* هل تنجح السياسة النقدية فى تحقيق الهدف الأساسى بخفض التضخم * هل تعود ثمار التنمية على كل فئات المجتمع * هل يتخلص الاقتصاد من موجات انخفاض الجنيه كل 10 سنوات
تؤكد البيانات الصادرة عن المؤسسات الدولية والمحلية حول مؤشرات الاداء الاقتصادى على ان خفض سعر الصرف ادى الى تحفيز النمو وتحقيق التوازن ومعالجة التشوهات وتحقيق التوازن فى معدل النمو بما يعزز الاستمرارية والاستدامة ،ووضع الاقتصاد على الطريق الصحيح ، حيث تراجعت مساهمة الاستهلاك المحلى ، وفى المقابل ارتفعت مساهمة صافى الصادرات بعد ان كان النمو يرتكز على الاستهلاك ، بما يدلل على تحول فى النمط الاستهلاكى لصالح الانتاجى . ووفقا لبيانات البنك المركزى فقد ارتفع صافى الصادرات من اول 2017 وتحولت مساهمته فى الناتج المحلى الاجمالى من السالب الى الموجب ، وفقا لبيانات البنك المركزى ، مع انخفاض عجز الحساب الجارى بشكل كبير فى الربع الاول من العام المالى الحالى من 4.7 مليار دولار الى 1.6 مليار دولار بما يتجاوز 60% كما ساهم توحيد سعر الصرف ، والقضاء على السوق الموازية للعملة ، الى جانب تطوير مناخ الاعمال ، بصدور قانون الاستثمار على نمو الاستثمار الاجنبى المباشر ليصل الى 10 مليارات دولار خلال عام 2017 ، فيما تضاعفت ايرادات السياحة لتصل الى 7.6 مليار دولار بنسبة نمو 123% فى 2017 ، كما ارتفع عدد السائحين بنسبة 54%، وذلك بعد ارتفاع تنافسية السوق السياحية المصرية مع خفض سعر الصرف. فى الوقت الذى ارتفع فيه صافى استثمارات المحافظ لتصل الى 16 مليار دولار ، وفقا لأحدث بيانات صادرة عن البنك المركزى . وتوج التحسن فى مؤشرات الاداء الاقتصادى بارتفاع معدل النمو ، فى الربع الاول من 2017/2018 ، ليسجل 5.2 % وهو الاعلى منذ 2009/2010 ، بعدما ارتفع الى 4.2% خلال العام المالى الماضى ، وتعكس هذه التطورات سلامة توقعات البنك المركزى عند اعداد برنامج الاصلاح النقدى فى منتصف 2016 ، و دفع بنوك الاستثمار الى اتساق توقعاتها مع البنك المركزى ، بعدما ادركت تلك البنوك ان الاجراءات الاستباقية والسياسة النقدية المتشددة للبنك المركزى كانت صائبة ، لاسيما ما يتعلق برفع سعر الفائدة من اجل السيطرة على التضخم وتعزيز اجراءات الاصلاح . وربما كان من الضرورى ان نشير فى هذا الصدد ، الى كفاءة السياسة النقدية، ففى الوقت الذى اتخذ فيه قرار اجراء تحرير سعر الصرف ما ادى الى خفض الجنيه وهو اجراء كما يبدو يعكس سياسة توسعية ، فقد صاحبه قرار رفع الفائدة من اجل السيطرة على التضخم وهو سياسة تقشفية ، ولكن وفق برنامج للاصلاح محدد الاهداف والتوقعات لمعالجة التشوهات التى يعانى منها الاقتصاد والسيطرة على التضخم مع تعزيز قيمة الجنيه كمخزن جيد للقيمة . استهداف التضخم وقد اسفرت هذه الاجراءات عن تراجع معدل التضخم خلال الاشهر الخمسة الاخيرة بفضل السياسة