شكل القرآن الكريم علي مر العصور نبعا صافيا ملهما للشعراء, فقد تأثر الكثير من الشعراء بالقرآن منذ نزول الوحي علي النبي صلي الله عليه وسلم وحتي يومنا هذا, واستخدم الشعراء المصطلحات والتراكيب والمعاني القرآنية ومن أوائل الشعراء الذين تأثروا بالقرآن الكريم حسان بن ثابت الذي قال متأثرا بالآية الكريمة:( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير إنك علي كل شيء قدير تظل جيادنا متمطرات تلطمهن بالحمر النساء فإما تعرضوا عنا اعتمرنا وكان الفتح, وانكشف الغطاء وإلا, فاصبروا لجلاد يوم يعز الله فيه من يشاء ومن أكثر الأبيات التي تأثر ناظمها بآيات القرآن الكريم, أبيات النابغة الجعدي التي قال فيها: الحمد لله لا شريك له من لم يقلها فنفسه ظلما المولج الليل في النهار وفي الليل نهارا يفرج الظلما الخافض الرافع السماء علي ال أرض ولم يبق تحتها دعما الخالق الباريء المصور في ال أرحام ماء حتي يصير دما من نطفة قدها مقدرها يخلق منها الأبشار والنسما ثم عظاما أقامها عصبا ثمت لحما كساه فالتأما ثم كسا الرأس والعواتق أبشارا وجلدا تخاله أدما والصوت واللون والمعايش وال أخلاق شتي وفرق الكلما ثم لابد أن سيجمعكم والله جهرا شهادة قسما فائتمروا الآن ما بدا لكم واعتصموا إن وجدتم عصما في هذه الأرض والسماء ولا عصمة منه إلا لمن رحما أما الأخطل, فقد اقتبس معني الآية الكريمة( لا تكلف نفس إلا وسعها) في أبياته.. ألوم أجهد نفسي ما وسعت لم وهل تكلف نفس فوق ماتسع وأبونواس له ابيات يقسم فيها بالله منزل سور من القرآن الكريم علي عدم فراق محبوبته: والله منزل طه والطور والذارات, الر, ص, وق, والحشر والمرسلات ورب هود ونون والنور والنازعات لا رمت هجرك حبي حت وان لم تواتي وقد تأثر أبو العتاهية بآيات القرآن, و معاني شعره في الزهد والمواعظ والحكم تأثر فيها بالكتاب والسنة وما جري من الحكم علي ألسنة السلف, ويشير د. شوقي ضيف الي كثرة ما نقله إلي زهدياته من آي الذكر الحكيم وأحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم ووعظ الوعاظ ومن أمثال الحسن البصري. يقول أبو العتاهية زاهدا ومؤكدا أن القليل الحلال هو الذي يؤدي إلي السعادة في الدنيا والآخرة: رغيف خبز يابس تأكله في زاوية و كوز ماء بارد تشربه من صافية و غرفة ضيقة نفسك فيها خالية أو مسجد بمعزل عن الوري في ناحية تقرأ فيه مصحفا مستندا بسارية معتبرا بمن مضي من القرون الخالية خير من الساعات في ترف القصور العالية تعقبها عقوبة تصلي بنار حامية وقد أخذ أبو العتاهية الشطر الثاني من البيت الأخير من قوله تعالي:( تصلي نارا حامية). وعن ميعاد الموت ومكانه, يقول الشاعر: ليت شعري فإنني لست أدري أي يوم يكون آخر عمري وبأي البلاد تقبض روحي وبأي البلاد يحفر قبري مستخدما معني الآية الكريمة:( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت). وفي العصرالحديث تأثر كثيرون بالقرآن لفظا وروحا. من ذلك قول السياب متأثرا بقوله تعالي:( يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا': يا ليتني لم أكن رأيتك من قبل ولم ألق منك عطف حنون آه لو لم تعوديني علي العطف وآه لو لم أكن أو تكوني ( ويعد الشاعر أحمد مطر أحد الشعراء الذين تأثروا بالآيات والأساليب القرآنية في غير مرة, فيقول في إحدي قصائده: إن الانسان لف خسر والعصر فاذا الصبح تنفس ف هذا العصر متأثرا بالآيات( والعصر- إن الانسان لف خسر) و( والصبح إذا تنفس) ويقول في قصيدة أخري متأثرا بقول الله تعالي( ومن الناس من يعبد الله علي حرف): تأتنا من الغرب صارت الاصنام تعبد الله عل حرف ولكن.. بثاب عربه ومن قصص القرآن الكريم, يستمد السياب أبياته: اروي لنا نبأ الطريد فأنت راوية الزمان أغوته حواء فسد يديه نحو الأفعوان ذاقا فكانا ظالمين فكيف يجزي الظالمان؟ وبدا المواري منهما فإذا هنالك سوءتان وعليهما طفقا من الورق المهدل يخصفان ومن الواضح أن الشاعر يستقي قصته من القرآن الكريم معني وأسلوبا والفاظا, وبالتحديد من قوله جل وعلا:( فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة, وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين, قالا ربنا ظلمنا أنفسنا)'. تماما كما يفعل مع الآية الكريمة:( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا) فيقول: إنه الرطب تساقط في يد العذراء وهي تهز في لهفة بجذع النخلة... وهذا المعني الأخير بالتحديد, نقصد الإشارة إلي نخلة مريم,صار صرعة عند شعراء العربية في السنوات الأخيرة. وسيبقي القرآن بإعجاز لغته وأساليبه ومعانيه ملهما للشعراء باقيا معجزا( لا يأتيه الباطلمنبين يديه ولامنخلفهتنزيل من حكيم حميد).