حضرت الذاكرة بقوة حين قرأت التقرير المصور الذى حررته الزميلة نهى خليفة فى صفحة منوعات الأهرام عن رئيسة وزراء نيوزيلندا التى اصطحبت طفلتها الرضيعة لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولم تكن وحدها التى فعلت ذلك، فقد سبقتها نائبات فى برلمان بريطانيا وإسبانيا وإيطاليا واستراليا وطالبت رئيسة الوزراء فى نيوزيلندا بتعديل القانون فى بلدها ليسمح للوزراء باصطحاب أطفالهم فى الاجتماعات الدولية، أما الذكرى فكانت مكالمة من الدكتور عبد المنعم سعيد وكان وقتها رئيس مركز الدراسات السياسية بجريدتنا الغالية طلب منى مصاحبة وفد دبلوماسى رفيع المستوى من إيران إلى مكتبة الإسكندرية، وتغطية الحدث وفعلا رافقت الوفد الذى كان يضم نساء كثيرات لفت نظرى اصطحابهن لأطفالهن وسط ترحيب كبير من رئيس الوفد بل ومساعدتهن ،ولما سألت قيل لى هذا مسموح به، الحقيقة أنى تعجبت للأمر كثيرا لأن ذلك لا يحدث فى مصر بل من تفعل ذلك حتى سرا لأنها لا تجد جليسا لولدها ليوم أو اثنين كما فعلت نيللى بشكل كوميدى فى فيلم «صباح الخير يا زوجتى» وأودعته لدى الدادة فى المدرسة التى تعمل بها جاءت الناظرة ورأته وكانت الطامة الكبرى. كان ما حدث مع الوفد الإيرانى فى عهد الرئيس السابق لإيران محمد خاتمى الذى سمى بأيقونة الإصلاح والذى اهتم بالمرأة والتعليم منذ توليه الرئاسة فى 1997 حتى 2005 حيث تبنى حركة إصلاح أوصلت النساء المرشحات لانتخابات البرلمان فى عام 2000 إلى 60 % نهض بها فشكلت الفتيات 52% من إجمالى عدد طلاب الجامعات فى إيران. ما يزعجنى حقا فى مصر أقوال وتصرفات شباب تعلم جيدا ولا ينتمى بالمناسبة للتيار السلفى المتهم الأول عن ردة حقوق المرأة التى يعيدها الرئيس السيسى بالتدريج ،هذا الشباب يردد نغمة تعود بنا إلى الوراء مائة عام فكيف لشاب تعلم فى مدارس مختلطة وجامعات مثلها يقول: يجب ألا تكون زوجتى ندا ٌلى، هذا التعبير اسمعه كثيرا وللأسف من شباب فى عمر الزهور، كيف لا يا ولدى وقد خلق الله المرأة لتكون شريكة لك والشريك لا يكون أدنى أو تابعا، ألم يقل رسولنا العظيم محمد أن الرجال شقائق النساء فكيف لا يكون شقيقك ندا ٌلك؟ ألم يقل الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة الأحزاب «إن المسلمين والمسلمات و المؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما» إن الفروق البسيطة بين الرجل والمرأة بعد ذلك لا تستدعى كل هذا الاستعلاء والعنصرية. إن دراسة مهمة أجراها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية وشت نتائجها بنظرة الناس السيئة لحقوق المرأة، والغريب أن تكون النسبة عالية بين النساء فى نظرتهن لأنفسهن وإحساسهن بالدونية وعدم الثقة فى ذواتهن، فقد كان 26 % من الذين قالوا إن المرأة كثيرة الكلام وسلبية وتتحدث فى توافه الأمور ،وتحتاج من يراقب تصرفاتها نساء، وحيثيات ذلك الشعور بقلة الحيلة وفقدان الرغبة فى مقاومة ما يفرض عليهن من قرارات لم يكن لهن رأى فيها، ومازال 42 % من الرجال يرون أن عمل المرأة ثانوى، و92% قالوا إن استمرار المرأة فى عملها مرهون بقدرتها على التوفيق بين العمل والبيت وإذا تعذر ذلك فعليها ترك العمل، وقالت 87% من النساء إن الرجال أحق منهن بالعمل، أما ما يشير بوضوح إلى تخلف نظرة المجتمع لأهمية تعليم البنات فهو إقرار 62% من الرجال بأحقية الرجل فقط فى فرصة التعليم الواحدة للأسرة. إن المرأة تظلم نفسها بنفسها بجنون الخوف داخلها، ويريد الرجل أن تحبس شكواها داخل فمها باسم الصبر، ولكن معرفة الحقوق وكيفية تحصيلها والطرق الموصلة لها مهم ،لأن المزاعم الزائفة لا تمت للدين ولا الحقوق بصلة، بل هى من العادات والتقاليد البالية والظلم المرتبط بها إلا من رحم ربى، ولتكن كل فتاة وامرأة مثل ذلك القروى الفصيح فى مصر الفرعونية لم يترك حقا له حتى أوصل شكواه إلى الملك واسترد حقوقه. لمزيد من مقالات ◀ سهيلة نظمى