رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وللسعادة أسباب أخرى.. رحلة في مكتبة د. مصباح
نشر في محيط يوم 08 - 07 - 2007


رحلة في مكتبة د.عبدالهادي مصباح
أنت بين كتبه حائر .. تراقب انفعالات الإنسان وعبقريته أحيانا ، وأحيانا تجد نفسك في بيت عربي وتعرف لماذا تسرب الملل بين هذين الزوجين ؟ وأين ذهب الحب؟ ، مؤلفاته تجعل الشباب والسعادة والإبداع حقيقة ملموسة بيديك ، كتب عن حروب الإنسان البيولوجية والكيماوية والنووية ودخل لثورة نقل الأعضاء وعلاج الإدمان والإيدز وأمراض المناعة والعلاج الجيني ..
إنه الخبير المصري د. عبدالهادي مصباح عضو أكاديمية نيويورك للعلوم والجمعية الأمريكية لتطوير العلوم وزميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة ، نتجول معه في رحلة داخل مكتبته العلمية التي لمست هموم الإنسان المعاصر والأهم أنها ربطت بسلاسة بين العلم والإيمان ، وجعلتنا نعود ثانية لتدبر المنهج الإلهي في الحياة حيث النجاة ..
محيط- حاورته : شيماء عيسى

محيط : نبدأ بكتاب "الحب والضحك والمناعة" ليجعلنا نتساءل ما علاقة مشاعرنا بالمناعة ؟
د.عبدالهادي: لقد شغلني هذا الموضوع كثيراً أردت أن أعرف ما سر تجاذب البشر لبعضهم من الناحية العلمية ؟ ولماذا يحدث ارتياح لشخص معين دون غيره ؟ هل هو كيمياء أم فيزياء أم بيولوجي ؟ ، والحقيقة أن السر يجمع كل هؤلاء معاً ، فلو بدأنا بالتفسير الكيميائي للحب نجد أن العلم أثبت وجود هرمونات معينة تحدثه ومنها الأدرينالين والنورأدرينالين والأوكسيتوسين ،
ويوجد اتصال مباشر بين المخ والجهاز العصبي وجهاز المناعة ، والذي يعمل بأمر القيادة العليا الموجودة بالمخ ، وذلك من خلال مستقبلات وهرمونات وموصلات عصبية ومناعية.
تبدأ التغييرات المتعلقة بالحب بعدما يحدث منبه معين من أحد حواس الإنسان كنظرة عين أو سماع صوت ويصل المنبه للمخ ثم تنتقل من خلال الأعصاب لتصل إلى أعضاء الجسم المختلفة عن طريق الدم ، ومن هنا تنتج زيادة ضربات القلب السريعة واحمرار الوجه والعرق وبرودة الأطراف والسهر ليلا إلى غير ذلك ،وهذه الأعراض هي في الحقيقة نتيجة لإفراز كيمياويات معينة نتيجة للحالة النفسية التي تنتاب المحب ومن هذه المواد النورإبينفرين ودوبامين .. وبعض الأمفيتامينات المنشطة.
ما ذكرناه ينفي الاعتقاد الشائع بأن القلب هو السبب في الحب ، والأصح هو المخ وما يحدث للقلب إنما هو نتيجة، لأن القلب عبارة عن مضخة تضخ الدم إلى كل أعضاء الجسم، ودقاته السريعة والمتوترة ما هي إلا رد فعل لهذه الكيماويات التى يفرزها المخ!.
أما السعادة الغامرة التى تنتابك عندما تلقى من تحب .. فإن كيمياء المخ أيضاً هى المسئولة عن ذلك .. فهى نتاج مادة تسمى فينيل إيثيل أمين PEA وهى من المواد المنشطة من أبناء عمومة الأمفيتامينات، ويثبت الإنسان هذا اللقاء في ذاكرته الدائمة مع ما كان يصاحبه من مؤثرات.
ثم بعد الزواج يبدأ المنحنى بالانخفاض بعد من ثلاث إلى سبع سنوات لتظهر المادة المسئولة عن الحب الهادئ وهي الإندورفينات والتي تمثل أفيونات طبيعية للإنسان وهي المسئولة عن السلوك المعتدل بين الزوج والزوجة .
ويبدأ الملل يتسرب لعلاقة الزوجين ولوحظ أن الفينيل ميثيل أمين مثلها مثل بقية الإمفيتامينات يبني الجسم ضدها نوعا من المقاومة مثلما يحدث في حالات الإدمان وكما بقية المواد الكيميائية التي لا يستمر إفرازها بنفس المعدلات العالية التى تفرز في بداية الحب ، ويكون الملل نتيجة نقص تأثير هذه المادة على المخ وإحتياجه لكمية أكبر منها، ولذلك يوصى العلماء بضرورة أن يحاول الزوجان تجديد أواصر العلاقة حتى يحفزا المخ على إنتاج هذه المواد ثانية ، ولعل حديث الرسول يوضح هذا بقوله "إذا أحب أحدكم أخاه فليقل له إني أحبك فذلك يزيد الحب بينهما" ، كما يمكنهما تحفيز المواد المنشطة بتبادل الكلمات الجميلة والهدايا ، يمكنهما استخدام ما يسمى بالبعد الحميمي أي الابتعاد لفترات قصيرة بما يقلل إصابتهما بالرتابة.
