لا علاقة للعنوان بأغنية شهيرة، للمطرب الاماراتى المبهج حسين الجاسمي، لكنى قرأت تصريحا لطيفا أدلت به وزيرة إلى أحد البرامج التليفزيونية.. قالت، لا فض فوهها، انها تستيقظ يوميا حوالى السادسة صباحا لأن مصر عاوزة شغل كتير! وبشكل عام اعتقد أن العلاقة ببعض الوزراء تظل ساكنة حتى ينطقوا، فيجد المرء نفسه إزاء أنواع من اللطائف والطرائف التى يصعب تجاهلها، وربما لهذا السبب أصبح المتحدثون باسم الوزارات، أشبه بالفلاتر حتى نصل إلى طراز من الوزراء يعى وقع ما يقول على الناس. توقفت عند تصريح السيدة الوزيرة متسائلة: طيب إن لم تكن مصر محتاجة إلى شغل كتير، ماهو الموعد الذى ينبغى على أى مسئول، أن يبدأ فيه يومه؟ وحتى لو لم يكن يتولى أى مسئولية عامة، لو هو مجرد موظف.. محاسب، عامل, مهندس، بياع فى محل، موعد تشغيله الثامنة والنصف أو التاسعة، ماهو الموعد او كم من الوقت يحتاج ما بين الاستيقاظ والجلوس على مكتبه أو أمام ماكينته؟! وإذا كان التلاميذ فى المراحل الأولى يستيقظون قرب الخامسة والنصف للحاق بسيارات المدارس، والموظفات الأمهات يبدأن أيامهن حول هذا الموعد ليتمكن من إعداد الأبناء للنزول وترتيب شئون البيوت وكل واحدة منهن لا تتعدى مسئوليتها أربعة أو خمسة أفراد ودون ان يقلن إنهن يفعلن ذلك لأن البيوت تحتاج إلى شغل كتير على غرار ما قالته الست الوزيرة، فما البال لو أنك تتولى مقعدا وزاريا فى دولة كبرى كمصر؟ لا يشعر المواطن بارتياح عندما تنساب الكلمات من بعض المسئولين بهذه الشاكلة الفقيرة فى الإدراك لحجم ومعنى أن تكون وزيرا مسئولا خاصة لو وضعت إلى جوار التصريح السابق، تصريحين مكملين، وردا فى اللقاء التليفزيوني، عن اصطحاب الست الوزيرة أبناءها فى جولات، والنزول مع صديقاتها، وهما أمران يخصان رؤيتها لحياتها، وليس مما تحتاجه مصر. مقولة الفلاسفة اليونان «تكلم حتى أراك»، مقولة كاشفة إلى حد بعيد، خاصة حين يكون للمرء موقع ومكانة أو دور، وتعقب تصريحات البعض من الوزراء فى السنوات الأخيرة يضعنا أمامهم، يجعلنا نراهم فعلا.. نراهم بأكثر بكثير مما يقدمون به أنفسهم، فى السيرة الذاتية الترشح.. آليات تفكير المسئول جزء رئيسى من أدوات إنجازه.. السيرة وملحقاتها، لا تجعل المواطن على بينة كاملة من قدرات المسئول، ويصبح علينا ان ننتظر الأداء على الأرض، والرؤية المصاحبة لهذا الأداء.. وعلينا أن نقر بفضل ظاهرة المتحدثين باسم الوزراء والوزارات ، فهى تحجب الكثير، خصوصا عندما تبدو أمورا بسيطة، تقع فى محيط هيئات تابعة لبعض الوزارات، ويمكن ان تندرج تحت بند أبسط بكثير من العنوان «مصر تحتاج شغل كتير قوي»، لانها ليست سوى عمل يومى عادي، ومع ذلك فإن المسئول الذى يستيقظ الساعة ستة وربع، عشان مصر، لا يراها! هناك تصريحات لبعض المسئولين، لها فضل الايحاء! توحى لك بفيلم شاهدته، أو أغنية، سمعتها لكنها لا تأخذك ابدا إلى ما تحتاج سماعه والتيقن من وجوده حتى تطمئن كمواطن، على مصالحك، وهى فى حوزة هذا المسئول، الذى يعتبر، بدء يومه الساعة السادسة والربع، أمرا يستحق الذكر.. المسئول الوحيد فى السياق التنفيذى الذى ليس له متحدث، ولا يحتاج الى متحدث، والذى تتكلم عنه انجازاته على أرض الواقع، والذى لا يستيقظ الساعة السادسة والربع صباحا، لأنه غالبا لا ينام، والذى صار الناس يعرفونه من قدرته على الإنجاز، والانضباط، حتى صار مرادفا لهما هو كامل الوزير، مع كامل الاحترام الواجب والعميق.. المسئول التنفيذى الذى صار وحده رمزا للجدية والالتزام، وحظى بثقة القيادة والناس معا، والذى نحتاج من بعض السادة الوزراء أن يدرسوا منهجه، ويعفونا من تصريحاتهم المستفزة.. مال المواطن وساعة استيقاظ الوزير وجولاته مع اصحابه وأولاده؟ واذا كانت الست الوزيرة بأدائها ترى فى الاستيقاظ السادسة والربع صباحا شيئا يستحق الذكر، فمتى يا ترى يستيقظ السيد كامل الوزير، بل متى ينام؟! لمزيد من مقالات ◀ ماجدة الجندى