عندما تُذكر «لياونينغ» قد يتبادر إلى الذهن مباشرة أول حاملة طائرات بنتها الصين، والتي تحمل اسم هذه المقاطعة الواقعة في شمال غربي البلاد، وتجاور كوريا الشمالية وروسيا، مما يجعلها ممرا هاما للتجارة الخارجية بين شمال شرقي الصين ودول العالم. والحقيقة أن لياونينغ تحتل مكانة خاصة في ذاكرة الصين الجديدة، فهي واحدة من قواعد الصناعة الثقيلة في الصين، وعاصمة الموضة في الصين والتي عرفها العالم عبر مهرجان داليان الدولي للموضة، الذي يقام في مدينة داليان التي تعد واحدة من أجمل مدن الصين، وتفخر بأنها أول مدينة في الصين أقيمت فيها منطقة تنمية اقتصادية وتكنولوجية. داليان أيضا بها حديقة للعلوم والتكنولوجيا العالية ومنطقة حرة ومنطقة خاصة لكرة القدم. مقاطعة لياونينغ، التي تحتضن ما يقرب من 10% من المؤسسات الكبيرة والمتوسطة الحجم المملوكة للدولة في البلاد، أطلت على العالم في نهاية شهر أغسطس 2018 من نافذة المؤسسات ذات الملكية الخاصة، عندما استضافت في حاضرتها مدينة شنيانغ «قمة أقوى خمسمائة مؤسسة خاصة في الصين لعام 2018». ومدينة شينيانغ هي أكبر مدينة صناعية في منطقة شمال شرقي الصين، وهي المركز الاقتصادي ومحور النقل والمواصلات بهذه المنطقة. اختيار لياونينغ لاستضافة قمة الشركات الصينية الخاصة العملاقة، لم يكن من قبيل المصادفة، فهذه المقاطعة الساحلية تتمتع بمزايا جغرافية فريدة وموارد طبيعية ثرية. كما أن لديها مؤسسات صناعية جيدة وموارد بشرية وفيرة، وتحرز تقدما في الابتكار العلمي والتكنولوجي ومعدل تحول حضري مرتفع مقارنة بالمقاطعات الصينية الأخرى. وباعتبارها مهد الصناعة الصينية، قدمت لياونينغ مساهمة لا يمكن تجاهلها للاقتصاد والتنمية في الصين. ومع دخول التنمية الاقتصادية والاجتماعية للصين مرحلة جديدة، وتعميقها المستمر للإصلاح والانفتاح، يشهد اقتصاد لياونينغ أيضا حياة جديدة. في النصف الأول من عام 2018، احتلت القيمة المضافة للمؤسسات الصناعية التي لا يقل إيرادها السنوي عن عشرين مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 9ر6 يوانات) في لياونينغ، المرتبة الثالثة في الصين. تعمل لياونينغ على تهيئة بيئة جيدة للاقتصاد الخاص، وإلهام المزيد من مواطنيها لريادة الأعمال التجارية وحماية روح المبادرة. ولهذا الغرض، ألغت لياونينغ وعدلت خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من ألفي لائحة إدارية، وقللت بشكل كبير الوقت اللازم لإقامة المشروعات التجارية، وأصدرت أول لائحة وطنية في الصين لتحسين بيئة الأعمال. وفي الوقت نفسه، تواصل المقاطعة تيسير النفاذ إلى أسواقها، وتشجيع رؤوس الأموال الأجنبية والخاصة للانخراط في إصلاح الشركات المملوكة للدولة بها. في النصف الأول من عام 2018، بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للمقاطعة على أساس سنوي 5.5% وبلغت نسبة زيادة الاستثمار في الأصول الثابتة 12%، كما زاد حجم الاستثمار الأجنبي المباشر فيها بنسبة 14% والاستثمار المحلي بنسبة 36%. وقد احتلت شركة هواوي المحدودة للتقنيات قمة قائمة أقوى خمسمائة مؤسسة خاصة صينية، بعائدات بلغت 603.62 مليارات يوان، أي ما يعادل 88.57 مليار دولار أمريكي، في عام 2017. وشهدت القائمة الجديدة لأقوى خمسمائة مؤسسة خاصة صينية تغيرا كبيرا هذا العام، إذ انضم إليها مائة وأربع مؤسسات جديدة. وقد كان الشرط الأساسي لانضمام أي مؤسسة لقائمة هذا العام، هو أن لا تكون عائداتها في عام 2017 أقل من 15.68 مليار يوان. وحسب القائمة، فإن إجمالي عائدات المؤسسات الخاصة الخمسمائة الأقوى في الصين بلغ 24.48 تريليون يوان في عام 2017. تضمنت فعاليات هذه القمة أيضا موضوعات خاصة حول إعادة إحياء لياونينغ وشمال شرقي الصين، مثل المؤتمر التأسيسي لاتحاد تجار المقاطعة، والاجتماع السنوي الثالث لعمليات الاندماج والاستحواذ في شمال شرقي الصين. إن اختيار لياونينغ لاستضافة القمة يظهر ثقة الحكومة الصينية في المقاطعة والاهتمام بها، وكذلك اعترافها بإنجازات لياونينغ في الإصلاح والانفتاح والتنمية الاقتصادية .