* وسائل التمزيق الاجتماعى.. «التواصل سابقا» * دراسة عالمية تحذر : استخدامها أكثر من 38 ساعة أسبوعيا بداية لإدمان الإنترنت * اللائحة التنفيذية لقانون تقنية المعلومات تصدر فى يناير .. والتطبيق يبدأ خلال فبراير * التشريع لا يجرم الألعاب الافتراضية الجماعية .. لكنه يكافح الجرائم المترتبة عليها * الأسرة خط الدفاع الأول لحماية المراهقين نفسيا وجسديا من ألعاب العنف
اقتحمت ألعاب الإنترنت التى تستحق وصفها ب«ألاعيب الشياطين» بيوتنا ومدارسنا وأنديتنا وكل مكان لتعشش فى عقول الشباب والأطفال لتخربها وتصيب نفسيتهم بمرض عضال وتفتت الأسرة والمجتمع .. ونحن أمام كارثة تتفاقم وتتزايد بشكل خطير ومرعب.. فالآباء والأمهات يعجزون عن منع الأبناء من ممارسة هذه الألعاب ومتابعة الإنترنت بكثافة، حتى أصبحت القضية «إدمانا يحتاج علاجا» من الجميع وتصدى الدولة لهذه الظواهر الشيطانية التى تتسرب الينا بكل خبث..فنحن فعلا فى حرب عقول، سلاحها الأول الألعاب الإلكترونية الجماعية عبر الإنترنت بما تتضمنه من عنف وقتل وسرقة وتجسس وأصبحت ملهاة تبعد الأبناء عن استذكار دروسهم، مما يؤثر على تحصيلهم وتصل بهم للقتل والانتحار وتلف المخ والحواس.. هذا الوضع المأساوى جعل شبكات التواصل ما هى إلا وسيلة للتفسخ والتشتت الاجتماعى.. فى ظل غياب الأسرة والمجتمع والدولة.. وحان الوقت ليتكاتف الجميع، فالشباب والأطفال دخلوا عصر إدمان الانترنت، خاصة هذه الألعاب المثيرة وكثير منهم دخل دائرة المخدرات بسبب التفرغ للانترنت والفيس بوك وألعاب العنف، وأصبح الشباب محاصرا من كل مكان حتى رأينا حالات قتل وعنف وانتحار.. العجيب أن القانون المصرى لا يجرم الألعاب لكن يمكن أن يجرم ما يترتب عليها من جرائم، ورغم التصديق على القانون فإنه لم ينشر بعد فى الجريدة الرسمية ولم يتم إصدار لائحة تنفيذية له حتى الآن.
«تحقيقات الأهرام» تفتح الملف مع بعض العلماء والخبراء ورجال القانون لنتدارس المشكلة واقتراحات حلها.. يقول الدكتور أحمد أبو العزايم استشارى الطب النفسى والأعصاب إن السنوات الأخيرة شهدت تطورا خطيرا فى وسائل التواصل الاجتماعي، وبدأت تزيد مخاطرها مع انتشار العنف، خاصة عن طريق الألعاب التى تحتوى على قتل وعنف بل وتحرض المراهقين والأطفال عليهما لإيذاء النفس والغير بطريق مباشر وغير مباشر والإيحاء لهم بأفعال غير طبيعية، وتعد ظاهرة انتشار الألعاب الالكترونية الجماعية بين الأطفال والشباب لفترات طويلة غاية فى الخطورة، فتؤدى إلى أن يكون الحافز الوحيد اكتساب أكبر عدد من النقاط تلزمه بتعليمات عليه تنفيذها للانتقال لمرحلة أعلى قد يكون من بينها إيذاء النفس، ولعبة مع مجموعة قد لايعرفها أو سرقة بنك أو ارتكاب حوادث وجرائم ضد الشرطة فتتراكم هذه الثقافة لديه وتؤدى به للوحدة والانطواء والإحساس بالإحباط نتيجة فشله فى اجتياز مراحل متقدمة فى هذه الألعاب، ثم شعوره بعدم اكتساب المهارات التى تمكنه من التعامل فى حالات اختلاف وجهة النظر مع الآخرين وحل مشكلاته والتغلب عليها، ويفشل فى دراسته وفى تكوين علاقات سليمة مع الزملاء وأعضاء الأسرة والجيران، ومن هنا تبدأ الأفكار الاكتئابية والقلق على المستقبل، وملجؤه سيكون لأصدقاء اللعب الذين يعانون من هذه المشكلات أيضا بل منهم من يتعاطى المخدرات فليس لديهم أى شىء يحققونه فى الحياة، وبالتالى يصبح شبابا اعتماديا، ومع أحاسيس الاكتئاب وفقد الثقة تبدأ الأفكار الانتحارية والقتل وتتعمق مشكلات التعاطى والإدمان والعنف، وهناك بعض الدول وضعت حدودا لهذه البرامج والألعاب وحرمتها، ويشير لأهمية دور الأسرة فى توجيه وتنبيه أفرادها من الأطفال والمراهقين إلى مخاطر هذه الألعاب التى تتطور لتصبح إدمانا وأمراضا نفسية. ويرى أن هذه الألعاب تنتشر بسرعة عجيبة ويجب تصدى الدولة والمجتمع لها وزيادة الوعى وبناء الخطط لمواجهتها والحد منها وإلا ستكون العواقب وخيمة. إدمان الإنترنت وترصد الدكتورة حنان سعيد السيد مدرسة علم النفس بجامعة الإسكندرية، المشكلة وتحدد ملامحها فتقول إن أول من وضع مصطلح «إدمان الإنترنت» هو عالمة النفس الأمريكية كيمبرلى يونج Kimberly Young، التى تعد من أوائل أطباء علم النفس الذين عكفوا على دراسة هذه الظاهرة فى الولاياتالمتحدة منذ عام 1994، وتعرف يونج «إدمان الإنترنت» بأنه استخدام شبكة (الإنترنت) أكثر من 38 ساعة أسبوعياً، و«الألعاب» الآن جزء لا يتجزأ من مشكلة إدمان الإنترنت، فهى تستهلك وقتا طويلا من الشخص، وبوجه عام يلجأ المراهقون للإنترنت وعادة يدمنها الأولاد أكثر من البنات، ومن الممكن أن يكون الشخص انطوائيا فى الحياة بينما على الإنترنت يكون أكثر اجتماعية، وهذا تناقض خطير، ويجب تعزيز الوعى بالآثار الضارة للاستخدام السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا «فيس بوك» لدى الشباب، فالتوعية تقلل من فرص حدوث مخاطر ومشكلات شخصية واجتماعية ودراسية وصحية. الحماية بالتواصل الأسرى وتضيف الدكتورة حنان سعيد أن من أنواع إدمان الانترنت، المقامرة والتسوق وتداول الأسهم وتحميل معلومات وألعاب، على حساب أداء أعمال مفيدة والتزامات عائلية ودراسية وشخصية، ولابد من قيام مؤسسة الأسرة بدورها فى التواصل الايجابى بين أبنائها، بالمناقشة والحوار دون تسخيف للآراء أو تحقير قيمة الفرد والمشاركة فى أنشطة مختلفة مثل الرياضة والرسم والموسيقى، ويجب على الدولة عقد دورات تثقيفية للأسر لتوعيتها ودعم الأبناء، ويجب تحويل مدمن الانترنت للعلاج النفسى وصولا للحالة الآمنة فى التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي. الجذب والتشويق للتمزيق وتؤكد الدكتورة حنان أن الألعاب الالكترونية خاصة الجماعية أدت لارتكاب مزيد من العنف الذى زاد مستواه فى السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، وتؤدى الألعاب الالكترونية بوجه عام للعزلة وتقلل من التفاعل الاجتماعى كما تؤدى إلى تدهور علاقات الشخص مع من حوله وظهور أعراض القلق والاضطراب والتأخر الدراسى والرسوب. وسبب الإقبال على هذه الألعاب وجود عوامل جذب وتشويق ومراحل مختلفة بكل لعبة، وقبل الدخول فى اللعبة لابد أن تجتاز مراحل معينة بعد أن تتم مجموعة من المهام المتنوعة للسيطرة على التفكير والإدراك للأطفال والمراهقين والشباب، فالضعف النفسى يختلف من مراهق لآخر، ويجب تطبيق الاختبارات النفسية لتحديد دوافع واسباب ارتكاب الجريمة وألا يتم التشخيص عشوائيا، والأشخاص الذين يتسمون بالضعف النفسى والقابلية للإيحاء وضعف الثقة بالنفس والعزلة هم الفئة التى يسهل التأثير عليهم من قبل مصمم هذه الألعاب وتكون مقصودة، ففى البداية يحصل على معلومات عن الشخص منها السن والطبقة الاجتماعية وعدد الإخوة والدراسة، فالانترنت يتجاوز المكان والزمان والحدود الجغرافية والثقافية، فمن الممكن التواصل مع أشخاص لا تعرفهم، ومنهم من قد يتم تجنيده فى أعمال إرهابية، فخطورة اختبارات الانترنت تكمن فى الكشف عن الشخصية والمعلومات المختلفة عنها، فهى تتيح السيطرة على ضعاف النفوس وتهددهم بإيذاء ذويهم إذا لم يستجيبوا لأوامرهم وأداء المهام التى تخبرهم بها اللعبة، وهذه هى حروب الجيل الرابع التى تدمر المجتمع من الداخل دون أسلحة تقليدية، وتتم هذه العملية على مدى سنوات باستخدام المغريات المختلفة لأداء مهام بسيطة فى البداية تتطور وتزيد مع الوقت ويمكن تجنيد الشخص فى عمليات تجسسية والانضمام لجماعات متطرفة، ومن هنا يأتى دور الأسرة والمجتمع والمدارس والجامعات فى التوعية وشغل وقت الأطفال وممارسة الرياضة، لأن منع هذه الألعاب من المستحيل. المنع والتجريم ونأتى لدور القانون فى المنع والتحجيم والتجريم، فيؤكد الدكتور محمد محمد الألفى رئيس جمعية مكافحة جرائم الانترنت، أنه لا يوجد نص فى قانون تقنية المعلومات الذى صدر قبل شهرين يجرم هذه الألعاب، وأنه لا يستهدف مثل هذه الألعاب للتجريم، بل يجرم أى أفعال غير مشروعة عبر الشبكة، التى تستهدف الأموال والأشخاص والمعلومات..