ويمكننا تفسير الحب فيزيائيا ، وبداية نعرف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" وما يحدث أن الفيرمونات تنتقل عن طريق الأنف من شخص لآخر ثم تدخل لعصب الشم ومنها للمخ فيستقبلها بدون أن نعلم وتؤدي لشعورنا بالإنجذاب لشخص ما والعكس وهذا ينطبق أيضا على الصداقة كما ينطبق على الزواج ، كما تنبعث الموجات الكهرومغناطيسية من الجسم ، ولكل منها طول موجي بناءاً على ما نحمله بداخلنا من أفكار ومعتقدات وردود أفعال وأولويات فكرية وإيمانية، سواء كانت سلبية أم إيجابية، وعندما يلتقي الطول الموجي لشخص ما مع آخر، يحدث تجاذب بينهما، ويكون ذلك دلالة على أن أولويات فكرهما، وما يحملان من محصلة ما بداخلهما من أفكار ومعتقدات تكون متقاربة إلى حد كبير، والعكس صحيح.
ونجد أن مشاعري سواء حب أو كراهية تترجم لطاقة نابعة من الجسم ، والإنسان إذا كان حسودا أو حقودا أو عصبي المزاج تخرج منه هرمونات الهدم من الغدد منها الأدرينالين والكورتيزون والنورأدرينالين وكثير من الهرمونات الهدامة التي تكسر الخلايا الداخلية وتضعف المناعة وتتولد طاقة سلبية تنتقل للآخرين ، والعكس فإذا كان هناك داخل الإنسان طاقة إيمانية مطمئنة توجد هرمونات البناء ، وتؤثر فيمن حولي ، من هنا نؤكد على أهمية اختيار الأصدقاء .
ضمن ما يمكن أن نذكره عن علاقة انفعالات الإنسان الداخلية بالموجات النابعة عنه نجد أن العلماء تمكنوا باستخدام التكنولوجيا الحديثة من رؤية هالة نورانية محيطة بالجسم البشري ، ووجدوا أن هذه الهالات تختلف من شخص لآخر من طاقات سلبية و إيجابية ، وأمكن التعرف على ملامح شخصية الإنسان من خلال هذه الهالة ، وثبت أن الأشخاص المؤمنين تكون الهالة عندهم أقوى.
الحب الذي أعنيه بالطبع هو المثمر بالزواج وليس الحب بلا أمل ، فالأول هو الذي يقوي بالفعل المناعة ، ولدينا دليل علمي فقد تبين أن الأزواج والزوجات الذين ينفصلون بعد حياة زوجية سعيدة بها حب حقيقي انخفضت مناعتهم وأصبحوا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض ، عكس من كانوا يعيشون تحت سقف واحد على كراهية وضغينة تحسنت مناعتهم عقب الطلاق .
ننتقل للشق الثاني وهو هل ثمة علاقة بين الضحك والمناعة ؟ والحقيقة أنه من المثبت علميا أن الضحك يخرج بداية الهرمونات البناءة ويخلق نوعا من الاسترخاء في أجهزة الجسم ويفتح الرئة للأكسجين فيصل للخلايا ويؤثر على المناعة لدرجة أن العلماء لاحظوا أن المتعرضين للبرامج والأفلام الكوميدية زادت لديهم الأجسام المناعية المضادة ومداخلها تكون عند الفم والأنف ،عكس المتعرضين في التجربة لبرامج وأفلام محزنة .
من هنا ظهر العلاج بالضحك أو بالمرح humor therapy ، واستخدم على نطاق واسع مع مرضى السرطان بجانب العلاج التقليدي ، وبالأخص جربت طرق العلاج بالضحك مع مرضى سرطان الرئة والثدي ، ووجدوا أن معنوياتهم أصبحت أفضل وقابليتهم لتلقي العلاج الكيميائي زادت .
بعض الشركات الأمريكية نجدها الآن تعد برنامجا يوميا للضحك لمدة ربع ساعة مثلا ، حيث يخللون ساعة الراحة للموظفين بفترة يتيحون لهم فيها مشاهدة عرضا مضحكا الأمر الذي ينعكس على الإنتاج بالإيجاب .
نقطة هامة أخرى وهي أن الضحك يأتي بالتمرين ، عرض نفسك لما يسليك ولأشخاص متفائلين يثيرون فيك الضحك ، على الرغم من زمن الحرب الذي نحياه ، وأنا أشبه الأمر بالحلة البريستو لو كتمنا البخار داخلها دون تنفيس تنفجر ، كذلك الضحك هو صمام الأمان لانفعالاتنا.
محيط : كتابك القيم بعنوان " العبقرية والذكاء والإبداع " ومنه نسأل ما سر العبقرية ؟ وكيف نساعد أنفسنا على التفكير الإيجابي والمبدع في الحياة؟
د. عبدالهادي : يكمن سر عبقرية المبدعين في أنهم يعرفون جيداً " كيف يفكرون " ، وليس لأنهم يعرفون " فيم يفكرون " ، حتى أن أفضل ما يمكن أن يفعله الأستاذ في أي فرع من فروع المعرفة ، هو أن يعلم تلاميذه كيف يفكرون، ولقد لخص " مايكل ميكالكو " الفرق بين العباقرة ، والآخرين من الأشخاص العاديين في كتابه :" كيف تصبح مفكرا مبدعا" ، في نقطين أساسيتين هما: إن العباقرة لديهم :
أولا : القدرة على رؤية ما لا يراه الآخرون ، ثانيا : التفكير فيما لا يفكر فيه الآخرون .
