يركز الرئيس السيسي دائما في أحاديثه الأخيرة على حالة الإعلام المصري بكل فئاته من تليفزيون وفضائياته، التي أصبحت ومعها بعض الصحف غثاء كغثاء السيل من كثرتها وانعدام فائدتها على المجتمع والدولة، بالفعل ما يقصده الرئيس هو حقيقة واضحة للعيان، ونتفق جميعا معه فما نحن فيه أصبح خطرا داهما على مؤسسات الدولة المصرية، فالإعلام هو انعكاس واضح ومرآة حقيقية لتقدم المجتمعات والدول أو تخلفها وبعدها عن الركب العالمي. لكن في الحقيقة أنه رغم الأزمة التي يعانيها الإعلام مرئيا ومسموعا ومقروءا، فإن هناك كوادر في الوسط الإعلامي لديها من المهنية والمصداقية والشفافية والحس الوطني ما يعالج هذه الأزمة نهائيا، ولكن الدولة لا تضعهم نصب أعينها في الاختيار وهنا تكمن المشكلة الأساسية، فسوء الاختيار هو أحد أهم أسباب ما وصلت اليه الحالة الإعلامية الآن. فالمجاملة كانت الأساس والفيصل النهائي في الاختيار دائما، وهنا تكمن المشكلة، فالحالة التى يعانيها المجتمع بكل طوائفه ليست وليدة اليوم والليلة إنما هي نتاج ثمانى سنوات عجاف مرت بها الدولة المصرية، وآن الآوان لتصحيح المسار والعودة للزمن الجميل إعلاميا ومجتمعيا. تصحيح المسار الإعلامي يبدأ من الدولة بإعلائها مفاهيم الاختيار، فما كان يحدث في الماضي لا يتوافق مع هذا العصر ذات الثورة التكنولوجية والرقمية الهائلة، وعليه فلابد أن يكون اختيار القيادات بناء على مجموعة من المعايير ليست الورقية بل الفعلية، فكلنا نعرف معايير الاختيار المهنية والأخلاقية والسلوكية والقدرة على الإبداع وحل المشكلات والنهوض بالمؤسسات مهنيا وإداريا واقتصاديا، لكن هل هذا يحدث في الواقع؟. والسؤال الأهم لماذا تغض الدولة الطرف عما يحدث دون إحداث التغيير المطلوب، مع الإبقاء علي من يحاول منهم النهوض بمؤسسته، الرئيس لمح أكثر من مرة للتردي الذي نحن فيه فلماذا التأخر في التغيير وإعادة تشكيل الهيئات؟، وإعطاء الفرصة للكفاءات المخبوءة بالمؤسسات والعقول المبدعة المهمشة حتى لا تنكشف السوءات. أقول للرئيس إذا أردت إعلاما ناضجا وطنيا فعالا يواكب الإعلام العالمي لابد من إصدار توجيهات صارمة بحسن الاختيار وفق معايير مهنية واضحة، وأن تكون المتابعة والمحاسبة أولا بأول لمن يقع عليهم الاختيار كمنهاج عمل، فلابد أن يكون المسئول ملما إلماما كاملا بمقتضيات وظيفته، وهذا هو معيار وأساس النجاح. لمزيد من مقالات فهمى السيد