نخصص ثنائياتنا اليوم عن المبدع الكبير فارس أغنيات أكتوبر بليغ حمدى وصديقه الشاعر عبدالرحيم منصور، وكنت شاهد عيان عندما وجدت بليغ يحمل عوده وبعض الأوراق يدق أبواب ماسبيرو يوم السادس من أكتوبر يطلب من رجال الأمن السماح له بالدخول لتسجيل أغانى النصر ولكنهم أبلغوه أن المعركة ما زالت قائمة وممنوع دخول أى أحد، وهددهم أنه سيطلب النجدة إذا لم يسمحوا له بالدخول ووصل الأمر إلى صديقه مراقب الموسيقى والغناء وجدى الحكيم وتم الاتصال برئيس الإذاعة محمد محمود شعبان ( بابا شارو ) فاتصل بوزير الإعلام دكتور محمد عبد القادر حاتم الذى كان يتابع المعركة من مكتبه بالطابق التاسع ولثقته أن النصر قد تحقق بالفعل وافق على دخول بليغ حمدى وتجهيز الاستوديو لتسجيل أغانيه وصعد بليغ إلى الطابق السابع دون انتظار الأسانسير ليكون مهندس الصوت زكريا عامر فى انتظاره وتأثر بليغ بهتافات الجنود وهم يرفعون العلم على رمال سيناء الطاهرة الله أكبر الله أكبر، وطلب من عبدالرحيم أن يستهل هذا الهتاف بكلمة بسم الله ويدعو الله أن يكمل هذا النصر فجاءت كلماته « بسم الله.. الله أكبر.. أذن وكبر.. وقول يارب النصرة تكبر.. سيناء يا سيناء أدينا عدينا ما قدروا علينا جنود أعادينا باسم الله « وابتسم بليغ لهذا المعنى الوطنى الجميل وبدأ يلحن الأغنية كاملة واكتشف عدم وجود مطربين لتسجيل اللحن فسجلها بصوت موظفى الإذاعة وبعض العاملين الذين اختار من بينهم عشرة أصوات لتكون الأغنية جاهزة عند منتصف الليل ويدق جرس التليفون وتطلب الفنانة وردة أن تكون أول مطربة عربية تغنى لنصر أكتوبر من كثرة حبها لمصر خاصة أن عبدالرحيم كان قد اتفق معها على الكلام الذى كتبه فى الأستوديو فانبهرت به وأمسك بليغ بعوده لينتهى بعد ساعة من تلحين المذهب ويستدعى وردة للحضور لتغنى معه «حلوة بلادى السمرة بلادى الحرة بلادى.. وأنا ع الربابة ماملكش غير إنى أغنى وأقول تعيشى يا مصر تعيشى يا مصر» وهى فى قمة سعادتها مع كلمات عبدالرحيم ولحن بليغ اللذين بلغا قمة سعادتهما لأدائها الرائع المعبر عن حب مصر خصوصا، وصباح اليوم التالى يلتقط بليغ حمدى الأهرام ليجد فى صدر صفحته الأولى افتتاحية الأهرام بقلم الكاتب الكبير توفيق الحكيم بعنوان عبرنا الهزيمة فطلب من عبدالرحيم أن يكمل هذه العبارة وينتهى من كتابة المذهب وباقى الكلمات ويسعد بليغ به ويمسك بعوده ويلحن الكلمات التى تقول «عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة.. باسمك يا بلادى عدينا القنال.. باسمك يا بلادى خطينا المحال» لتكون الأغنية من نصيب الفنانة القديرة شادية. ولما كانت ثنائيات بليغ وعبدالرحيم مفتوحة لكل صاحب كلمة ولحن جميل يغنى للنصر، ليكون عندليب الغناء عبد الحليم حافظ وبليغ حمدى والشاعر محمد حمزه قد انتهوا من رائعتهم التى كانت ترجمة حقيقية لبيان بطل الحرب والسلام أنور السادات «عاش اللى قال الكلمة بحكمة فى الوقت المناسب.. عاشوا العرب اللى فى ليلة اصبحوا ملايين تحارب»، وقد سعدت وأنا أتابع الندوة الثقافية التى أعدتها الشئون المعنوية يوم الخميس 11أكتوبر بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى وتكون «عاش اللى قال» من أهم الأغنيات فى هذا الحفل. وهذه حكاية بليغ مع أغنيات انتصار أكتوبر عرضتها بأمانة كما حدثت منذ 45عاماً، والله على ما أقول شهيد. لمزيد من مقالات مصطفى الضمرانى