نفضت مصر عنها الجمود والتخلف الذى تراكم على أيدى المماليك وقرون الاحتلال العثماني، ومضت تحت قيادة محمد على باشا بدءا من عام 1805 تبنى مجدا وتحقق تقدما وتشق طريقا نحو الغد مستندة إلى جيش عصرى قوى وصناعة حربية تلبى الاحتياجات وطفرة تعليمية واعدة وبنية اقتصادية متماسكة. وأمام هذا النهوض المصرى وطموحات الحاكم واجهت مصر تحالفا عثمانيا أوروبيا، كان وراء هزيمة الاسطول المصرى فى نفارين 1827، ولملمت مصر نفسها واستعادت إرادتها وحيويتها وبدأت تنهض من جديد، وتقدم الجيش المصرى ليلحق هزائم قاسية بجيش الامبراطورية العثمانية خاصة فى معركة نصيبين «نزيب» وبدأ يقترب من الأستانة عاصمة الامبراطورية، ومرة أخرى تضغط قوات التحالف الأوروبى العثمانى على مصر المنتصرة فتتوالى الهزائم، وتعرض هذه القوى معاهدة لندن 1840 على مصر، ولأن محمد على بنى جسورا قوية من التعاون مع فرنسا فى مجالات كثيرة، فقد شعر بالحيرة والدهشة من تعاونها مع الآخرين ضد مصر، لذا ظل يتساءل، من يتحالف مع من؟ وتتجدد المحاولة على يد الخديو إسماعيل حفيد محمد على وابن القائد الشجاع إبراهيم باشا، وتعود الأضواء لتسطع من جديد فى سماء مصر، وتتوسع مصر جنوبا بعد سلسلة من الانتصارات العسكرية، وتسهم فى حركة اكتشاف منابع النيل. ومرة أخرى تتحالف قوى أوروبية لحرمان مصر من ازدهارها ودفعها للانكفاء، ويتم ابعاد الخديو ليحل محله ابنه توفيق الذى يصطدم بثورة عرابي، فيلجأ إلى بريطانيا العظمى التى تبدأ احتلالها لمصر عام 1882 . وتوفر ظروف الثورة والحرب العالمية الأولى وانشاء بنك مصر أول بنك مصرى بأموال مصرية وبرئاسة مصري، المناخ الملائم لازدهار اقتصادى زراعى وصناعى وديمقراطى واجتماعى وثقافى وفني. وتتحول الديمقراطية من خطوة إلى تجربة تشق طريقها فى التربة المصرية. وتعيش مصر مرحلة تاريخية مضيئة تبشر بالانطلاق بخطوات ثابتة على طريق التقدم، ويحقق الاقتصاد نموا متوازنا ويتبدد الازدهار المصرى بعد 1952، ويفقد الجنيه الغطاء الذهبي، فيبدأ فى الانهيار.وتعود مصر للاستيقاظ من جديد كنتيجة لانتصار أكتوبر، وتحت رايات الانفتاح الاقتصادى تحقق أعلى نسبة نمو للناتج القومى عبر تاريخها بالرغم من كل الصعاب والعقبات. ويغتال السادات ويتولى مبارك السلطة وبالرغم من كل القصور فى كثير من المجالات، تمكنت مصر من تكوين احتياطى تجاوز 52 مليار دولار ومن تحقيق نسبة نمو للناتج القومى بلغ عام 2010 ، 7٫5% سنويا، وقبل أن تتمكن من انجاز هدفها فى النهوض تنفجر أحداث يناير 2011 ويتم التخلص من مبارك ونظامه ورجاله، وتضرب الفوضى العارمة جنبات مصر، وتعود مصر للانكفاء داخليا بعد حجم هائل من الخسائر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إلى أن تسقط فى قبضة التخلف والجمود الإخوانى وتنتفض مصر بقوة وتتخلص من حكم المرشد وأعوانه, ويصعد عبد الفتاح السيسى إلى قمة السلطة، وتنطلق مصر تحت قيادته كما لم تنطلق من قبل، وتبدأ خطة شاملة وعظيمة لاعادة بناء مصر فى كل المجالات . لمزيد من مقالات عبده مباشر