منظومة جديدة ل«التربية والتعليم» دشنتها الوزارة بقيادة الدكتور طارق شوقي، رافعة على مدى عام كامل شعارات «متعة التعلم» و«التعليم للمهارات والحياة» و«لا للحفظ والتلقين».. لكن «العقبات» اعترضت طريق المنظومة الجديدة مع بداية العام الدراسي، ودفعت ضغوطها الوزارة إلى «التراجع» عن بعض القرارات و«التأجيل» لبعض التصورات إلا أن الأمر لم يخل من بعض «النجاحات».. والسطور التالية ترصد التجربة.. يأتى على رأس النجاحات التى حققتها الوزارة قدرتها على الصمود والإصرار على بدء تنفيذ «الرؤية الجديدة» بفضل دعم القيادة السياسية المطلق لها، برغم المقاومة التى قابلتها وتظاهرات أولياء الأمور أمام الوزارة.. إلا أن أشد عواصف المعارضة هبت من «لجنة التعليم» بمجلس النواب برئاسة الدكتور جمال شيحة والتى أعلنت تأييدها المبدئى للمنظومة، إلا أنها رأت عدم جاهزية أرض الواقع بالمدارس للتنفيذ، ولذا طالبت الوزير بتأجيل التنفيذ أو التطبيق بصورة تجريبية على بعض المدارس.. وهو ما تجاوزته الوزارة بل وبعدها بأيام معدودة غادر «شيحة» منصبه فى رئاسة اللجنة! تجسد النجاح كذلك فى قدرة الوزارة أخيرا وبجهود نادية عبدالله ومعاونيها بالإدارة العامة للتنسيق بديوان الوزارة على عمل حصر شامل ودقيق للعجز فى أعداد المعلمين وتخصصاتهم بمدارس الجمهورية، تمهيدا لسده بالتعاقدات.. لكن المفاجأة كانت مكافأة هؤلاء على جهودهم تلك بإحالتهم للتحقيق بقرار من محمد عمر نائب الوزير، بدعوى تسريب الأرقام للصحافة والإعلام! نجاح آخر «تشريعي» حققته الوزارة بإقرار مجلس النواب لقانون التعليم وتعديلاته التى طلبت الوزارة إدخالها عليه فى سبيل ضبط وتحديث منظومتها القانونية لمواكبة التطورات، وإن بقى الكثير من القوانين واللوائح التى تحتاج إلى التعديل والتغيير. وإذا كنا قد استعرضنا جوانب من «النجاح» الذى حققته الوزارة، فإن الواقع على الأرض «صدم» المنظومة النظرية بشدة ودفعها للتراجع خطوات تحت ذرائع ومبررات مختلفة.. أولى الأزمات التى قابلت المنظومة فور بدء العام الدراسى كانت «الكثافات المرتفعة» بغالبية المدارس والتى بلغت 60 تلميذا فى الفصل الواحد بل تجاوزت ذلك أحيانا إلى 120 تلميذا بالفصل، لتتعالى صرخات أولياء الأمور ومسئولى المدارس ولتنتشر صور حقيقية لعشرات التلاميذ المحشورين والمتلاصقين فى مقاعدهم، فى منظومة شكلت تصورها على أعداد محدودة تجلس فى أشكال وموائد دائرية! معركة ثانية اشتدت وطأتها، ولكن هذه المرة من أولياء أمور طلاب المدارس الرسمية «التجريبية» للغات، لتظهر تجمعاتهم أمام ديوان الوزارة ضد قرار الوزير بإلغاء «المستوى الرفيع» للغات بها فقط دون المدارس الخاصة.. لنفاجأ بالوزير «يتراجع» عن قراره قبل بدء الدراسة بيومين فقط، معلنا عن قراره بتدريس كتاب إضافى للغة الإنجليزية «كونكت بلس» لأبنائهم، إلا أن الكتاب لا يصل للمدارس ولتخرج إشارات من الوزارة نفسها بعدم صدور وتدريس الكتاب الجديد! نصل الآن إلى «حيرة» الطلاب وأولياء الأمور تجاه «حقل التجارب»، وهو المسمى الجديد الذى أطلقوه على «الصف الأول الثانوي» الذى كان مقررا وفق تصور المنظومة الجديدة أن يدخل ضمن تقييم ومجموع «الثانوية التراكمية».. لتكون اختباراته أربعا «اثنان فى نهاية كل تيرم» وبطريقة «إلكترونية» عن طريق التابلت.. وإذا بالتوجيهات تصدر بأن يكون هذا العام فقط «تجريبيا» وبألا تدخل درجات اختباراته ضمن درجات ومجموع الثانوية التراكمية.. ولتغلف الوزارة هذا الإجراء بتبرير مؤداه أن ذلك «حتى يعتاد الطلاب وأولياء أمورهم على النظام الجديد»، وليرد خبراء التعليم ومعهم أولياء الأمور، بأن السبب الرئيسى هو عدم الجاهزية والتى سبق أن حذر منها مجلس النواب.. ولتستمر منظومة التأجيل بعد تأخر التابلت وعدم اكتمال شبكات الإنترنت بالمدارس لتقرر الوزارة إجراء اختبارات التيرم الأول «ورقيا» بل ويؤدى الطالب امتحانا واحدا بعد أيام فى نهاية التيرم الأول وامتحانا ثانيا فى منتصف التيرم الثاني، ثم امتحانين فى نهاية التيرم الثاني.. أى ثلاثة امتحانات فى تيرم واحد!