النقدية المشددة ، وقد تزايدت نسبة تراجع التضخم فى الشهرين الاخيرين نظرا لتغير سنة الاساس والذى يتوقع ان يستمر اثره حتى فبراير المقبل . ويبرهن تراجع معدل التضخم الشهرى فى ديسمبر الماضى على سلامة وكفاءة السياسة النقدية فى تحقيق اهدافها ، لاسيما توقعاته بتراجع التضخم الى 13% فى نهاية 2018 ، ذلك الهدف الذى حدده - لاول مرة – للسياسة النقدية وذلك منذ مايو 2017 – عندما كان معدل التضخم يتجاوز 30% . « مشكلة التضخم تاريخية حيث تمثل المعضلة التى يعانى منها الاقتصاد المصرى على مدى نحو 60 عاما وهو السبب الذى يكبل الاقتصاد ، ويؤدى الى تعرض الجنيه لموجات من الهبوط كل عشر سنوات ، والسؤال هل ينجح برنامج الاصلاح الذى ينفذه البنك المركزى حاليا فى مكافحة هذا التضخم التاريخى ، بما يحافظ على استقرار قيمة العملة ، التى تدفع ثمن ارتفاع معدل التضخم كل عدة سنوات ، فارتفاع التضخم بالسوق المصرية يعنى ارتفاع تكاليف واسعار السلع ، ما يدفع الى الاستيراد بدلا من الانتاج المحلى للاستفادة من فارق الاسعار ، وهو ما يؤدى الى تحقيق عجز فى الحساب الجارى ، التعامل مع العالم الخارجى وبالتالى انخفاض قيمة الجنيه امام العملات الاجنبية ، لاشك ان معالجة مشكلة التضخم سيسهم فى إطلاق آفاق الاقتصاد المصرى للنمو المستدام « ،كما ان نجاح السياسة النقدية فى خفض معدل التضخم على مدى الاشهر الخمس الماضية ،ليصل الى ادنى مستوى له فى ديسمبر الماضى مسجلا سالب 0.37 % لاول مرة منذ اغسطس 2015 ، يعزز الثقة ويؤكد سلامة السياسة النقدية وقدرتها على كبح التضخم لاسيما بعد ان اصبح الهدف الاساسى للسياسة النقدية بعد ان تم تحرير سعر الصرف ، وتأكيد محافظ البنك المركزى طارق عامر على انه لم يعد ضمن اهداف السياسة النقدية استهداف سعر صرف محدد وتركه للسوق الحرة وفقا لآليات للعرض والطلب . كما اشار الى ان خفض التضخم والسيطرة عليه عند معدلات منخفضة ، من شأنه خفض الفائدة ومن ثم تشجيع الاستثمار و زيادة مساهمة صافى الصادرات فى الناتج ، واعادة ارتفاع الاستهلاك المحلى من جديد وهو ما يرفع مساهمته فى معدل النمو الاقتصادى بنحو 4% ليستعيد نسبة مساهمته بعد ان انخفض الى 2% ، بعد اجراءات الاصلاح الاقتصادى لارتفاع التكاليف والاسعار ، الى جانب خفض عجز الموازنة العامة بما يحفز بيئة النمو المستقر والمستدام بعيدا عن الصدامات التى يتعرض لها الاقتصاد كل عدة سنوات . تعزيز الشفافية يحسب للسياسة النقدية التى ينتهجها البنك المركزى حاليا لاسيما مع تنفيذ برنامج واجراءات الاصلاح ، تعزيز وترسيخ مبدأ الشفافية ، مع تبنى البنك المركزى نشر تقارير السياسة النقدية بشكل دورى ربع سنوى لرصد التطورات الاقتصادية مع نظرة مستقبلية وتوقعات حول الهدف الاساسى فى خفض التضخم ، بما يسهم فى تعزيز اتخاذ قرارات الاستثمار ودفع النشاط الاقتصادى بشكل عام .