الأمم المتحدة: الحوثيون احتجزوا 11 من موظفينا ونسعى إلى إطلاق سراحهم بشكل آمن    مدرب الترسانة: وضعت سيناريو المباراة ونجحنا فى العودة للمنافسة    أقوى مراجعة نهائية فى التاريخ للثانوية العامة.. راجع المنهج واضمن الدرجة النهائية    شاهد .. البرومو الرسمي لفيلم أهل الكهف وطرحه يوم 12 يونيو    الخارجية الأمريكية: بلينكن سيؤكد فى جولته بالشرق الأوسط أهمية قبول حماس المقترح    محافظ كفر الشيخ يتابع جهود فحوصات المحاصيل الصيفية وتوعية المزارعين    المتحدث باسم وزارة الزراعة: تخفيضات تصل ل30% استعدادًا لعيد الأضحى    إقبال على اليوم الصحي المجاني في نادي المهندسين بالإسكندرية    بوتين: أوروبا عاجزة عن حماية نفسها أمام الضربات النووية على عكس روسيا والولايات المتحدة    بايدن يعلن عن مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 225 مليون دولار    الإسكان تطرح أراضي استثمارية للتخصيص الفوري    محافظ القليوبية يتفقد منظومة النظافة في شوارع مدينتي الخصوص وشبرا الخيمة    غدا محاكمة أم وعشيقها في واقعة قتل الطفلة ريتاج بمدينة نصر    نتيجة الإبتدائية والإعدادية الأزهرية 2024 بالاسم "هنا الرابط HERE URL"    مصرع شخص إثر سقوط سيارة داخل مصرف بالدقهلية    5 آلاف و890 مستفيدة من حملة "حقك تنظمي" بالإسماعيلية (صور)    وزير الصناعة يستعرض مع وزير الزراعة الروسى إنشاء مركز لوجيستى للحبوب فى مصر    السياحة: الانتهاء من رقمنة 78 متحفا وموقعا أثريا    تكبيرات عيد الأضحى 2024.. تستمر ل عصر رابع يوم    «الإفتاء» توضح حكم الأضحية في المذاهب الأربعة    «الرعاية الصحية» تنظم جلسة علمية تحت عنوان «الجينوم والطب الشخصي وتأثيرهم الاقتصادي»    زيادة ألف جنيه في دواء شهير لارتفاع ضغط الدم    تزامنًا مع الموجة الحارة.. وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستشفى الحسينية ويوجه بتطوير الخدمات    جامعة طنطا: علاج 900 ألف مواطن في القوافل الطبية خلال 3 سنوات    استطلاع: غالبية الألمان تحولوا إلى رفض العدوان الإسرائيلي على غزة    تعرف على موعد عزاء المخرج محمد لبيب    الأمم المتحدة: شن هجمات على أهداف مدنية يجب أن يكون متناسبا    إمام الوعى والتنوير    سيارة مسرعة تنهي حياة موظف أمام قسم الجيزة    استبعاد كوبارسي مدافع برشلونة من قائمة إسبانيا في يورو 2024    رفع الدعم تدريجيًا والطاقة المتجددة والضبعة.. مهام ضرورية على المكتب الوزير    أوقفوا الانتساب الموجه    الناقد السينمائي خالد محمود يدير ندوة وداعا جوليا بمهرجان جمعية الفيلم غدا    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    بدء تلقى تظلمات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ الأحد    أول تعليق من وسام أبو علي بعد ظهوره الأول مع منتخب فلسطين    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    «التعليم العالي»: تحالف جامعات إقليم الدلتا يُطلق قافلة تنموية شاملة لمحافظة البحيرة    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    قوات الدفاع الشعبي والعسكري تنظم عددًا من الأنشطة والفعاليات    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    "الإفتاء": صيام هذه الأيام في شهر ذي الحجة حرام شرعا    الزمالك يقترح إلغاء الدوري    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    إخماد حريق داخل محل فى حلوان دون إصابات    في ذكرى ميلاد محمود مرسي.. تعرف على أهم أعماله الفنية    بعد غيابه عن الملاعب.. الحلفاوي يعلق على مشاركة الشناوي بمباراة بوركينا فاسو    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى وداع هشام
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 03 - 2018

بقيت الابتسامة على وجهه المشرق وكأنها ترحيب بالأمر الإلهى الذى صدر للروح أن تصعد إلى السماء. غادر هشام قنديل استشارى طب الأطفال بوزارة الصحة بالإسكندرية الدنيا مبتسما وترك لنا أحزان الفراق ودموع اللوعة.
