تحت شعار الشباب والصحة العقلية فى عالم متغير يحتفل العالم غدا باليوم العالمى للصحة النفسية. وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية تبدأ نصف الأمراض العقلية فى سن الرابعة عشرة تقريبا، بينما يبدأ 75% منها منتصف العشرينات. لكن معظم الحالات لايتم اكتشافها أو علاجها. هذه التغيرات الاجتماعية والنفسية التى تحدث من حولنا ويخضع لها المراهقون كما يراها المتخصصون تحتم مواجهتها بالعلم والتمسك بالجذور المصرية الراسخة من أجل حماية وإعادة توجيه أبنائنا من المراهقين نحو ما فيه خير لهم ولمجتمعهم. وتقول د. منى الرخاوي، أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة : تعتبر مرحلة المراهقة من أصعب المراحل العمرية، خاصة فى وقتنا الحالى الذى نشهد فيه تغيرات فى مختلف الجوانب الاجتماعية والتكنولوجية والاقتصادية والأمنية، والتى تؤثر على أبنائنا من المراهقين والشباب تأثيرا يجب أن ندركه ونتفهمه. فالمراهقة هى مرحلة يعبُر فيها الفرد من الطفولة إلى البلوغ حيث يخضع المراهق لتغيرات هرمونية ينعكس مفعولها على كل من تكوينه الجسدى والنفسي. فتختلط عليه الأمور وقد يثور على نفسه وعلى الآخرين، وقد يضطرب تقديره ورؤيته لنفسه فيسعى شعوريا ولا شعوريا إلى تكون ذاته أو إيجادها أو إعادة اكتشافها، مما يؤثر حتما على علاقاته بأهله وأصدقائه والبيئة المحيطة. وأشارت تقارير صادرة من منظمة الصحة العالمية إلى أن النمو الصحى فى مرحلة الطفولة والمراهقة يؤثر بقدر كبير على نمو الأفراد وعلى قدرتهم على أن يعشوا حياة متوازنة لاحقا. فبعض الأمراض النفسية التى يعانى منها المراهق هى نتيجة ما تعرض له فى مراحل نموه السابقة كالمبالغة فى الحماية أو الإشباع أو الحرمان الزائدين. وقد أثبتت نتائج البحوث ظهور العدد من الأمراض النفسية فى المراحل الأخيرة من الطفولة أو مراحل المراهقة، والتى قدرت نسبة حدوثها فى نحو 10 إلى 20% من الأطفال والمراهقين. ويتصدر الاكتئاب قائمة مشكلات الصحة النفسية باعتباره من أكبر أسباب الأعباء المرضية بين الشباب. يضاف لذلك ما يواجهه هؤلاء المراهقون من تحديات أخرى تتمثل فى الوصم من قبل المجتمع، فضلاً عن افتقار بعضهم إلى إمكانية العناية الصحية اللازمة لمواجهة تلك التحديات. وأوضحت التقارير ان بعض المشكلات التى يعانى منها المراهقون تنبع من التغيرات الفردية والبعض الآخر هو نتاج بيئة محيطة مستجيبة بدرجة من الوعى أو اللاوعى لما يحدث حولها من التغيرات السلبية التى توغلت فى مجتمعنا عبر السنين. وترى تقارير المنظمة ان رؤيتنا واستيعابنا لذلك يمثل بداية طيبة لاستعادة دائرة التحكم وإعطاء أبنائنا ما لم يستطيعوا إيجاده بنفس القوة والجودة بعيدا عنا. مؤكدة ضرورة الانتباه للتغيرات الطارئة على نفسية المراهق نظرا لتأثيراتها على نموه وتشكيله، لحمايته من بعض الاضطرابات النفسية التى قد يمر بها كتعاطى المخدرات والتدخين والانقطاع عن الدراسة واضطرابات الشخصية والسلوكيات المنحرفة والاضطرابات النفسية الأخرى كالاكتئاب والقلق واضطرابات الأكل والشهية. وبحسب قول الدكتورة منى الرخاوى أنه على الرغم من تأثر المجتمع المصرى بما يحدث فى العالم الخارجى من سلبيات تسهم فى إرباك أفراده، خاصة المراهقين منهم واهتزاز انتمائهم لأسرهم والتحاقهم بأسر ومجتمعات خيالية عبر مواقع التواصل الاجتماعى وغيرها، فقد ظهرت حديثا تيارات بناءة، تستخدم نفس الآليات التكنولوجية الحديثة وتشير إلى صحوة قادمة قد تعيد التوازن إلى المجتمع المصرى ليستعيد ما يميزه من أصول عريقة وجذور راسخة عبر آلاف السنين. أيضا يحتاج المراهق إلى حنان الأم وصرامة الأب ومعية الصديق معا، بصرف النظر عن مصدر تلك الاحتياجات أو عن من يؤدى تلك الأدوار. ولذا من المهم توفيرها لأبنائنا بدلاً عن انجذابهم نحو الإغراءات المغتربة أو المتطرفة.وتسهم الأنشطة الجماعية المنظمة داخل الأسرة أو المدارس فى تعزيز مهارات المراهق الاجتماعية ويحميه من الكثير من الاضطرابات النفسية. وأضافت أنه بالنسبة للعاملين بمجال الصحة والتعليم والتوجيه الأسرى فهناك حاجة لفهم طبيعة فترة المراهقة، واكتساب هؤلاء الصغار مهارات التعامل مع صعوباتها. كذلك هناك حاجة للاعتماد على وسائل الكشف عن الاضطرابات النفسية، وتقدم العلاجات فى وقت مبكر مما عزز من النتائج المرجوة.