من الفضائل التى تحسب لثورة يوليو 1952 أنها اشعلت روح الحماس بين كبار الشعراء والملحنين ونجوم الغناء المصريين والعرب الذين باركوا الثورة وعاصروا أحداثها وابتهجوا بزعيمها الملهم جمال عبد الناصر، وكانت الاذاعة المصرية العريقة فى مبناها القديم بشاع الشريفين بوسط البلد تستقبل وفود المبدعين يوميا لتسجيل أعمالهم الغنائية الذين اتفقوا عليها بمناسبة الثورة أو التى يختارها لهم مراقب الموسيقى والغناء فى ذلك الوقت محمد حسن السباعى لتسجيلها فى استوديوهات الاذاعة واذاعتها فى اليوم التالى وكانت قد ظهرت فى هذا الوقت الثنائيات الشهيرة بين كبار الملحنيين والمؤلفين وعرضنا فى مقالنا السابق قصة الثنائى محمد عبد الوهاب وشاعره المفضل حسين السيد اللذين كانا لهما فضل السبق فى تسجيل ابداعاتهما الأولى أغنية (دقت ساعة العمل الثورى بكفاح الاحرار تعلن زحف الوطن العربى بكفاحه الجبار والتى فضل عبد الوهاب ان يغنيها بنفسه ليؤكد حبه للثورة وزعيمها عبد الناصر ثم رائعتهما الثانية صوت الجماهيرالتى قاد فيها عبد الوهاب الاوركسترا بنفسه وشارك فيها كبار نجوم الغناء فى الوطن العربى فى ذلك الوقت (صوت الجماهير هو اللى بيصحى الاجيال هو البطل ورا كل نضال)، وكان هذا الثنائى الشهير فى ذلك الوقت الذى يجمع بين عبد الوهاب وحسين السيد وبين كمال الطويل وصلاح جاهين وبين محمد الموجى واسماعيل الحبروك وبين محمود الشريف ومحمد عبد المطلب وغيرهم لم يكن مغلقاً على كل ثنائى فقط بل كان مفتوحاً لكل المبدعين الشعراء والملحنيين الذين يسهمون بأشعارهم والحانهم فى الثورة، فمثلاً عندما اكتشف عبد الوهاب أوبريت وطنى حبيبى الوطن العربى لشاعر غير حسين السيد وهو أحمد شفيق كامل سجله على الفور وحقق نجاحا كبيرا وحيا حسين السيد احمد شفيق كامل على روعته وايضاً عندما قدم عبد الحليم حافظ لعبد الوهاب اغنية ليست من كلمات حسين السيد وهى الله يابلادنا الله.. على جيشك والشعب معاه سجلها على الفور ولم يغضب حسين السيد من ذلك بل قام بتهنئة مؤلفها وهو الشاعر أنور عبد الله على هذه الكلمات الجميلة، وننتقل الى ماحدث للموسيقار كمال الطويل عندما اكتشف نصاً جيداً لغير شاعره المفضل صلاح جاهين لحنه على الفور وهو أغنية حكاية شعب «قولنا هنبنى وادى احنا بنينا السد العالى» ولم يغضب صلاح جاهين بل قام بتهنئة أحمد شفيق كامل على هذا العمل الرائع وهكذا كانت المحبة هى السائدة بين كبار الملحنيين والمؤلفين، ونعود ل (كمال الطويل وصلاح جاهين) اللذين قدما معاً أروع ابداعاتهما الغنائية التى لا تزال تعيش فى عقول وقلوب الملايين وترددها الأجيال جيلاً بعد جيل رغم مضى أكثر من ستين عاماً على انتاجها ونختار منها رائعة صلاح جاهين التى لحنها كمال الطويل (صورة صورة صورة كلنا كدة عايزين صورة صورنا يازمان هنقرب من بعض كمان واللى هيبعد من الميدان عمره ماهيبان فى الصورة ) الذى غناها عبد الحليم وحققت نجاحاً مدوياً لذلك الوقت ولاتزال باقية فى اذهان الجماهير (بالاحضان يابلادنا الحلوة بالاحضان ) و ابدعها هذا الثنائى العظيم وكان الشاعر صلاح جاهين رحمه الله أكثر شعراء جيله حباً للزعيم جمال عبد الناصر بل كان متيماً بحبه لدرجة كبيرة وعندما حدثت نكسة يونيو 1967 كان اكثر من تألموا نفسياً ومعنوياً مثل كل المصريين بالنكسة الذين لم يفيقوا منها إلا بعد انتصار اكتوبر 1973 وكان بطل اغانيه بحق الراحل بليغ حمدى ونختتم كلامنا بروعة نفس الثنائى (احنا الشعب اخترناك من قلب الشعب يافاتح قلب الحرية ياريس ياكبير القلب ياللى بتسهر لجل ماتظهر شمس هنانا احنا جنودك ايدنا فى ايدك مصر امانة) وغيرها من الاغانى والاناشيد الوطنية الاخرى التى انتجت فى زمن الثورة ونطالب التلفزيون والاذاعة بإذاعتها لانها وإن كانت قد انتجت لثورة يوليو إلا انها تصلح لكل الاحدات التى مر بها الوطن خاصة بعد ثورة 30 يونيو2013 والانجازات التى تشهدها مصر فى الوقت الحاضر. لمزيد من مقالات مصطفى الضمرانى