ونحن عندما تراودنا فكرة نعتقد أنها ناجحة أو مجدية ، نستمسك بها ، ويصعب علينا أن نفكر في أفكار بديلة غيرها قد تكون أكثر منها نجاحا ، ونظل على هذا الفكر إلى أن يثبت خطؤها ، أما العباقرة فلديهم كم ثري ومتنوع من البدائل التي يقوم العقل بالاحتفاظ بأفضلها من أجل إجراء المزيد من التطوير لها ، مع ملاحظة أن تكون البدائل عمياء لدينا بمعنى ألا نميل لأحدها وقت الاختيار بينها من خلال خبرات سابقة مرت بنا واختزناها .
الجينات الوراثية المفتقرة للتنوع لا يستطيع أصحابها التكيف مع الظروف المتغيرة ، وفي هذه الحالة تتحول الحكمة المشفرة جينيا إلى حماقة ، نتيجة لعدم إتاحة الفرصة لتنويع الأفكار ، فتصبح أفكارنا المعتادة راكدة .
وبالنسبة لرؤية مالا يراه الآخرون نجد أنه لتحقيقها لابد أن تعرف كيف ترى وأن تجعل تفكيرك ظاهراً أو مرئياً ، وهي لغة الصور والرسوم البيانية والتخطيطية مثل الأشكال البيانية الشهيرة لدافينشي وجاليليو وإديسون وغيرهم .
ننتقل للنقطة الثانية لتحقيق العبقرية وهي أن تفكر فيما لا يفكر فيه الآخرون من خلال التفكير بطلاقة والتي تعني توليد كمية من الأفكار من خلال شحذ الذهن ، ؛ فالعباقرة يتميزون بغزارة إنتاجهم فقد أنتج توماس إديسون عدداً قياسياً من براءات الاختراع بلغ 1093 براءة ، ولكي يضمن الإنتاجية اتبع أديسون أسلوباً معينا ألزم نفسه به ،فقد خصص لنفسه ولمساعديه بمقتضى هذا النظام حصصاً من الأفكار ،وكانت الحصة الخاصة به شخصياً هي التوصل لاختراع صغير كل عشرة أيام، واختراع كبير كل ستة أشهر ، وكان إديسون يعتبر الإبداع عملا شاقا وصادقا ، وقال ذات مرة : " إن العبقرية مكونة من 1 % إلهام ، 99 % عرق " ، لذا فقد أجرى إديسون تسعة ألاف تجربة لإتقان المصباح الكهربائي ، وكان لا يعترف بشئ اسمه الفشل .
وعلينا أيضا صنع توليفات مبتكرة ، ووصل ما ليس متصلاً فقد أوجد ليوناردو دافينشي علاقة بين صوت الجرس وصوت حجر يصطدم بالماء ، وكانت معرفة هذه العلاقة هي بداية التوصل إلى اكتشاف أن الصوت ينتقل على شكل موجات، كذلك النظر للجانب الآخر ، وكان" بور" يعتقد أن الإنسان إذا اعتنق رأيا ما ونقيضه معاً ، فإنه يوقف تفكيره مؤقتاً ، لكي ينتقل عقله إلى مستوى جديد ، وهو ما يسمح لذكائه بتجاوز الفكر للعمل.
كذلك يمكننا النظر داخل العوامل الأخرى فقد اكتشف نيوتن قوانين الجاذبية عندما رأى التفاحة تسقط من على الشجرة ، ولاحظ" أليكساندر جراهام بيل" وجه الشبه بين عمل الأذن الداخلية، وحركة غشاء متين ينقل صوت الصلب ، ومن ثم اخترع التليفون .
ومن ضمن عوامل العبقرية اقتناص فرصة العثور على ما لا تبحث عنه ، فلم يكن "إليكساندر فليمنح" أول عالم يلاحظ العفن الذي تكون فوق مستنبت مكشوف ، إلا أن أياً منهم لم يعتبر ذلك شيئا جديرا بالاهتمام ، أما فليمنج فقد وجد فيما لاحظه " شيئا مثيراً للاهتمام " وتساءل إن كان يحمل أية احتمالات لاكتشاف شئ جديد ، وقد قادت هذه الملاحظة " المثيرة للاهتمام " إلى اختراع " البنسلين " الذي أنقذ حياة ملايين الأشخاص ، وفي النهاية أهمية إيقاظ روح التعاون بين الفريق .

محيط : كتابك "أسرار المناعة من الإنفلونزا إلى السرطان والإيدز " نريد أن نعلم كيف تعمل المناعة بأجسامنا ؟ والسؤال الملح على أذهان الكثيرين .. هل هناك أغذية وسلوكيات تزيد نسبة المناعة ؟
د. عبدالهادي: المناعة هي جيش الدفاع الإلهي خلقه الله لنستطيع الدفاع عن الجسم ، لأنه سبحانه يريدنا أن نكون خلفاؤه في الأرض ولابد أن يهيء لنا أسباب الاستمرارية ويحمينا بأقوى وسائل الدفاع المؤهلة للبقاء إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
الجهاز المناعي عند الانسان يتكون من حوالي ألف ألف مليون خلية تقاوم الميكروبات اي تريليون خلية من نوعية الخلايا الليمفاوية المستعدة لمواجهة أي عدو يقتحم الجسم فضلاً عن مئات الملايين من التريليونات من الأجسام المضادة المختلفة للحماية من الأمراض .
