ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التى يهدد فيها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إسرائيل بما لدى الحزب من ترسانة صواريخ قادرة على ضرب العمق الإسرائيلى من شماله إلى جنوبه، ومن معسكرات الجيش الإسرائيلى إلى خزانات الأمونيا فى حيفا. وليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التى ترد فيها إسرائيل على تهديدات نصر الله بأنها ستزيل لبنان من الوجود إذا أقدم الحزب على إطلاق صواريخه على إسرائيل. فما جدوى تهديدات نصر الله بالصواريخ التى فى حوزته؟ وهل يعنى ذلك أنه يثبت للقوى الفاعلة فى سوريا أنه باق حتى بعد التسوية السورية المرتقبة؟ وهل الوجود الإيرانى فى سوريا كان دافعا قويا لثقة نصر الله فى قواته البشرية وعتاده الحربى بالرغم من محاولات إسرائيل المتكررة ضرب مخازن السلاح فى سوريا بزعم أنها فى طريقها لحزب الله؟ فى خطابه الأخير بمناسبة عاشوراء، أكد نصر الله أن حزب الله بات يمتلك صواريخ دقيقة ومتطورة، بالرغم من محاولات إسرائيل المتكررة لقطع الطريق أمامه فى سوريا، بحيث باتت المقاومة تملك من الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة ومن الإمكانيات التسليحية ما يسمح إذا فرضت إسرائيل على لبنان حربًا فستواجه مصيرًا وواقعًا لم تتوقعه فى يوم من الأيام. وفى الوقت نفسه الذى قال فيه نصر الله تصريحه الجريء، قالت إسرائيل إنها هاجمت منشأة للجيش السورى فى اللاذقية بسوريا، خلال تسليم أنظمة تدخل فى صناعة أسلحة دقيقة إلى حزب الله، وأكد بعدها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو أن إسرائيل مصممة على وقف وجود إيران عسكرياً فى سوريا، ووقف محاولات إيران التى تدعو إلى تدمير إسرائيل لنقل أسلحة فتاكة إلى حزب الله لاستخدامها ضد إسرائيل، مهددا حزب الله اللبنانى برد عنيف وغير متوقع ردًا على تهديدات أمينه العام، ومحذرًا إياه من أى مواجهة مع إسرائيل. وقال نيتانياهو فى سلسلة تصريحات نشرها عبر حسابه على موقع «تويتر» : «إذا فكّر حزب الله بمواجهتنا، فإنه سيلتقى ضربة ساحقة لا يمكنه تصورها، فقد سمعت التهديدات التى أتت من حزب الله، ومن الرجل نفسه الذى قال فى عام 2006 إنه كان يعرف كيف سترد إسرائيل على خطف الجنود الإسرائيليين، ولذلك فكّر مرتين فى الخطوة، واليوم أنا أقترح عليه بأن يفكّر عشرين مرة قبل أن يفكر بمواجهتنا، هو سيتلقى ضربة حاسمة بحيث لن يستطيع تصورها». وفى إسرائيل قال وزير الحرب أفيجدور ليبرمان إن إسرائيل ستقوم بكل ما هو ممكن لمنع التموضع الإيرانى فى سوريا، ومنع نقل السلاح إلى حزب الله. وبعد تصريح نصر الله قال مدير الطاقة الذرية الإسرائيلى زئيف سنير إن بلاده تعزز منشآتها النووية نظرا لتهديدات إيران وحزب الله، مؤكدا أن هذه التهديدات الفاضحة تتطلب من إسرائيل اتخاذ خطوات، والمتابعة لحماية منشآتها النووية، حيث يتم تحسين وتعزيز هذه المنشآت بشكل دائم، بحسب إرشادات وكالة الطاقة الذرية الدولية للسلامة، من أجل التصدى لأى هجوم. وتزعم إسرائيل أن حزب الله يمتلك حوالى 120 ألف صاروخ، ما بين صواريخ قصيرة المدى ومتوسطة المدى، بالإضافة إلى مئات الصواريخ البعيدة المدى. ومن المعروف أن حزب الله يقاتل منذ عام 2013 فى سوريا إلى جانب القوات الحكومية. وقد أعلن نصر الله فى خطبة عاشوراء أن حزبه باق فى سوريا حتى إشعار آخر، بالرغم من تراجع حدة المعارك. وتعد إسرائيل حزب الله أكبر تهديد على حدودها، ولذلك نفذت هجمات متكررة فى سوريا ضد القوات الإيرانية وحزب الله لمنع حصول الحزب على شحنات أسلحة من إيران. ولقطع الطريق على حزب الله ولتأمين حدودها الشمالية عرضت إسرائيل بوساطة أمريكية على لبنان صفقة سلام يتم بمقتضاها ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة برا وبحرا، وإعادة مزارع شبعا اللبنانيةالمحتلة، لتضمن إسرائيل لنفسها أمنا تتمناه من ناحية الجنوب اللبنانى معقل الشيعة وحزب الله، ورد لبنان على المبادرة الإسرائيلية بطلب ضمانات تحت وصاية الأممالمتحدة، ولكن الوسيط الأمريكى لم يرد منذ إعلان المبادرة قبل ثلاثة أشهر. وتسعى إسرائيل ومن ورائها أمريكا وروسيا أيضا إلى تقليص بل وعدم وجود الحرس الثورى الإيرانى فى سوريا سواء حاليا أو بعد التسوية فى سوريا وانتهاء الحرب، فروسيا لا تريد منافسا قويا لها فى سوريا بعد الوصول إلى المياه الدافئة فى البحر المتوسط، ولا تريد إسرائيل وجودا إيرانيا فى سوريا الممزقة، خاصة أن إيران تصرح دائما وتكرارا بأنها تريد محو إسرائيل من الوجود، كما أن الوجود الإيرانى فى سوريا وقبلها فى العراق يضمن ممرات آمنة لتسليح حزب الله بالصواريخ والأسلحة الإيرانية المتطورة التى تصب فى زيادة قوة الحزب مما يهدد الشمال الإسرائيلي، وكذلك لا تريد أمريكا وجودا إيرانيا فى سوريا، بعدما خسرت أمريكا حلفاءها ووجودها فى سوريا فى وجود الدب الروسى والطاووس الإيراني. وفى أمريكا قال المبعوث الخاص لشئون إيران فى الخارجية الأمريكية بريان هوك إن الولاياتالمتحدة «تملك أدلة على أن إيران تساعد حزب الله على تصنيع الصواريخ»، وهو الأمر الذى يؤكد تصريح نصر الله بامتلاك المقاومة صواريخ دقيقة. وبالرغم من التهديدات المتبادلة بين حزب الله وتل أبيب، فإن الحرب لن تقع بينهما فى المدى المنظور نظرا للوجود الإيرانى فى سوريا، وللردع التسليحى الموجود لدى حزب الله وتؤكده تقارير المخابرات الإسرائيلية والأمريكية على حد سواء.