و كان الأفضل تطبيق القانون فور صدوره ونشره فى الجريدة الرسمية، لكن لم تصدر لائحته التنفيذية بعد، لكنه معمول به، حيث انه واضح النص، تجريم الفعل ووضع العقوبة عليه، والقانون لا يجرم الألعاب الالكترونية والأصل أن أى ألعاب موجودة على الشبكة مباحة، إلا إذا تم تجريمها بنص، والتشريع لم يصدر لتجريم لعبة، بل يمنع عرض صور إباحية على الطفل أو أفعال ضارة، كما فى قانون الطفل الذى ينظم ذلك، ولكن يأتى التجريم فى حالة ابتزاز الأطفال من قبل مزود الخدمة أو القائم بعرض اللعبة الذى يحصل على بيانات الأطفال ويوجيههم بطريقة غير مشروعة، أو الحصول على أموال من هذه الأفعال مجرمة، لأن فيها انتهاكا للخصوصية، فمثلا لعبة الحوت الأزرق أكثر لعبة أضير المجتمع منها، لأن أفعال القتل بها واضحة وظهرت بسببها حالة فى الكويت وحالة فى مصر وفى روسيا وتم القبض على القائم بإصدار هذه اللعبة لأنه يتعمد بشكل واضح الحصول على بيانات الأطفال ويقوم بتوجيههم لقتل ذويهم وتمت محاكمته ومعاقبته وغلق اللعبة، فهناك أمور قابلة للتجريم، فنحن فى الحقيقة ينقصنا وعى مجتمعى وأسرى وتعزيز دور المؤسسات التعليمية والإعلام والوعظ الديني، ويجب أن نفرق بين أمرين : الأول فعل مجرم يستحق العقاب والثانى أفعال معينة يقوم بها الأطفال وتحتاج التلطيف والتوعية. اللائحة قادمة ويرى أحمد بدوى رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، أن استخدام وسائل الاتصال الاجتماعى من أكثر الايجابيات فى مصر، ولا ننكر أن القيادة السياسية تدعم التكنولوجيات، ونحن فى اللجنة ندعمها بشكل كبير، والدليل أننا نعمل على المجتمع الرقمي، ولا ننكر أن هناك العديد من الألعاب الخطيرة التى تعلم العنف ومن الصعب غلق هذه التطبيقات، وهناك بعض التطبيقات يمكن للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات السعى لغلقها لكن بعد الغلق ظهرت عشرات الألعاب الجماعية الأحدث، وأهم شيء التوعية من جانب الأسرة بخطورة هذه الألعاب، وللأسف لا يوجد حوار مجتمعى وكل شخص فى الأسرة فى واد وهذا يولد عنفا. وقال إن اللجنة تصدر بيانات بالتنسيق مع جهاز تنظيم الاتصالات ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، للتوعية بعدم الانسياق وراء الإعلانات الوهمية ومنها الأدوية دون هوية. وعقدنا مع وزير الاتصالات اجتماعا موسعا الأسبوع الماضى وتحدثنا عن الأجندة التشريعية التى نناقشها داخل لجنة الاتصالات لعرضها على الجلسة العامة لأخذ الموافقة عليها، وما تم حتى الآن الموافقة على قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية القانون رقم 175 لسنة 2018، واللائحة التنفيذية من المنتظر أن يتم الانتهاء منها نهاية يناير المقبل لتصدر فى فبراير المقبل، ليكون لدينا قانون ولائحة لمكافحة الجريمة الالكترونية بجميع أشكالها، ومواجهة التطبيقات التى تحرض على العنف، فما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعى ما هو إلا حروب الجيل الرابع على مصر، منها الشائعات والأكاذيب خاصة التى تؤدى لحالة من الإحباط فى الشارع. ويشير إلى ضرورة مواجهة الألعاب التى تحرض على العنف والتى تستخدم الأسلحة الافتراضية. صحيح أن بعض التطبيقات يمكن حجبها لكن الكثير يصعب حجبه حسب التطبيق، وعند الحجب يخرج عشرات الألعاب، والمواجهة تكون بالتوعية أولا.