الله سبحانه زودنا بجيش الخلايا الليمفاوية ، وتنقسم إلى الخلايا الليمفاوية البائية والتائية ، الخلايا التائية الليمفاوية T.Lymphocytes تنتجها غدة التيموس، وهي غدة في الصدر مجاورة للقلب، والجناح المسئول عن إنتاج قذائف المدفعية المضادة والتي تسمى الأجساد المضادة، والموجهة حسب التركيب الجيني للميكروب المعتدي، والمصنع المسئول عن إعداد هذا الجناح هو الخلايا البائية الليمفاوية B.Lymphocytes التي تنتج من نخاع العظام.
والحقيقة أن القيادة العامة لهذا الجيش هي الخلايا الليمفاوية التائية المساعدة T.Helper التي تعد "مايسترو" الجهاز المناعي.
أما عن طريقة مقاومة الجسم للكائنات الغريبة، فحين دخولها إليه تجد أمامها خلايا معينة تصنع له بصمة جينية وتشبه جهاز المخابرات الذي ترسله الخلايا التائية ، وتقدمها لقيادة الجهاز المناعي، لكي يصدر أوامره للقوة المتخصصة في مقاومة هذا النوع من الغزاة، ومقاومة جيش المناعة للبكتريا تختلف عن مقاومته للفطريات، وذلك يختلف عن الفيروسات والطفيليات، أو الخلايا السرطانية أو السموم... إلخ.
وبعد أن تحلل القيادة العليا لجيش المناعة بيانات الخصم وتحدد هويته، فإنها تعهد إلى القوة المتخصصة لكي تتولى أسلوب الدفاع: إما عن طريق الخلايا الأكولة التي تحيط بالكائن وتبتلعه، أو عن طريق قذائف المدفعية المضادة، أو الأجسام المضادة التي يتم صنعها حسب التركيب الجيني للميكروب المعتدي بناء على أوامر القيادة من الخلايا التائية المساعدة.
وتوجد حرب كيماوية داخلنا بواسطة 20 نوعا من البروتينات في الجهاز المناعي مثل الإنترفيرون وموصلات مناعية أخرى تخرج للتصدي للسموم والفيروسات كذلك توجد ميكروبات خبيثة في خلايا الجسم نفسه يضطر الجسم لإرسال خلايا تبحث عن الأجسام الغريبة داخل الخلية وتقضي عليها .
مع العلم بأن الخلايا السرطانية تتكون في الجسم باستمرار وجهاز المناعة مسئول عن تدميرها فمع كل انقسام من خلايانا ، نجد أنها تنشطر لجزأين كل منهما صورة طبق الأصل بنفس التركيب الجيني ، ونواة الخلية بها 46 كروموسوم موزعة على شكل حامض نووي DNA وهو شريط حلزوني به 4 قواعد نتروجينية تتكرر 3.2 مليار مرة !! ، لو ترتيب واحد اختلف تحدث طفرة والتي تؤدي لتكون الورم السرطاني ، فيبعث الحامض النووي فورا أسطول الصيانة الإلهي DNA REbair enzyme للتأكد من وجود القواعد في مكانها الصحيح وإذا حدث انقسام في الاتجاه العشوائي أو السرطاني يأمرها بالانتحار .
وقد يكون من المنطقي أن نسأل لماذا نصاب بالسرطانات ؟ ، والإجابة أنك لو لديك محطة إطفاء قوامها التصدي لحرائق منطقة تحوي 100 ألف نسمة ثم طلبت منها خدمة مليون نسمة ، مؤكد سوف تحدث حرائق ، وجهاز المناعة البشري يتعرض حاليا لإهانات كثيرة تجعله لا يقاوم كما يجب ، ومن الإهانات الانفعال الحاد وعدم التكيف مع المواقف ، عدم الرضا والحزن العميق والتوتر المستمر ، التلوث بما فيه الهواء والماء والطعام ، التلوث السمعي والبصري الزائد ، الكيماويات والمبيدات والإشعاعات وشبكات المحمول والموجات الكهرومغناطيسية .
ولا يمكن أن يطلب الأطباء من الناس ألا تنفعل ولكن يطلبون التكيف الناضج مع الموقف ، وقد قال الحق في كتابه الكريم " ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " والغرب يسمي الصبر التكيف الناضج مع الانفعال بمنع تأثير الانفعال المدمر .
يمكننا بالفعل زيادة المناعة في الجسم فبخلاف التكيف من الهام ممارسة الرياضة بانتظام ، وتناول غذاء صحي قليل في الدهون الحيوانية مع الإكثار من الفواكه والخضروات التي تحوي مضادات الأكسدة "أ" و "ج" و" ه" ولها دور هام في تحسين قدرة الجهاز المناعي ، والأطعمة التي تحوي الزنك والسلنيوم مثل الكبدة والقرنبيط والبروكلي والأفوكادو والخرشوف والخضروات والفواكه وهي تقوي المناعة مثل الموالح كالجوافة والكانتالوب ، وعلينا التركيز على تناول الدهون النباتية وليس الحيوانية ، وفي الحيوانية تفضل اللحمة البيضاء عن الحمراء لأنها تذيب كمية أقل من الشوارد الحرة التي تهاجم الخلايا وتسبب الأمراض.
