بقدر ما سارع وزير السياحة اللبنانى أواريس كيدانيان إلى الاعتذار عما صدر عنه ونطق به فى زلة لسان غير معهودة لوزير عربى بحق دولة عربية كبرى بحجم مصر وهو نفس الأمر الذى فعله فى الحال رئيس الحكومة اللبنانى المكلف سعد الحريرى واعتذر باسلوب أفضل وأعمق من وزيره الذى تفوه فى لحظة غضب وعصبية تتم عن غيرة عندما تحدث وتساءل كيف تستطيع مصر استعادة كل هذا الحضور وتتمكن سريعا من عودة السياحة إليها بكل هذا الزخم بالرغم من قذارة وعشوائية بعض مناطقها . لاحظ أن هذا الكلام صدر فى ذروة النجاح المصرى فى استضافة منتدى الشباب العالمى. بالرغم من كل هذا الألم والغضب الذى تسبب فيه قول هذا الوزير اللبنانى لكل مصرى فى الحال سرعان ما تراجع تدريجيا عندما اتصل به السفير المصرى فى بيروت نزيه النجارى وأبلغه الغضب وطلب الاعتذار فى الحال وأجبره على الحضور إليه بمقر السفارة المصرية هناك لأجل هذا الغرض إلا أننى كنت أتمنى على كل أصدقاء مصر من السياسيين الكبار وأصحاب التيارات والقوى السياسية الذين يقفون على مسافة قريبة إن لم تكن واحدة مع مصر ويزورون ويحجون إلى القبلة السياسية المصرية دوما أمثال وليد جنبلاط وسمير جعجع والشيخ أمين الجميل وصديق مصر نبيه برى وغيرهم من قيادات 14آذار ليطلقوا صيحات الغضب والاستهجان لأقوال الوزير كيدانيان تلك حتى يطمئن المصريون إلى سلامة مواقفهم واعتمادهم على الحصن والقوة السياسية والحضور المصرى فى مساعدة ونصرة لبنان والانتصار له فى المحافل العربية والإقليمية والدولية كما يطلبون أخيراً. ولكن يبدو أن أقوال الوزير اللبنانى كيدانيان لا تعبر عن شخصه فقط بل يشاركه دول عديدة فى الإقليم باتت نار الغيرة والاندهاش تعجز ألسنتهم العاقلة فيظهرون عكس ما يبطنون تجاه مصر حاليا حيث قصة النجاح غير المسيوق الذى تشهده الدولة المصرية والذى يمثل إعجازا وربما يكون متفردا عن بقية دول الإقليم وكل ذلك خلال فترة وجيزة ربما تعادل أربع سنوات فقط حيث صراحة القول تقتضى البوح بكل فخر واعتزاز أننا البلد والوطن الوحيد دون دول الشرق الأوسط جميعها الذين استطعنا فى تلك الفترة الصعبة أن نتجاوز مصيدة الشراك الذى نصب لمعظم دول المنطقة لتصدير الفوضى الخلاقة وتعميم استراتيجية التقسيم والتجزئة والتخريب الممنهج لدول المنطقة، وتوفير الملاذات الآمنة والمساعدات اللوجستية والمالية لكل فرق الارهاب والموت لتنفيذ هذا المخطط الجهنمى الذى ضرب معظم دول المنطقة وكانت النتيجة والحصاد ما نشاهده ونتابعه على مدى الساعة فى أكثر من دولة ومنطقة التى تؤكد الشواهد انها بالفعل ومن أسف أنها قد عادت إلى القرون الوسطى حيث لن تستطيع مهما فعلت واحتاجت إلى الوقت والأموال وهذا صعب ان لم يكن مستحيلا أن تعود إلى أحوالها الطبيعية التى كانت عليها قبل أن تضربها عاصفة الخريف العربى. وبالتالى هذا النجاح المصرى ومعجزته الفريدة حاليا هى التى تثير حفيظة وزراء ودول بعينها فى المنطقة حيث بلغت الإنجازات والحسابات والأرقام ما تحقق على أرض مصر وطيلة تلك