جاء إعلان التشكيل الوزاري, حافلا بمفاجآت.. لا تختلف عن مشاورات اختيار الوزراء.. فقد سمح رئيس تلك الحكومة لنفسه, بأن يضع عشرات من المواطنين المحترمين تحت الاختبار للاختيار من بينهم الوزراء الذين يروقون للدكتور' محمد مرسي' مع جماعة الحرية والعدالة.. وانتهي التشكيل إلي حكومة' إخوانية' تتجمل ببعض رجال النظام السابق.. وبينهما من لا نعرف عنهم, غير أن اختيارهم جاء لترطيب المناطق الملتهبة في الساحة السياسية.. ووضح من التشكيل أن هناك رؤس حربة لإشعال نيران في بعض القطاعات.. وهذا يعني أنها حكومة ستذهب بالوطن إلي المجهول.. وإن كانت ستجعل رئيس الجمهورية يعض علي أصابع الندم.. فهذا لا يعنينا.. فما يهمنا هو ما سيحدث للوطن خلال الأيام القليلة المقبلة.. وحتي لا أكون مبشرا بالتشاؤم, أو متسرعا في أحكامي.. تعالوا ننظر علي تلك المساحات التي ستتعامل معها الحكومة باختصار شديد: أولا: تعيين' صلاح عبد المقصود' وزيرا للإعلام يعني انقلابا علي الدولة المدنية بكل ما تعنيه الكلمة من معني.. فهو سيبدأ عمله بتوزيع قوائم الممنوعين من الظهور علي الشاشات وخلف الميكروفونات, بعد اختيار من يري فيهم أنهم أدوات تنفيذ جيدة.. وهذا عمل بسيط جدا يمكنه إنجازه في أقصر وقت.. لكنه سيواجه أزمات عاصفة.. تبدأ من أنه لا يعرف شيئا عن طبيعة الجهاز المطلوب منه إدارته.. وإن اجتهد لكي يتعلم.. سيكون قد غادر الحكومة في أسرع تعديل لها!! ثانيا: سنتابع حرائق تشتعل داخل وزارة العدل لأن اختيار المستشار أحمد مكي يحمل رسالة صدام ومواجهة مع نادي القضاة والمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة.. وسينتهي إلي تكريس الانقسام بين رجال السلطة القضائية.. وأتمني ألا يحدث ذلك.. لكن الأماني تختلف عن حقيقة الأشياء وواقع الأمر.. فالاختيار مقصود به هدم التمنيات, أو استبعادها تماما.. ولا نعلم كيف سيتم حسم الأزمات التي ستتفجر في ساحة القضاء. ثالثا: كما يعتبر اختيار الدكتور' طلعت عفيفي' لوزارة الأوقاف, عنوانا يكشف الدراما والإثارة اللتين حفل بهما تشكيل تلك الوزراة.. فبعد استبعاد صديق' خيرت الشاطر'.. تم استدعاء رئيس جامعة الأزهر السابق.. وبينما الوزراء في الطريق لحلف اليمين, تم إعلان اسم الوزير الجديد.. والتفاصيل تؤكد أن فرمانا صدر من المقطم باختيار أستاذا جامعيا يمكن أن يرضي الأزهر إلا قليلا وأملا في إرضاء جماعة السلف إلا كثيرا ويتوقف الأمر علي ما سيفعله فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر, لاحتواء الموقف داخل تلك المؤسسة التي تتعلق بها قلوب وعقول جميع المصريين. رابعا: واضح أن وزراء القوي العاملة والتربية والتعليم والكهرباء والإسكان, سيكونوا من أبرز الذين ستواجههم أزمات مبكرة داخل وزاراتهم.. أما الصحة والتموين فحدث عنهما ولا حرج!! خلاصة القول أن الدكتور' محمد مرسي' ذهب إلي اختيار صادم لشخص رئيس الوزراء.. والتزم من اختاره بكل تعليماته ونفذها حرفيا.. لذلك أري أن الدكتور' هشام قنديل' حمل نفسه بما سبق أن حمله' احمد نظيف'.. آخر رئيس وزراء قبل الثورة.. وإن كنا نأمل في النجاح حرصا علي الوطن, فالقاعدة المنطقية تؤكد أن المقدمات الخطأ تؤدي إلي نتائج كارثية.. والدليل علي التخبط الواضح داخل مؤسسة الرئاسة.. هو أنها ذهبت إلي تكريم الدكتور' كمال الجنزوري' بأرفع الأوسمة يستحقها من وجهة نظري لكن التكريم كشف عن أن جماعة الحرية والعدالة التي حاربت الرجل وحكومته, لأكثر من4 اشهر, ثبت بما ذهب إليه الدكتور' مرسي'.. أنها كانت تمارس عملية تصفية حسابات دون أدني علاقة لها بالمصلحة العامة.. وإذا أضفنا إلي ذلك استعانة الدكتور' مرسي' بالرجل كمستشار.. فهذا يعني أنه وجماعته يحاربونك اليوم طالما أنك لا تنفذ ما يريدون, ويضطرون إلي تكريمك بما يصيب الرأي العام بصدمة ويفرض أسئلة لا أول لها ولا آخر.. وقد سبق أن تكرر ذلك من حملة ضارية ضد المستشار' عبد المعز إبراهيم' ثم تكريمه بأرفع الأوسمة.. ومن بعده حملة ضد المستشار' فاروق سلطان' ومنحه الوسام الرفيع.. وتمتع بذلك مساعد وزير الداخلية المشرف علي الانتخابات المزورة في عهد المخلوع, والانتخابات' الحرة' في زمن ما بعد الثورة.. وإذا حاولنا أن نمد الخطوط علي استقامتها إلي النهاية, فسنجد أن جماعة الحرية والعدالة تحارب كل أصحاب الكفاءات والمخلصين.. تطلق عليهم كتائبها في الميادين والشوارع وإلكترونيا, للتشهير بهم.. ثم يأتي رئيسهم لتكريمهم بعد الإطاحة بهم.. وواضح أن الاستعانة تتم بالأكثر قربا وإخلاصا من أهل الثقة.. ومعلوم بالضرورة أن أهل الثقة يأخذون القيادة دائما إلي الهاوية.. اجعلوني متشائما أو ناقما.. لكنني أقدم رؤيتي, وأتمني أن تضبطوا أعصابكم وتنتظروا بضعة شهور قليلة.. مع تأكيدي أنني سأغفر للمنفعلين وماكينات إطلاق السباب كل ما سيذهبون إليه.. وأنتظرهم قريبا لكي يعلنوا الاعتذار أو يصمتوا.. فقد شاء الدكتور محمد مرسي أن يبدأ عهده بتشكيل حكومة إشعال حرائق!! [email protected]