محيط : كتابكم الهام بعنوان " الأسلحة البيولوجية والكيميائية بين الحرب والإرهاب " .. أطلقت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنباء مفادها إمكانية تهديد الجنس العربي بواسطة الجينات .. هل يمكن أن يحدث ذلك ؟
د.عبدالهادي: ليس صحيحا ، فأنا أرى أن الإشاعات التي أطلقتها وسائل الإعلام عن إبادة العرب جينيا مجرد فرقعة إسرائيلية ضمن الحرب الباردة التي تهدف لتدمير نفسية الشعوب العربية وإحساسها بالدونية أمام الإسرائيليين ، لأن العرب واليهود ينحدرون من أصول جينية واحدة فهم أبناء عمومة ، وحتى يحققوا تهديدهم لابد أن يحصلوا على جينات عربية خالصة بحيث لا يضروا أنفسهم معنا ، ومن جهة أخرى فالإسرائيليون أنفسهم ينحدرون من شتى بقاع الأرض ولكي تصبح لديهم صفات جينية مشتركة يستغرق ذلك آلاف السنين .
لكن ذلك لا يجب أن يدعو العرب للتراخي ، حيث يذكر الكتاب بأن معرفة تفاصيل الجنس البشري الذي اشتركت فيه 18 دولة من بينها إسرائيل ، سوف يمكن بعض العلماء من وضع خريطة جينية على أساس من التميز العنصري لكافة المجاميع البشرية العرقية مثل المجموعات الإفريقية والآسيوية وقد يمكن ذلك الإسرائيليين بمساعدة الأمريكان طبعا من الوصول لتحديد جينات مميزة للعرب بصفة خاصة مما يمكنها أن تستخدم رؤوسا بيولوجية تحمل فيروسات معينة مثلا ، لكي تصيب الأشخاص الذين يحملون هذه الجينات المتميزة فقط من العرب مثلا دون غيرهم ، لقد توصلت إسرائيل إلى تقنية حقن البيض بهرمونات وفيروسات معينة ، لذا فالأمر جد خطير ، وجدير بنا أن نؤسس لأكاديمية عربية للبحث العلمي تجمع النابهين إضافة للإمكانات التقنية الهائلة لإخراج أبحاث تصور كيف نتصدى للهجوم النووي أم البيولوجي، كما ينبغي على العلماء والأطباء والمسئولين ورجال الإعلام والشرطة أن يتدربوا على السيناريوهات المختلفة التي يمكن أن يواجهونها في حالة مواجهة هجوم بسلاح نووي أو بيلوجي من ضمن تدريبهم على مواجهة الكوارث والأزمات وإدارتها .
محيط : كتاب جديد بعنوان " الإدمان" ومنه نسأل ما إذا كانت ثمة جينات مسئولة عن تصرفات الإنسان وميوله ومنها إدمان المخدرات أو غير ذلك من السلوكيات ؟
د. عبد الهادي: الله سبحانه وتعالى حينما خلق البشر قال " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها" إذن أعطانا الله الاختيار ، ومن غير المنطقي أن يحاسبنا على شيء أجبرنا عليه جينيا .
على مستوى الأبحاث العلمية العالمية في هذا الصدد نجد أن معظمها مغرض بمعنى أننا لم يظهر علينا بحث يقول بأهمية تقنين العلاقات الزوجية لسيرها مع الفطرة الإنسانية ، ولكن نجد الأبحاث تتناول الشذوذ الجنسي مثلا وكأن الشخص مدفوع عليه لا باختياره ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم " الإثم ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس " وهم يعلمون أن الحرية الجنسية والشذوذ مخالف للفطرة السليمة فيسعون للتقنين العلمي له.
معظم من يخرج بهذه النتائج التي نسمع عنها من الشواذ ، وإذا فندنا ما يقول دان هامي مثلا نرى زعم بأن جينا معينا مسئول عن الشذوذ ، كذلك بحث سيمون لوفاي والذي قال بأن المنطقة المسئولة عن الجنس في الشواذ أكبر من مثيلتها في غير الشواذ الأمر الذي يدل على أنهم مجبرين على ذلك ، وقد أجرى بحثه على عينة من الشواذ أساسا وهم مصابون بالإيدز واستنتج أن منطقة الجنس لديهم في المخ نصف الطبيعيين ، والحقيقة أن مرض الإيدز هو الذي يصغر المخ ، فنجد المغالطات وأن السبب يقلب نتيجة ، فعلى سبيل المثال المصابون بالعمى والذين يكتبون بطريقة برايل وجد أن المنطقة المسئولة عن الأصابع بالمخ أكبر من مثيلتها لأن الإستعمال ينمي هذه المنطقة .
وإذا كانت حسب بعض الأبحاث الغربية تعاطي الخمور مسبب بجينات معينة تجعل الإنسان يروقه إدمانها ، فما هي الجينات التي أمرته أن يقترب منها من البداية !، إذن الإنسان يدخل التجربة بكامل إرادته ، غير أنه علينا الحذر بأن تكرار الممارسة تجعل الإنسان عبد للشيء إذا ما اعتاد عليها ، وقد قال الحق سبحانه " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه " لأني لو دخلت فيه من البداية سأنزلق كما زلاقة الأطفال ، تصعد سلمها باختيارك ولا تنزلق بإرادتك .

