"السعادة موطنها القلب ولا عبرة فيها بالإمكانيات المادية.. السعادة تنبع من الضمير ومن علاقة الإنسان بنفسه وعلاقته بالله، وهى فى أصلها شعور ديني وليست شعورا ماديا".. الكلمات السابقة كانت للدكتور مصطفى محمود، فى كتابه "الشيطان يحكم"، وهى كلمات بالغة الحكمة ثاقبة الرؤية، فالأمور المادية لا يشعر معها الإنسان بالرضا أبدا. فلا حدود نهائية لها، فمتى تتحقق لك أمنية تظهر الأخرى، وما تراه اليوم منتهى مرادك وغايتك، تراه غدا ضئيلا لا يحقق لك هدفا يستحق العناء!. رضاك بما يقدره الله لك هو طوق النجاة الحقيقي، وهو شعور ديني وليس شعورا ماديا بكل تأكيد، ويصف الله عباده المؤمنين بأنهم شاكرون حامدون له سبحانه وتعالى.. المؤمنون لا يكفرون بأنعم الله عليهم وبما يقدره الله لهم، مها ضاقت عليهم الظروف، المؤمنون يرون فيما أعطى الله نعيما لا ينضب ويشعرون فيما منع حكمة ونورا يهديهم إلى دعاء الله وعبادته والصبر به على ما يشعرون من كبد في محطة الدنيا التي تمضي سنواتها دون الشعور بها. والمشكلة تكمن في أن الاعتياد على الأمور المادية يفقدك مع الوقت شعورك بزهوتها مهما كانت قصرا أو فيلا أو سيارة فاخرة.. إذا عليك عدم ربط سعادتك بالأشياء ولكن برضاك عن ما يقدره الله لك من أقدار مع السعي والأخذ بالأسباب. شاهدت رجلا في أحد البرامج التليفزيونية الأمريكية، يحكي أنه يشعر بالفقر والحزن، رغم أنه أصبح في منصب أعلى وراتبه تضاعف، فسألته المذيعة: لماذا؟!، قال: لأن احتياجاتي تضاعفت أضعافا مضاعفة، فتثاقلت على الديون أكثر وأكثر.. قالت له: كيف؟!، قال: انتقلت من الشقة التي أسكن بها إلى فيلا أقساطها مرتفعة جدا، ونقلت أولادي من مدرسة متوسطة التكاليف إلى مدرسة باهظة المصاريف، واشتريت سيارة جديدة أقساطها عالية، وساعات عملي بمنصبي الجديد تبدأ من الصباح وتنتهي بالمساء، وليس لدى أي وقت للاستمتاع، فمتى أنتهى من العمل أذهب للنوم لأواصل العمل في الصباح التالي لأسدد ما على من ديون متراكمة!. السعادة الحقيقية مع الله وبالرضا بما يقدره الله لك من صحة ومال وجمال، السعادة شعور داخلي لا يستطع أحد أو شيء منحه لك إلا شكرك لله.. ويقول الله تعالى: "وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ". [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبى