حزب المؤتمر يهنئ الرئيس السيسى والشعب المصرى بعيد الأضحى    وفد الكنيسة الكاثوليكية بشرم الشيخ يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك    تكثيف الحملات التفتيشية على الأسواق لضبط الأسعار بأسوان    أبرز تصريحات وزير المالية على قانون الاعتماد الإضافي للموازنة الجارية    بينهم نائب قائد سرية.. الاحتلال يعلن تفاصيل مقتل 8 من عناصره في كمين القسام    وزير سعودي خلال زيارته للفلسطينيين في مكة: لا مكان لمن يقتات على الفتن في هذه البلاد المباركة    «الرصيف العائم» ينفصل عن الشاطئ للمرة الثانية!    تشكيل مباراة إسبانيا وكرواتيا.. مودريتش أساسيًا.. ويامال يقود الماتادور    عيد ميلاد صلاح.. عودة أوروبية وحلم إفريقي في عامه الجديد    وزير الرياضة: فتح مراكز الشباب بالمجان أمام المواطنين خلال العيد    السيطرة على حريق بكابل الكهرباء الرئيسي المغذي لمحطة معالجة صرف صحي بلانة بأسوان    "الخضيري" يوضح وقت مغيب الشمس يوم عرفة والقمر ليلة مزدلفة    أمام الكعبة.. إلهام شاهين تهنئ محبيها بعيد الأضحى | صورة    بعد تريند «تتحبي».. تامر حسين يكشف تفاصيل تعاونه مع عمرو دياب للأغنية 69    محمد رمضان يشوق محبيه بطرح «مفيش كده» خلال ساعات | صور    كيفية أداء صلاة عبد الأضحى وصيغة التكبيرات وأجمل عبارات التهاني    ماهر المعيقلي خلال خطبة عرفة: أهل فلسطين في "أذى عدو سفك الدماء ومنع احتياجاتهم"    «الغذاء والدواء السعودية»: شرب الماء بانتظام وحمل المظلة يقي الحاج الإجهاد الحراري    إحالة مديري وحدتي الرعاية الأساسية بالميدان والريسة ب العريش للتحقيق بسبب الغياب    لا تتناول الفتة والرقاق معًا في أول يوم العيد.. ماذا يحدث للجسم؟    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    «دعاء ذبح الأضحية».. «إِنَّ صلاتي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ»    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحذر الحجاج من الوقوف في منطقة تقع على حدود جبل عرفات في السعودية ويشير إلى أنها "يفسد الحج".    نقل حفل كاظم الساهر من هرم سقارة ل القاهرة الجديدة.. لهذا السبب    خطبة وقفة عرفات الكبرى: الشيخ ماهر المعيقلي يخاطب أكثر من مليوني حاج    محمد شريف يعلن تفاصيل فشل انتقاله ل الزمالك    وفاة حاج عراقي علي جبل عرفات بأزمة قلبية    أردوغان: النصر سيكون للشعب الفلسطيني رغم همجية إسرائيل ومؤيديها    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يوم السبت 15 يونيو 2024    ميسي يتصدر قائمة الأرجنتين النهائية لبطولة كوبا أمريكا 2024    وزير الصحة السعودى: انخفاض حالات الإجهاد الحرارى بين الحجاج    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    الدفاع المدنى الفلسطينى: قطاع غزة يشهد إبادة جماعية وقتلا متعمدا للأطفال والنساء    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    الكشف على 900 حالة خلال قافلة نفذتها الصحة بمركز الفشن ببنى سويف    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الترجمة التخصصية باللغة اليابانية بآداب القاهرة    أخبار الأهلي : هل فشلت صفقة تعاقد الأهلي مع زين الدين بلعيد؟ ..