محيط : كتابك " شباب بلا شيخوخة" وسؤال يلح في وقت الامتحانات .. ماذا نفعل لتنشيط الذاكرة خاصة ، وروشتة للممتحنين للوصول لأفضل النتائج ؟
د.عبدالهادي: أنصح الطلبة لكي ينشطوا ذاكرتهم بعدم تناول منبهات مثل الكافيين ، كما أنصحهم بأخذ قسطا كافيا من النوم لأننا بالنوم نحول المعلومات من الذاكرة المؤقتة للدائمة ، ومن الهام للطالب خلال المراجعة أن يستخدم أسلوب العلامات بحيث يربط بين المعلومات وبين إشارات معينة الأمر الذي يسهل من تنظيمها بالعقل
، لأننا بالواقع لنا عقول تشبه جدا أجهزة الحاسب الآلي ، إذا أدخلنا بها معلومة تحتاج لأن تصنف في ملف معين صحيح حتى يسهل استدعائها بسهولة .
وإذا فشلنا في تخزين المعلومة في مكانها الصحيح سوف يصعب علينا استدعائها ، من جهة أخرى لا تفاجيء عقلك باستدعاء المعلومات المخزنة ولكن تدرب على استدعائها بحل امتحانات مستمرة خلال المراجعة ، مع ملحوظة هامة وهي أن 50% مما نذاكره للمرة الأولى نفقده ، ومن هنا لا يجب علينا أن نقرأ معلومات للمرة الأولى قبيل الامتحان في محاولة لإقحامها بالذاكرة الدائمة ، وللأسف فإن ذلك يضيع معلومات مثبتة من قبل في هذه الذاكرة.
أما عن الأطعمة المفضلة لتنشيط الذاكرة فنذكر منها الأسماك والكبدة واللحوم والبيض والخرشوف والبروكلي والفواكه .
محيط: حصلت على جائزة رئيس جمهورية مصر العربية في معرض الكتاب الدولي بالقاهرة في يناير عام 1998عن كتاب (الاستنساخ بين العلم والدين) كأحسن كتاب لعام 1997 ؟ ومنه نسأل كيف ترون هذه القضية ؟
د.عبدالهادي: استنساخ البشر أنا ضده ، لأن العبث بهذه المنطقة يؤدي لكوارث ، ولكنني مع الاستنساخ الجزئي للأعضاء البشرية لأنه يتم بطريقة طبيعية ، حيث أوجه الخلايا الجنينية الجذعية لكي تكون أي عضو وأنا بذلك أحل مشكلة نقل الأعضاء ، وبالإمكان بدلا من نقل عضو وزراعته أن أحقن خلايا في الكبد نفسه على سبيل المثال أو أكون الكبد الجديد في الخارج وأنقله في المريض .
ما يهمنا أن معظم الفتاوى أجازت مسألة التبرع بالأعضاء ، أما بيع الأعضاء فأنا شخصيا لست معه ، ولا يكمن إشكال الجدل الدائر على الساحة المصرية في الأحياء ، وإنما في الأموات ، نعم لأننا حتى الآن في مصر لدينا مشكلة في تعريف الموت ، رغم أنها مسألة قتلت بحثا ، ويكفي أن نعلم أن 80 دولة حول العالم تأخذ بتعريف الموت الإكلينيكي منهم 16 دولة إسلامية كالسعودية والإمارات والكويت والأردن ، ويعني الموت الإكلينيكي موت جذع المخ ويقتصر عمل القلب على الآلات ، ومعنى أن الشخص يقول الطبيب بموته ثم لا يكون ميتا أن هناك خطأ في التشخيص وفي هذه الحالة يعاقب هذا الطبيب ، لكن هذا لا يعني غلق الأبواب في وجه المرضى الذين يحتاجون للأعضاء .
وللعلم فقد اجتمع أساطين الطب بالوطن العربي مع مفتي مصر والشيخ القرضاوي في ندوة بدولة الكويت عام 1995 وعرفوا الموت ، ومع ذلك لم نتقدم ، ويشبه البعض نقل الأعضاء بالجزارة !!
أشير لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم " إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن " أي أن الطبيب لابد أن يجد من القوانين التي تضعها الدولة لترهبه من المتاجرة في الأعضاء البشرية أو الإضرار بمرضاه ، ولا يجب أن ننسى كل من يتألم وهو ألوف وبحاجة لزراعة أعضاء من أشخاص حديثي الوفاة حيث تنزل الأعضاء للقبر معهم ولا يستفيد منها أصحابها ، وأرى أن التبرع بالأعضاء يمكن أن يدخل تحت الصدقة الجارية لأن من أحيا نفس فكأنما أحيا الناس جميعا .
محيط : استوقفنا كتابك (ضعف الثقافة الجنسية .. سر شقاء الزوجين) لنسأل هل أنت مع تدريس مادة الثقافة الجنسية في المدارس؟ وما رأيك بالأعشاب الطبية ذات الصلة والتي تملأ إعلاناتها وسائل الإعلام ؟
د.عبدالهادي: للأسف في مجتمعاتنا العربية لدينا فوبيا من كلمة "جنسية" حيث يحدث ربط في الأذهان بينها وبين الإباحية ، أو تصور بأن تدريس الثقافة الجنسية يعني بث فكرة الحرية الجنسية وهذا غير منطقي مطلقاً فنحن لا نتحدث إلا عن ممارسة الجنس في إطار الزواج الشرعي ، ونحن مع تدريس الثقافة الجنسية في المناهج الدراسية مع مراعاة الفئة العمرية التي نخاطبها ، كما أن المنهج ليس المقصود منه أن أعرف الطالب كيفية الممارسة الجنسية ذاتها وإنما مفاهيم لا غنى عنها حتى يكون تصور الطالب عن الجنس سليما ، ولا داعي لأن نخدع أنفسنا فجميع أبنائنا لديهم مواقع الإنترنت وما لن نعرفه لهم يمكن أن يبحثوا عنه ليجدوا إجابات لأسئلتهم ، ولا نعلم هنا مدى صحتها .
