لم يعرف معنى للإنسانية أو مشاعر الأبوة فضحى بأغلى وأعز ما امتلك، وبدلا من أن يحنو على الأمل الذى يمنحه الحياة ويكون له العش الدافئ، كست الغلظة والقسوة فؤاده وحولته إلى مقبرة لدفن حنايا الصدور. وبيد رثة وقلب أقسى من الحجر تحول إلى سفاح عصف بأحلام وأسارير الأسرة بعد ان خرج من دائرة العقل وهانت عليه حياة نور عينيه ليرتكب أبشع الجرائم وأعظم الكبائر التى أبتها النفس السوية وأصبح أول الباحثين عن طريقة للتخلص من فلذة كبده وراح يقرأ قصص الغدر والانتقام على جثته. وفى ساعة شيطانية فقد فيها رشده أقدم على إزهاق روحه البريئة ببرود شديد دون رحمة ولا شفقة ناسيا ان قلوبنا تتلهف قدوم زينة الحياة الدنيا وان مشاعرنا تهيم بهجة من أول لحظة نلمس فيها هدى خطواتهم الناعمة وان أحلام الأبوة هى النعمة الأكبر فى الحياة وغيره يتمنى لو انه ضحى بكل ما يملك من أجل طفل ينعم ببراءته. بدأت قصة تلك الفاجعة بعد شهور من انفصال الأب عن زوجته الأولى التى تركها وحيدة تواجه الحياة التى قست عليها. وأتت الرياح بما لا تشتهيه السفن وهبت عاتية لتؤكد ان المفاجآت لا تأتى فرادى فلقد رزقه الله بطفل من الزوجة الثانية وفى الوقت نفسه فقد عمله، وكانت هذه بداية لإصابته بأزمة نفسية جعلته يشعر ان زوجته الأولى ستشمت فيه لعدم قدرته على الانفاق، فتوقفت شهور السعادة فجأة واستشاط غضبا بقدوم مولوده الجديد وبمرور الشهور ازدادت عليه الهموم والأعباء الحياتية وساءت حالته للدرجة التى بدأت يداه تعرف طريقها للتعدى على أم صغيرة، وتحول منزل الزوجية إلى كتلة من النار جراء المشاجرات التى كادت أن تنتهى بالانفصال. وفى يوم الثلاثاء الماضى الذى ستظل أحداثه الدرامية اثرا حزينا فى نفوس أهالى دمنهور جلس الأب فى حيرة من أمره يفكر فى حيلة للتخلص من الخلافات مع زوجته فوجد الحل الوحيد هو يقتل أقرب الناس إليه نجله «مالك» ذى ال 6 أشهر حتى يتمكن من تدبير باقى نفقات الأسرتين وظل يتفنن ليحكم خطته ويرتاح منه للأبد، وفى لحظات رسم الشيطان فصولها استغل غياب زوجته فأحضر كوبا ووضع فيه من مادة الكلور السام وأفرغه فى فمه ولم يفق الأب من غفوته إلا بعد ان أصبح بين الموت والحياة ليطفئ نار الانتقام فى حق طفل لم يرتكب اثما أو ذنبا سوى ان حظه العثر جعله ابنا لأب عاق ليكتب بقتله فصول النهاية المأساوية. وتم اخطار اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن العام بالحادث. وكان اللواء محمد أنور هندى مدير الإدارة العامة لمباحث البحيرة قد تلقى إخطارا باستقبال جثة الطفل ومن خلال تحريات المقدم أحمد سمير رئيس مباحث دمنهور تبين أن وراء الواقعة والده وأمر اللواء علاء عبدالفتاح مدير الأمن بإخطار النيابة.