« لم أطلق ساقى للريح لأجرى وألعب وألهو مثل باقى الأطفال، اغتال شلل الأطفال مبكرا تلك الفرحة والسعادة، فلم أتمكن من مجاراة أقرانى، فساقاىَ أصبحتا تحتى أزحف بهما مع جسمى من مكان إلى آخر .. هكذا تحدث علاء فراج، العامل الادارى بمكتب صحة الشرابية وبائع الصحف أيضا. عن بداية معاناته مع المرض يقول «حكت لى أمى أنى ولدت طفلاَ سليماَ عادياَ حتى الرابعة من عمرى، فإذا بحمى شديدة تضرب جسمى، وبعد سعى لدى المستشفيات ترك المرض اللعين بصمته على كى يلازمنى طوال عمرى، وبسببه حرمت من التعليم خاصة وانه كان صعبا على مثلى فى قريتى بمحافظة سوهاج أن أكمل التعليم.. فمن يحملنى إلى مدرستى؟. ويضيف: حاول والداى مساعدتى من أجل أن أستطيع الوقوف أو السير ولو باستخدام أجهزة تعويضية، لكن المرض كان قاسيا بشدة، وكلما نظرت إلي ساقى الآن تذكرنى بطفولتى التى لم أعشها، وبعد سنوات من السعى دون جدوى استقر بى الحال فى القاهرة فى درب شحاتة بالشرابية، وقررت أن أقهر إعاقتى وألا اتحول إلى شخص عاجز ينتظر حسنة من هنا أو هناك. لذا قررت أن أذاكر وان أسعى للحصول على أى شهادة وأن ابحث عن فرصة عمل كريمة أعف بها نفسى عن السؤال وأن أرى فرحة فى عينى أمى التى أراها متألمة وحزينة لحالى وتخشى على من غدر الأيام، خاصة بعد وفاة والدى فى سن مبكرة وانضممت الى فصول محو الأمية، واجتزتها بل حصلت على دورات فى الآلة الكاتبة، وأجدت القراءة والكتابة إجادة تامة وتقدمت للالتحاق بوظيفة فى وزارة الصحة ضمن نسبة ال 5% وتم تعيينى فى وظيفة عامل إدارى بمكتب صحة الشرابية، فاشتريت كرسيا متحركا اذهب به وكنت أدفعه بنفسى إلى مقر العمل، وكانت المشقة كبيرة، لكنى لم استسلم للعجز أو اطلب مساعدة الآخرين، وقررت أن اعتمد على نفسى، ونجحت دون مساعدة أحد. ويواصل حديثه: كنت أظن أن الأقدار قد استقرت بى على هذا النحو، ليأتى زلزال أكتوبر 1992 ليزلزل ليس المبانى والعقارات، ولكن كيانى واستقرارى ويذهب بتلك الحجرة التى كنت أسكن بها وتسترنى من اللجوء إلى الآخرين، لتبدأ رحلة أخرى من العذاب، وسعيت مع من تأثروا بهذا الزلزال للحصول على وحدة سكنية وبعد جهد وسعى قررت محافظة القاهرة تخصيص شقة فى مساكن الزلزال بالمقطم، ولكن جاءت فى الدور العلوى، وكيف لى أن اصعد، وأنا بتلك الحال، إلى الطوابق العليا واعدت خطاب التخصيص إلى إدارة الإسكان بمحافظة القاهرة من أجل تبديلها او تخصيص أخرى فى ادوار اقل ارتفاعا بعد وعودهم لى ولكن حتى الآن لا أثر لتلك الوعود. ويختتم علاء حديثه متألما: لم أمد يدى، لم أتسول، لا أريد إلا نظرة من الدولة ترحم حالتى.. لا أريد إلا الحصول على شقتى التى خصصت لى وتسبب موظف غير مسئول فى خداعى وحرمانى منها وان أكمل علاجى وإجراء عملية «غضروف» ضمن التأمين الصحى، ربما يضحك القدر لى يوما بعدما زادت احزانى ووحدتى برحيل أمى التى كانت معى رغم أنها تعيش فى سوهاج، لكن دعواتها كانت زادى لمواجهة الحياة القاسية.