من جهة أخرى فإن الإحصائيات الحديثة تقول بأن 65% من حالات الطلاق تحدث خلال ثلاث سنوات من الزواج ، و70% من الطلاق المبكر لأسباب جنسية لا يصرح بها الزوجين في مجتمعاتنا الشرقية .
ومن المؤسف أن معلمي مادة الأحياء في المدارس يخجلون من كثير من الدروس ومنها مثلا الجهاز التناسلي للرجل والمرأة ، ويطلبون من الطلبة قراءتها بالمنزل ، على رغم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يوضح للمسلمين ما خفي عنهم في باب العلاقات الزوجية و الجنسية والطهارة وما إلى ذلك باعتبار أن العلاقة الحميمية هي التي يستمر بها الكون ، كما أن فهم الزوجين لها يجعل كل طرف مقتنعا بشريكه ولا يتمنى الحرام وبذا نحافظ على الأسر .
أما مسألة إعلانات الأعشاب التي تقوي من القدرة الجنسية أو تعين على الإنجاب للمصابين بالعقم ، فأنا أراها "نصب علني" ، لأن كثير منها يحوي موادا سامة ، بالطبع المرضى يتعلقون بالأمل ويثقون بوسيلة الإعلام التي تعلن وبالأخص لو كان التلفزيون ، فالناس تعتقد أنه جهة تشرف عليها الحكومة ولا يمكن أن يكون بها تدليس ، ويأتيني للعيادة من يعانون من غيبوبة سكر أ, الالتهاب الكبدي وسرطان كبد بسبب الأعشاب.

محيط: شرحت في أحد مقالاتك الصحفية كيف أن القرآن والصلاة وغيرها من العبادات ثبت علميا تأثيره الإيجابي على الأعصاب، صف لنا هذه الدراسة العلمية ؟ وكيف ترتبط سعادة الإنسان بالإيمان ؟ ..
د. عبدالهادي : جزء من الطاقة الإيجابية عند الإنسان تأتي من خلال الصلاة ، والطاقة الروحية يكون له تأثير إيجابي على الجهاز العصبي المركزي وبالتالي على جهاز المناعة ،
فتجد نقط معينة موجودة بالجسم ومنها ما نسميها العين الثالثة وهي المنطقة التي تعلو الأنف بين الحاجبين تقريبا ، وهي وقت السجود تكون باتصال مباشر مع الطاقة ويحدث طاقة نورانية ، كما يخرج ما نسميه الحسد من هذه العين الثالثة إذا كان الإنسان حسودا .
خلال الصلاة والعبادات تخرج مجموعة من المطمئنات والأندروفينات والأفيونات الطبيعية التي تجعل الإنسان في حالة هدوء نفسي ، ونذكر قول الشيخ الشعراوي بأن صانع الصنعة هو الذي يقنن لها ، فمن عمل التلفزيون هو من يضع الكاتالوج للصوت والصورة ، ولله المثل الأعلى ، فهو الذي صنع الجسد والنفس ويعلم ما يجلب لهما السعادة .
والإيمان يعد هو الحبل السري للروح ، قال تعالي " الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار‏,‏ نور علي نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس‏,‏ والله بكل شيء عليم " النور‏35‏ ، ولاشك أننا عندما نتناول صفة من صفات الله‏,‏ فإننا ننظر إليها من منطلق ليس كمثله شيء‏,‏ والقرآن هو كتاب الله المسطور‏,‏ والإنسان هو خلق الله المنظور‏,‏ فلا بد أن يكون للقرآن‏,‏ أثره الإيجابي علي الإنسان‏,‏ لأن فيه الهدي والنور‏,‏ وكذلك فلا غرابة أن نسمع حديث الرسول صلي الله عليه وسلم " القلوب تصدأ مثل الحديد فعليكم بجلائها بالقرآن" .
وقد نشرت دراسة في مؤتمر الإعجاز العلمي للقرآن من الجمعية الطبية الإسلامية بولاية فلوريدا عن التأثير الفسيولوجي للاستماع للقرآن الكريم على خمسة أشخاص غير مسلمين لا ينطقون العربية ، ومتوسط أعمارهم 22 عاما توضح حيث استمعوا خلال 85 جلسة استماع لقراءات قرآنية مجودة ، بالمقارنة بأربعين جلسة استرخاء مشابهة لجلسات الاستماع ولكن بدون أية قراءات ، وكان مقياس النتائج تهدئة النفس من خلال مؤشرات التغيرات الفسيولوجية التي تشير لاسترخاء الجهاز العصبي المركزي مثل قابلية الجلد للتوصيل الككهربائي ، ودرجة حرارة الجلد والدورة الدموية بالجلد ، وكذلك التيارات الكهربائية بالعضلات التي تعكس ردود الفعل العصبية ، وعدد ضربات القلب ، وضغط الدم ، إضافة للفحص النفسي المباشر .