كواليس جديدة تعرف عليها    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    الغرف العربية: 3 تريليونات دولار مساهمة القطاع الخاص العربي في الناتج المحلي الإجمالي    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في بورسعيد    جورج كلونى وجوليا روبرتس يشاركان فى فعالية لجمع التبرعات لحملة بايدن    عن عمر يناهز 26 عاما.. ناد إنجليزي يعلن وفاة حارس مرماه    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    نزلا للاستحمام فغرقا سويًا.. مأساة طالبين في "نيل الصف"    ما أفضل وقت لاستجابة الدعاء في يوم عرفة؟.. «الإفتاء» تحددها    شروط تمويل المطاعم والكافيهات وعربات الطعام من البنك الأهلي.. اعرفها    بقايا الجيل الذهبي تدافع عن هيبة تشيلي في كوبا أمريكا    ميناء شرق بورسعيد يستقبل سفنينة تعمل بالوقود الأخضر    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    ننشر أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى في السويس    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة في وقفة عرفة    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    سباليتي: العمالقة والأبطال لا يخشون خوض مباراة كرة قدم.. وألبانيا فريق صعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحب المصنع
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 10 - 2018

وحدها عالية التى تذوب فى خشب غرفة نومها، رائحة الطلاء الشفاف، موجات جذوع الخشب التى اختارتها مع الرجل الذى بلا اسم. الوقت كان مايو وكأن الصيف هو رحم قصتها؛ فيه دائما البدايات. كل شىء معد ليصنعا بيتا، كل شيء إلا الأثاث لا يملكان شيئا..حائران ومبتهجان ونائمان فوق ماء الوقائع، لم يشعرا بالزحام، كل الأماكن محض ديكور جديد لبطل وبطلة والفيلم خلاب.. ممرات المترو مجرد وسيلة لسماع صوت تنفسهما بوضوح، محمد نجيب محطة مترو فريدة جدا لا يستخدمها الكثيرون ويحبها العشاق لصمتها النسبى الذى يتيح لهما سماع صوتيهما بدقة..الضحكات البسيطة..
هو كان ممسكا بيديها كأنها كنز الله فى أرضه، وهى نائمة بين أصابعه مثل فرخ بزغب رطب.. لا أمل بعيدا عن دفء يديه ولا حياة..حين دخلا على صاحب مصنع الأثاث دخلت معهما رائحة الحب فتشبع الهواء بالياسمين.. المشهد متكرر بالنسبة لصاحب مصنع لإنتاج الأسرة وغرف النوم.. زبائنه ينحصرون فى العشاق وأصحاب الفنادق..بحكم خبرته كان يخرج بائعا مختلفا كل مرة.. درب نفسه على قراءة وجوه العشاق... أصحاب الفنادق يأتون بمال أكثر وحجم شغل يغطى المصنع لفترة معقولة.. اللقاء معهم ينتهى عادة بعد دقائق، السعر والخامة والعدد، دقائق ويبدأ أمر الشغل.. العشاق الذين يصنعون عشا للزوجية يأتون له بهدايا جميلة داخل أعينهم وأحيانا ينقبض.. قليلون من يستطيعون إدخاله فى قصتهم.. عالية دخلت مع الرجل الذى بلا اسم، تماما كما تدخل اللاجئات خجولة وقوية ومشبعة بحكاية ما.. فيما بدا خطيبها وكأنه ستارة من زجاج وهواء، ستارة تغلفها وفى الوقت نفسه ترك ابتسامتها وعطرها لم تحبسهما.. حينما ظهرا لصاحب المصنع شعر أن ثمة بنت ضعيفة يحميها رجل أضعف.. لكنه مستعد للموت قبل أن تؤذى.. كتفه مستعد وذراعاه يكبران كلما تحركت الفتاة مستعدتان لاحتضانها فى أى لحظة.. منذ فترة لم يدخل عليه عاشقان.. حتى إن صاحب المصنع المسكين عرض عليهما تشكيلات من غرف النوم وتمنى من قلبه أن يصنع لهما سريرا من خشب يغيبان فوقه ويذوقان الجنة.. وكانت النظرات فى عينيهما تخلع الروح فتمنى لو بقيا قليلا فتحضر قصته الخاصة فى الهواء الذى دخل معهما.. ليس كلاما رومانسيا.