أملا فى الوصول لعلاجات جديدة لمكافحة الإدمان أعلن فريق من الباحثين عن إجراء جراحة لتحويل جزء من حمض الصفراء الموجود بالجهاز الهضمى إلى مجرى الدم يساعد فى التقليل من العوز أو الرغبة الشديدة فى عادة تعاطى الكوكايين عند حيوانات التجارب. الدراسة والتى نشرت أخيرا فى مجلة «بلوس بيولوجي» فكرة جديدة فى الاستفادة من المركب الذى ينتجه الجهاز الهضمى للمساعدة فى تكسير الدهون حيث يلعب دورًا مهمًا ولو محدود فى طريقة تفكيرنا واحتياجنا للمخدرات. وعندما فكر الباحثون فى تحويل جزء من حمض الصفراء للدورة الدموية، كانوا يقصدون بذلك أن يذهب ها الجزء للدماغ، ليبقى معظم حمض الصفراء فى الجهاز الهضمي، يدور من الكبد إلى المرارة والأمعاء الدقيقة. وفى دراسة سابقة، وجد الباحثون أن الفئران التى خضعت لجراحة تغيير مسار حمض الصفراء عبر القناة الهضمية وحولت جزءًا منه إلى مجرى الدم، أظهرت انخفاضًا ملحوظًا فى رغبتها فى تناول الأطعمة الدهنية، حتى عندما تكون متاحة لها بسهولة. ووجد الباحثون أن الأحماض الصفراوية تتفاعل مع نظام تعويض الدوبامين فى أدمغتنا، وهو ناقل عصبى بالدماغ مسئول عن الإحساس بالسعادة واللذة بالمخ، لكن أحماض الصفراء تثبط أو تبطئ من استجابة الدوبامين، مما يعنى أن الفئران تحصل على قدر أقل من المتعة. وهنا، قام الباحثون بعمل الشيء نفسه، كما فى دراسة الطعام، ولكن مع محفزات أكثر إغراءا للفئران، حيث أجروا الجراحة المذكورة على الفئران المدمنين للكوكايين، بتحويل جزء من حمض الصفراء للدورة الدموية ومتابعة سلوك الفئران بعد ذلك، واكتشفوا انخفاض ميلهم لتعاطى المخدرات فى أعقاب تلك العملية. وبالنظر إلى أدمغتهم، وجدوا انخفاضا فى مستويات الدوبامين، وهو مؤشر على أن العلاج قلل من إحساسهم بالعوز للمخدر والمتعة التى تعود عليهم منه. وبإعادة الاختبارات باستخدام مواد تحاكى عمل حمض الصفراء فى الدماغ تم تحقيق نتائج مماثلة، مما يشير إلى إمكانية استخدام هذه الطريقة كعلاجً محتمل للمدمنين. وقد تمت الموافقة بالفعل على استخدام حمض الصفراء من قبل إدارة الأغذية والعقاقير لعلاج البشر من الإدمان. وتعليقا على نتائج هذه الأبحاث يقول الدكتور ساهر هاشم أستاذ المخ والأعصاب بطب قصر العينى أن العملية الجراحية المقترحة بتحويل مسار القناة المرارية لتصب جزء من أملاح الصفراء فى الدورة الدموية، تم إجراءها على حيوانات التجارب، وأوضحت أن هذه الأملاح التى يمكنها تفتت المواد الدهنية فى الأمعاء الدقيقة عندما تدخل إلى الدم تستطيع العبور خلال الحاجز الدموى للمخ، والتعامل مع المواد الهرمونية التى تعطى الإحساس باللذة والسعادة، وهى الناقل العصبى «دوبامين الذى يتواجد فى الأماكن المسئولة عن الإحساس بالسعادة والنشوة بالفص الأمامى للمخ. وعندما يتعاطى المدمن مخدر الكوكايين أو الهروين، فإن هذا الناقل العصبى «الدوبامين» تزداد نسبته بالمخ، مما يعطى الإحساس باللذة والسعادة الزائفة. وقد وجد أن دخول أملاح الصفراء إلى المخ يؤدى إلى تثبيط عمل مادة الدوبامين، وبالتالى يفقد المدمن إحساسه بالاحتياج للمخدر، مما يجعل هذه الوسيلة فعالة فى علاج الإدمان لمثل هذه المواد. ونظرا لأن هذه الأبحاث فى مراحل التجارب الأولية، فلا يمكن تطبيقها على الإنسان الآن، ولكنها تفتح باب الأمل واسعا فى إمكانية تخليق هذه المواد فى شكل كبسولات أو أقراص يمكن استخدامها مستقبلا فى التجارب السريرية على الإنسان.