وجاءت النتائج لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن هناك تأثيرا إيجابيا‏,‏ أي تهدئة للنفس‏,‏ واسترخاء للجهاز العصبي المركزي في جلسات الاستماع القرآنية بنسبة تبلغ أكثر من الضعف عن جلسات الاستماع غير القرآنية‏,‏ بينما لم يحدث أي تأثير إيجابي من جلسات الصمت‏,‏ وهو ما يؤكد أن القرآن كلام الله لابد أن يكون له تأثير إيجابي علي الإنسان خلق الله الذي شهد بالفطرة علي وحدانية الله وقال تعالى " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم علي أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي شهدنا" ..‏ إذا الإيمان هو الحبل السري للروح‏,‏ والذي ينهدم الجسد إذا افتقده.
وفي الآونة الأخيرة اهتمت الأبحاث العلمية الأكاديمية بمحاولة قياس الطاقة المنبعثة من الإنسان في أثناء سلوكيات مختلفة يقوم بها‏,‏ ومنها مثلا في أثناء قراءة القرآن‏,‏ وآداء الصلاة‏,‏ وذكر الله وغيرها من السلوكيات الإيمانية‏,‏ ولقد أثبتت بعض هذه البحوث أن تغير مستويات الطاقة في الخلية يؤثر علي انقسامها‏,‏ وبالتالي يمكن أن يعدل من الانقسام الشرس العشوائي في حالات الأورام السرطانية‏,‏ ويعيدها إلي مستوي الانقسام الطبيعي‏,‏ إذن فلا نعجب من أنه إلي جانب التماس أسباب الشفاء من العلاجات المختلفة ,‏ فإن السلوك الإيماني واليقين في الشفاء لدي المريض‏,‏ يمكن أن يصنع المعجزات ونذكر قول الله "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"‏.‏
ومن خلال بعض الدراسات لقياس مستويات الطاقة بأجهزة معينة وتحديد كميتها في صورة وحدات‏,‏ تبين أن كل ما في الكون يحتوي علي طاقة بداخله‏,‏ فمثلا الزهور وحبوب اللقاح تنبعث منها ما بين‏25‏ و‏32‏ وحدة‏,‏ بينما نجد بعض الأحجار الكريمة الأرجوانية أو البنفسجية يمكن أن تعطي طاقة تصل إلي‏300‏ وحدة‏,‏ وربما كانت هذه الطاقة نتيجة لتسبيح الكائنات المختلفة من خلال قوله تعالي‏ " وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم" ...‏
نبذة عن ضيف شبكة الأخبار العربية "محيط "



د. عبدالهادي مصباح
-استشاري المناعة والتحاليل الطبية وزميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة
عضو في كل من :
-أكاديمية نيويورك للعلوم
-الجمعية الأمريكية لتطوير العلوم
-عضو دولي باللجنة القومية لشئون المعامل بالولايات المتحدة
-عضو بالنقابة العامة لأطباء مصر
-عضو في الجمعية الأمريكية للميكروبيولوجي
-عضو في الجمعية الأمريكية للسرطان
-زميل في جامعة كلورادو للأمراض المعدية الفيروسية والطفيلية
الخبرات :
-حاصل على الدكتوراه في تحاليل المناعة والميكروبيولوجي من جامعة (تمبل) بفيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية
-شارك في تنظيم ورئاسة العديد من جلسات المؤتمرات العلمية في مجال المناعة ومكافحة مرض الإيدز والاكتشاف المبكر للأورام والبيولوجيا الجزيئية والاستنساخ
-حصل على جائزة رئيس جمهورية مصر العربية في معرض الكتاب الدولي بالقاهرة في يناير عام 1998عن كتاب (الاستنساخ بين العلم والدين) كأحسن كتاب لعام 1997
-حصل على جائزة تبسيط العلوم من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بمصر لعام 1998 عن مجموعة مؤلفاته وأبحاثه في مجال تبسيط العلوم
-يكتب في العديد من الصحف العربية ومواقع الإنترنت،وضيف العديد من الندوات العامة داخل مصر وخارجها.
من مؤلفاته :
-كتاب (الإيدز بين الرعب والاهتمام والحقيقة) 370 صفحة - الدار المصرية اللبنانية .
-كتاب (حوار مع مريض بالإيدز) - دار الأمين .
-كتاب (شباب بلا شيخوخة) - دار المعارف .
-كتاب (المناعة بين الانفعالات والألم) - دار المعارف .
-كتاب (أسرار المناعة من الإنفلونزا إلى السرطان والإيدز) - الدار المصرية اللبنانية.
-كتاب (الاستنساخ بين العلم والدين) - الدار المصرية اللبنانية .
-كتاب " العبقرية والذكاء والإبداع" سلسلة الجينات والسلوكيات.
-كتاب " الأسلحة البيولوجية والكيمائية بين الحرب والإرهاب" - الدار المصرية اللبنانية.
-كتاب "الإدمان" - الدار المصرية اللبنانية .
-كتاب " الحب .. والضحك.. والمناعة" كتاب اليوم - اخبار اليوم .
-كتاب " آدم وحواء من الجنة إلى أفريقيا" - الدار المصرية اللبنانية .
-كتاب " العلاج الجيني واستنساخ الأعضاء البشرية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.