- يقول الرجل فى صمته العابر.( ليس هراء يا أحبائى محترقى القلوب. بل هو السحر الذى مررتم به جميعا ذات يوم وارتجفت أرواحكم كلما تشممت عطر القلوب الخضراء الجديدة. ليس شعورا جيدا دائما ربما الميتون لا يريحهم رؤية الأحياء، نحن الذين نفترض ذلك. الميتون الذين يغلقون أعينهم ليلا على لا شيء ويفتحونها صباحا على لا شىء، الميتون الذين يفعلون كل الأشياء عنوة؛ غسل الأسنان صباحا، رشفات الشاى نظراتهم الحزينة للزجاج.. أى زجاج. الميتون الذين يعيشون فقط كلما مرت ذكرى بدوائر رءوسهم حين كانوا أحياء، لفتح الباب معنى، وللمصافحة معنى، لنور السماء معنى وللبريق على موج فى الليل، أى ليل،طعم الأرز الساخن بجوار الحبيب، لدفء الكتف مع الكتف، وذوبان الرأس فى صدر له رائحة النعيم. أى جحيم يحيا فيه محترقو القلوب و أى رجفة تنتابهم لرؤية الحياة تدب بجوار جثثهم المتحركة..)
كان صاحب المصنع ليس معجبا بهما كزبونين سيعطيانه مالا لكنه أحب شكل عالية وهى تخرج ورقة صغيرة من حقيبتها وترسم أضلاعا وستائر ومفارش وفازات ورد.. رسم ابتدعته لغرفة النوم و أضافت مرآة لم تكن فى التصميم الاصلى.
قال البائع لكن هذا ممكن.
قالتها عالية كمن تسأل زميلا فى الكلية وليس صاحب مصنع الموبيليا الذى يكبرها وحبيبها بسنوات تكفى لتفحم قلبه.
الرجل نظر لعالية ثم لحبيبها الذى بلا اسم ذلك الذى يتابع عالية بمودة منزوعة الشهوة وعين تذوب فى براءة الوردات بقماش ملابسها.
أخرج صاحب المصنع قلمه الرصاص وأخذ يرسم معها..خط من عندها وخط من عنده اكتمل الرسم. لم تصدق عالية النتيجة، وحبيبها الذى بلا اسم قبل جبينها برمش من عينيه وطرد فكرة احتضانها كى لا تنكسر بين ضلوعه.
أعطى العربون للرجل الذى ذهبا بجزء من وعيه وتركا له غلالة من شجن.. مهنة قاسية إن كان لديك قلب متفحم أن ترى وردتين من ذكر وأنثى يدخلان إليك كى تصنع لهما مخدعا..تمر سنوات طويلة قبل أن يخمش قلبه هكذا، مما جعله يجرى إلى عماله وقبل أن يفيق من سكر الشجن نادى فى عمال المصنع..أريد هذه الغرفة (مد يده بورقة عالية التى رسمتها)كانت ترتعش بيده.. أريدها فى سته أيام.
جميل جميل.. تصحو عالية بعد عقد من السنوات، تفتح عينها فتشاهد غرفتها الخشبية.. تتبادلان التحية كمؤنثتين عاقلتين تسرى محبة بينهما وكتمان أسرار. عالية والغرفة الخشبية كلتاهما لن تخبرا أحدا عن أشجار الجنات التى نبتت فوق الفراش و لا عن أصوات العصافير..
عالية والغرفة لن تتكلما عن الرجل الذى جمع ملابسه من أرفف الغرفة الخشبية فغرقت فى حيرة. لم يغادرها مطلقا.. هل يترك آدم الأول حواءه. كلتاهما تصمتان على اللوعة وتراقبان جفاف القلب يوما بعد يوم. ففى الوقت الذى لم تفلح السنوات كى ينسى صاحب مصنع الأثاث وجه عالية وحبيبها.. استطاعت ذات السنوات أن تفحم قلب عالية وتجعله محض قطعة من خشب محروق.. تماما مثل قلب الرجل صاحب المصنع... إياه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.