قرار الكنيست بأن تصبح اسرائيل وطنا قوميا لليهود فقط، وبالتالى يصبح العرب فيها مواطنين درجة ثانية لا يتمتعون بالحقوق والواجبات الوطنية، ليس وليد اليوم ولكنه النتيجة الطبيعية لنحو قرنين من العمل الدءوب للمنظمات اليهودية العالمية والدول الغربية مثل بريطانياوفرنسا والمانيا، لنقل يهود العالم الى هذه المنطقة؛ عمل يستند أساسا على أكاذيب وأساطير قام يهود اسرائيل بحياكتها لتبرير وجودهم. لذا كان يجب معرفة التاريخ الحقيقى لما حدث منذ القرن التاسع عشر وحتى اليوم، وكشف كل أكاذيب المنظمات اليهودية العالمية والدولة اليهودية منذ عام 1948، لكى نعرف كيف نتعامل مع هذه التطورات. فكان كتاب المؤرخ الاسرائيلى إيلان بابيه الأساطير العشرة عن اسرائيل هو أول الطريق لمعرفة التاريخ الحقيقي. وإيلان بابيه أحد المؤرخين الاسرائيليين الأوائل الذين قرأوا الارشيف الاسرائيلى وعرفوا الحقيقة حول نشأتها فقرروا كشف تلك الحقائق على العالم لكى يعرف. وكانت أول تلك الأكاذيب التى تروجها اسرائيل داخليا وخارجيا، فى مدارسها وفى الوثائق الرسمية أن أرض فلسطين كانت أرضا قاحلة متصحرة، وأن اليهود عاشوا فيها كأغلبية. هذه الأسطورة يفندها ألان بابيه فى كتابه مؤكدا أن فلسطين كانت فى تلك الفترة، وقبل قدوم الصهيونية، منطقة مزدهرة اقتصاديا، حيث شهدت نهضة زراعية وعمرانية كبيرة، ونشأت فيها مدن حديثة عاش فيها أكثر من نصف مليون نسمة، أغلبيتهم من المسلمين ثم المسيحيين ثم اليهود الذين لم كانت نسبتهم من 2 الى 5% من السكان. هذه المنطقة تشكلت خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين لتكون وطنا لسكانها، يحمل كل عناصر الوطن مثل انتشار مشاعر الوطنية ضد الاحتلال خاصة العثمانيين. أما الاسطورة الثانية التى تروجها اسرائيل فهى أن الشعب اليهودى كان شعبا بلا وطن. ويتساءل بابيه فى كتابه: هل كان المستوطنون اليهود فى فلسطين شعبا؟ يوضح بابيه ومن قبله شلومو ساند فى كتابه «اختراع الشعب اليهودى»، أن فكرة إنشاء وطن قومى لليهود كان فى الأصل فكرة اوروبية وليس يهودية. فلم يكن اليهود مرحبا بهم فى أوطانهم فى اوروبا، حيث يشكلون أينما وجدوا، وطنا داخل الوطن. لذلك، ومن بداية القرن التاسع عشر دعا المفكرون الفرنسيون مثل شاتوبريان وغيرهم الى إنشاء وطن لليهود فى المنطقة لينتقلوا اليه؛ وذلك بأمل أن يساعد اليهود الدول الغربية فى مشاريعها للهيمنة على المنطقة، وذلك من فرنسا نابليون وحتى بريطانيا تحت حكم الملكة فيكتوريا، ومنها الى الولاياتالمتحدة فى عهد جون أدامز، وحتى وعد بلفور فى عام 1917. فكانت بريطانيا القرن التاسع عشر ترى أن عودة اليهود الى فلسطين مع ثرواتهم ستقوى العثمانيين، وتحمى المنطقة من أى مشاريع طموحة من محمد علي. ما سبق يشير الى أن المشروع الصهيونى كان مرتبطا بالعداء للسامية، وبالامبريالية البريطانية وبعلم اللاهوت، وأيضا بالعداء للإسلام؛ وعندما بدأت موجات اليهود المختلفة تتجه الى فلسطين فى القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين، بدأ المهاجرون اليهود يشترون أراضى كمبرر لدعوتهم لانتمائهم للوطن، ولتأكيد إدعاءاتهم بأن اسرائيل تمثل كل يهود العالم وكل ما تفعله هو أولا وأخيرا لأجل مصلحتهم. فالإعلان اليوم بأن اسرائيل وطن لليهود فقط هو نتيجة طبيعية لتاريخ استمر قرنين من الزمن. لمزيد من مقالات ◀ ليلى حافظ