشكلة ما، ثم النوم قد يؤدى إلى الوصول لأفضل الحلول، وقد أثبتت الدراسات أن المعلومات تخزن فى أثناء النوم العميق فى قشرة الدماغ لتصبح فى مجال الذاكرة الطويلة الأمد.