السنوات القليلة فى عهد الرئيس السيسى غير مسبوق بالمرة وبالمقارنة وبالمتابعة وبالرصد عن قرب لم نلحظ أو نلمس أن دولة أخرى فى الإقليم حتى من الدول التى نجت من مسلسل الفوضى الذى ضرب عديد دول الإقليم ومنعت وصوله إليها حيث يصعب عليهم تحقيق كامل الاستقرار والأمن رغم قسوة الفوضى فى بلد تعداد سكانه المائة مليون كمصر ناهيك عن إقامة وتدشين عشرات المئات من المشروعات العملاقة فى الكهرباء والاسكان والصحة والبنية التحتية، وإقامة ما يقارب 14مدينة جديدة وتقضى على العشوائيات وفق برنامج زمنى ومخطط اسكانى غير مسبوق والذى لم يره ويسمع عنه الوزير اللبنانى المغيب وما حققته مصر فى هذا الإطار وفوق كل ذلك إعادة هيكلة وتأهيل وبناء قوات مسلحة وجيش هو الأقوى حاليا فى الإقليم بمعادلات هذا الإنجاز والإعداد والكفاءة والتدريب والعصرنة والتسليح وقوة الردع. فى تقديرى إن كل هذه النجاحات هى التى أسعفت وحفزت الرئيس السيسى للقول بكل شجاعة وافتخار إن مصر لم تعد منكفئة طيلة السنوات الماضية وبالطبع منذ توليه مقاليد الأمور، حيث كان هذا الحديث خلال إجاباته عن تساؤلات المراسلين الأجانب خلال لقائه بهم فى اليوم الأخير فى منتدى شباب العالم الثانى حيث أبلغ الجميع فى الداخل والخارج وخاصة دول الإقليم أبلغ رسالة سياسية وعسكرية فى آن معا وهى أن مصر تشتبك سياسيا وبشكل يومى مع كل قضايا الإقليم وتتابع تطوراته بشكل ملحوظ وتسعى دوما للتنسيق مع أشقائها باعتبارها الآن رقما صعبا فى المعادلة الإقليمية حتى إنه أرسل رسالة عسكرية فى غاية الأهمية لمن يريد أن يستوعب ويقرأ قوة وحضور مصر فى الإقليم عندما تحدث صراحة وبلغة حاسمة وقوية لا تقبل التأويل أو حمالة أوجه وتصب فى خانة الإسراع بالدفاع عن الأشقاء فى الخليج وغيرهم فى العالم العربى إذا تعرضوا لأى أخطار أو تهديد حيث الشعب قبل القيادة السياسية لن تقبل بأى تهديد للأشقاء وسترسل قواتها للدفاع والحماية حيث إن منطلق ومبعث هذا الكلام وبتلك القوة لا ينم عن دولة منكفئة بل دولة ذات حضور عربى وافريقى وإقليمى ذات ثقل ووزن سياسى وعسكرى يأخذ مليا فى الاعتبار من الجميع فى داخل وخارج الإقليم. دون مبالغة فى القول إن حضور وانتصارات الدبلوماسية المصرية وكثرة جولات الرئيس وانفتاح مصر على كل دول العالم دون استثناء وعودة حضورها وريادتها فى افريقيا والعالم العربى لاستضافتها القمة العربية الأوروبية فى شرم الشيخ فى فبراير القادم وحضورها كرئيسة لكل دول وقادة الاتحاد الافريقى يتقدمهم السيسى جميعا فى القمة العربية الافريقية المقررة فى الرياض بالسعودية منتصف العام القادم هو أكبر رسالة وأبلغ انتصار بقصة النجاح المصرى بسرعة مغادرة الانكفاء هذا، وتوديع الانغلاق على الداخل لتعود مصر وتغير موازين القوى والحضور، وتصبح الرقم الأول والصعب فى معادلة دول الشرق الأوسط، وليوسع الجميع دائرة الرؤية والحركة ليراقب وينظر بأريحية أين كنا بالأمس، وكيف أصبحنا ووصلنا إلى هذا النجاح حالياً؟! لمزيد من مقالات أشرف العشرى