على خلفية ما جرى فى الفترة من نكسة 1967م، وحتى انتصار الجيش المصرى الوطنى العظيم فى 1973م، أطلَّ علينا المفكر محمد الشافعى الكاتب والصحفى والمؤرخ العسكرى والعاشق للوطن والتجربة الناصرية، بكتاب متميز تحت عنوان: بطولات تتحدى الزمن. أصدرته الهيئة المصرية للكتاب. فمن بداية الكتاب كان هناك الإهداء الذى يحث على العطاء، وبالنص: إلى الذين يرون فى الأخذ وغالبًا فى السلب- متعتهم الكبري، هلا اطلعتم على سير الأبطال والشهداء، وهى تعزف لحن الخلود، وتؤكد أن لذة العطاء أكبر وأنبل. كونوا عطائين أو موتوا بغيظكم. قدم الكاتب سيرة هؤلاء الأبطال وغالبيتهم قد استشهدوا، الذين قدموا نموذجًا للتضحية بلا حدود من أجل وطن يعيش ويهب الخير لأبنائه. حيث قدم الكاتب نماذج فريدة من أبطال المواجهة مع الكيان الصهيوني، بلغت (15) نموذجًا، وهم على سبيل المثال وليس حصرًا. فقد التقاهم الكاتب وأجرى مع غالبيتهم حوارًا قبل أن يرحلوا عن عالمنا إلى جنة الخلد. وكان فى مقدمة هؤلاء الأبطال الفريق محمد فوزي، تحت عنوان (صخرة الانضباط). وأعقبه الفريق محمد صادق تحت عنوان: (مايسترو العمليات الخاصة). ثم جاء فى الترتيب الثالث العقيد/ إبراهيم الرفاعي، تحت عنوان: (أمير الشهداء) لما قام به من عمليات بطولية شهيرة، ثم الشهيد العميد أحمد حمدي، تحت عنوان (جسر إلى الجنة)، ثم اللواء/ محمد عبد المجيد عزب (صائد الغواصات)، ثم اللواء/ باقى زكى يوسف (قاهر خط بارليف)، وصاحب فكرة مضخات المياه لفتح ثغرات لجنود مصر فى خط بارليف لدخول سيناء وهدم خط بارليف أصلاً، وقد استشهد أخيرا، قدس الله روحه. ثم اللواء/ محمد زكى عكاشة (النسر الجامح)، ثم اللواء/ أيمن حب الدين (صقر الدفاع الجوي)، ثم اللواء/ سمير عزيز (النسر المشاغب)، أمد الله فى عمره، حيث جاء فى الترتيب التاسع، ثم كان اللواء/ يسرى عمارة (قلب الأسد)، وهو الذى قام بأسر عساف ياجورى الصهيوني. ثم جاء تناول البطل عبد الجواد سويلم (الشهيد الحي)، حيث فقد فى مواجهاته مع العدو الصهيونى ساقيه وإحدى ذراعيه وإحدى عينيه، وهو ابن الإسماعيلية البار من قرية (أبو صوير). ثم المقاتل/ محمد عبده موسى (الفهد الأسمر)، وهو ابن سلاح الصاعقة الذى عاش بطلا ومات شهيدا. ثم جاء البطل حسنى سلامة (الكانجرو المرعب) الذى كان يخيف الأعداء الصهاينة فيهربون أمامه. ثم جاء البطل محمد العباسى (راية النصر)، وهو رافع راية النصر على سيناء الحبيبة بعد العبور. ثم جاء البطل/ غريب تومى (البطل النبيل)، وهو أحد أبطال الصاعقة، الذى رحل عن دنيانا بعد رحلة عطاء وطنى كبير. وألحق الكاتب أكثر من عشرين صفحة لصور هؤلاء الأبطال العظام العطاءين بلا مقابل للوطن. ولكن الكاتب قبل أن يبدأ كتابة هؤلاء الأبطال، كتب مقدمة قوية ومدعومة بالحقائق، وعبر عشر نقاط واضحة، قدم فيها تحليلاً علميًا رصينًا، وتحت عنوان: أكتوبر والاستنزاف: دروس للماضى ورؤى المستقبل. حيث يُصر الكاتب على تطعيم حرب أكتوبر وقبلها حرب الاستنزاف التى هى مقدمة لحرب أكتوبر، والتى لولاها ما كانت هناك حرب أكتوبر أصلاً، بالبطولات المتاحة بين 1967 1973م، وذلك فى مواجهة شديدة وحاسمة لمن يصرون على تجريف الوعى الوطن. ولاشك أن هذا الكتاب القيم، قدم نموذجًا لمشروع وطنى يجب أن ترعاه الدولة، وأن يتم كتابة سير هؤلاء الأبطال من حرب يونيو إلى حرب أكتوبر، وتقديم نماذج منها لطلابنا فى المدارس والجامعات، لنغرس فيهم العطاء للوطن وحبه والتضحية من أجله، تلك هى التنشئة الوطنية الغائبة. كما أدعو إلى إقامة حديقة للخالدين الأبطال فى حرب يونيو وما بعدها حتى أكتوبر، يسجل فيها أسماء الأبطال الشهداء تحديدًا على جدارية ضخمة، وهو ما لم يتم عمله حتى الآن. ولنتذكر أن هناك تذكارية (Memory) فى واشنطن تضم سجلاً بجميع القتلى الأمريكيين فى حرب فيتنام تخليدًا لهم وعددهم نحو (60) ألفا، رغم أنها حرب ظالمة ضد الشعب الفيتنامى البطل الذى انتصر على القوة الكبرى فى العالم وجيشها المتغطرس. بينما جيشنا البطل ورجاله خاض معركة الشرف والكرامة والعزة والتحرير، ويحق لهم تذكارية فى حديقة الخالدين. لمزيد من مقالات د. جمال زهران