قصة أخرى من أكاذيب اسرائيل المستمرة، كشفها نورمان فينكلشتاين، الكاتب الامريكى اليهودي، الذى كشف من قبل كيف استغلت المنظمات اليهودية العالمية والدولة الاسرائيلية المحارق النازية وضحاياها من أجل اكتناز الملايين من الدولارات، وذلك فى كتابه «صناعة الهولوكوست» الذى صدر عام 2000. هذه المرة يكشف فينكلشتاين أكاذيب اسرائيل حول غزة فى كتاب جديد صدر فى يناير الماضي، بعنوان «غزة.. تحقيق فى استشهادها»، واحد أهم تلك الأكاذيب هى أن الشعب الفلسطينى فى غزة هم المعتدون. فى كتابه، يدحض فينكلشتاين فكرة أن اسرائيل تشن حربا ضد غزة وأهلها؛ يقول فينكلشتاين أن مفهوم الحرب، حسب كل كتب فلاسفة الحرب، هى عملية ذات هدف يتم السعى له، يحمل مخاطر دموية واستراتيجية. ولكن من وجهة نظر فينكلشتاين، الصراع الذى تشنه اسرائيل ضد غزة لا ينطبق عليه هذه المفهوم. لذا يحاول فينكلشتاين فى كتابه «غزة.. تحقيق فى استشهادها» أن يدحض الخطاب الكاذب الذى تتبناه اسرائيل عن حربها فى غزة منذ عام 2014. يقول نورمان فينكلشتاين فى حديث له أن سبب كل الاعتداءات التى قامت بها اسرائيل ضد غزة، فى 2005 وغيرها، لم يكن لأن غزة شنت هجوما ضد اسرائيل، أو أنها تهدد أمن الشعب الاسرائيلي، ولكنها قامت بها انتقاما من لبنان، وهزيمتها من قوات حزب الله، فى الحرب التى شنتها اسرائيل ضد جنوبلبنان. انه الخوف الاسرائيلى من أن تفقد قدرتها على ردع العرب، لأن قوات حزب الله فى ذلك الوقت لم تكن تفوق فى قدراتها القوات الاسرائيلية، ومع ذلك الحقت بهم هزيمة هزت صورتهم وهيبتهم أمام سائر الدول العربية. ولماذا غزة؟ يرى فينكلشتاين أن غزة تفتقد لقوة دفاعية عالية الكفاءة، وفى نفس الوقت يتحلى شعبها بقوة تحدى كبيرة؛ لذا أعتبرتها اسرائيل المكان الأمثل لردع العرب، وردع السلام؛ فى غزة تمارس اسرائيل ردعها الاقليمى بشكل متجدد، وبدون أن تخاطر بحرب حقيقية ضد عدو مدجج بالسلاح. غزة، أكثر المناطق كثافة سكانية فى العالم، وصفها ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا السابق بأنها «سجن مفتوح»، حيث ثلثى سكانها من اللاجئين، واكثر من نصفهم تحت سن ثمانية عشر عام؛ هذه المنطقة المحاصرة وشعبها تعرضا منذ عام 2004 وحتى اليوم، الى ثمانى عمليات هجومية مدمرة راح ضحيتها الآلاف، وأصبح عشرات الآلاف منهم بلا مأوي، وفرض عليها حصارا بلا رحمة. لقد أختار فينكلشتاين فى عنوان كتابه كلمة استشهاد لأنها هى نفس الكلمة التى استخدمها والديه لوصف ما تعرضا له فى المحرقة النازية إبان الحرب العالمية الثانية. لمزيد من مقالات ليلى حافظ