رحلة الحياة مرت وكأنها لحظة، أذكره حين كان طفلا جميلا متورد الوجنتين، يموج بحيوية تنعكس فى شقاوة محببة، ثم فتى متفوقا فى الدرس واللعب، برع فى ألعاب المضرب كما برع فى دراسة الطب، وتخرج طبيبا شابا طموحا، رزقه الله بزوجة مخلصة أحبها وأحبته وأنجبت له ولدا وبنتا. دارت عجلة الدنيا ودار معها، يقضى نهاره يعالج الأطفال بجد وتفان، ويسكن ليله فى المنزل يرعى أسرته بحب وإخلاص. أصبح طبيبا مشهورا يجد سعادته فى تخفيف آلام الأطفال وإراحة الأمهات، لم تفارقه ابتسامته المحببة رغم إرهاق العمل وعثرات المعيشة ومحن الحياة. كنت أنصحه بالتخفيف من أوقات العيادة فكان يقول كيف أرد طفلا صغيرا يتألم، وكان يردد إن ضحكة الأطفال تزيل التعب، فأدركت أننى أمام رجل يهوى حرفته. كنت أنقل له أحيانا إطراء بعض الأمهات، فكان يقول الشفاء من عند المولى عز وجل، ويستطرد ضاحكا يأتينى الطفل فأكتب له الدواء ويشفى بإذن الله فى أسبوع، وحين لا يأتينى ولا يأخذ الدواء يشفى بإذن الله فى سبعة أيام.
مرت السنون وبات الطبيب المعالج يبحث عن العلاج، وصار من يصف الدواء فى حاجة إلى الدواء. كتم آلامه إلى أن صارت فوق الاحتمال، وخاض رحلة العلاج الموجعة بشجاعة وصبر فهو أول من يعرف محاذيرها وأوجاعها. أذكر أن حكى حلما رآه وهو فى شدة المرض، فهو يجلس فى مكان رائع الجمال لم يزره من قبل، سأل زوجته ما هذا المكان الجميل، أين نحن الآن، فردت أنت فى الجنة!! قال لها ولكنى لم أصنع ما يستحق أن أذهب إلى الجنة من أجله. سألنى ما تفسير هذا الحلم، قلت ضاحكا عليك بإحكام الغطاء عند النوم. قدر الله وما شاء فعل، ولبت الروح الطاهرة نداء خالقها. تحيرنا فكيف نبلغ الأمر للأم التى احتضنت ورعت وربت، وحين قلنا لها إنه انتقل إلى مكان أفضل لم تستوعب وظلت تناديه.
وتحيرنا فلقد جابهتنا إشكالية الإبلاغ، الكبار يتحيرون ماذا سيكتبون فى الأهرام، والصغار يتعجبون وهل هناك من بات يقرأ الجرائد الورقية. الصغار يصيغون بلاغا فى الفيسبوك والكبار لا يعرفون كيف يصلون إلى المكتوب فى عوالم التواصل الرقمي. لقد تغيرت الدنيا وجسد النقاش الانفصام بين جيلين متتابعين أو ربما متزامنين. وتأكد الانفصام فى كثافة برقيات العزاء الإلكترونية التى وصلت مقارنة بالبرقيات الورقية.
جرت أمورنا بسلاسة ويسر، ولكنى تأملت ما يجرى حولنا، فالحفاظ على الحياة أو مغادرة الدنيا أصبحت عملية معقدة الإجراءات فى الدنيا كلها، وتذكرت محاضرة سمعتها أثناء دراستى فى الخارج عن صناعة الجنازات، وكيف أنها حرفة معقدة ومكلفة، عليك أن تحسب حسابها وتدخر لها لو أردت أن يحرق جثمانك على أنغام الموسيقي!! البشر يتاجرون بالأحزان والأفراح ويصنعون أساليب الحياة (والموت) الغريبة طبقا لمعتقداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم.
جاءت لحظة الوداع، ذهلت من مظاهرة الحب التى رافقته إلى مثواه الأخير، فهو مجرد إنسان أدى واجبه فى إخلاص، فجاء زملاؤه يذكرون دماثة خلقه وحسن تعاونه، وجاء طلابه يذكرون فيض عطائه وغزارة علمه، وجاءت أمهات يذكرن له طيب تعامله ورعايته، بل العجيب أن جاء شباب يذكرونه منذ كانوا أطفالا يعالجهم. وجاءت مكالمات هاتفية من أرجاء الدنيا من زملاء وطلاب. سألت نفسى كيف أفسر هذه المظاهرة التى خففت بعضا من ألم الفراق، فهذا رجل أحب عمله، وأحب الناس فبادلوه حبا بحب، لم يتاجر أبدا بمهنته، آمن أن الطب رسالة فكان مثالا نادر الحدوث فى الأيام العجاف. تدمع العين ويحزن القلب، وندرك أن الموت علينا حق، ونتوجه بالدعاء أن يرحمنا المولى ساعة الحساب، وأدعو لشقيقى أن يرقد فى سلام.
لمزيد من مقالات ◀ د. شريف قنديل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.